مصر وسنغافورة يفتحان الباب لبناء سلاسل تربط آسيا بالشرق الأوسط وأفريقيا
السبت، 27 سبتمبر 2025 11:50 م
الرئيس السنغافورى: تحديث البنية التحتية وتطبيق إصلاحات اقتصادية جريئة تجعل القاهرة شريكًا واعدًا
خلال الزيارة التي قام بها ثارمان شانموجار أتنام، رئيس سنغافورة للقاهرة، الأسبوع الماضى، تم الاتفاق على أن العلاقات بين البلدين تمثل أساسًا لشراكة استراتيجية شاملة، تقوم على تكامل الخبرات والإمكانات، وتفتح المجال أمام بناء سلاسل قيمة تربط آسيا بالشرق الأوسط وأفريقيا، مع الإشارة إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد العمل على تحويل الزخم السياسي القائم إلى مشروعات عملية طويلة الأمد، تعزز من مكانة البلدين كمراكز إقليمية مؤثرة، وتخدم مصالح الشعبين على نحو يرسخ هذه العلاقة كنموذج ناجح للتعاون الدولي في عالم يموج بالتحديات، اخذا في الاعتبار أن مصر كانت من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال سنغافورة عام 1965 بل وكانت أول دولة عربية وإفريقية تقوم بذلك.
وفى المؤتمر الصحفى المشترك، اكد الرئيس عبد الفتاح السيسي وجود آفاق واسعة لتطوير التعاون الاقتصادي والاستثماري، مع سنغافورة في ظل ما تزخر به مصر من فرص متنوعة وجاذبة، كانت محل اهتمام العديد من الشركات السنغافورية خلال السنوات الأخيرة، مؤكدا انفتاح مصر على تقديم كل الدعم للاستثمارات السنغافورية وزيادة التبادل التجاري بين البلدين لوجود فرص واسعة لتنشيطه وتوسيع نطاقه.
وقال الرئيس السيسى: لا شك أن ما تملكه سنغافورة من إمكانيات كبيرة في مجال التجارة والاستثمار وما تملكه مصر من مقومات جاذبة للاستثمار، وما حققته من تقدم في تطوير بيئتها الاقتصادية خلال السنوات الأخيرة يؤهلنا إلى إقامة شراكة اقتصادية متميزة فيما بيننا تمتد أيضا إلى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، باعتبار مصر بوابة طبيعية لإنشاء شراكات نوعية بين مصر وسنغافورة في مشروعات استثمارية وتجارية في الكثير من دول الشرق الأوسط وإفريقيا.
ودعا الرئيس السيسى، المؤسسات والشركات العامة والخاصة في سنغافورة لضخ المزيد من الاستثمارات فى السوق المصرية، التي تشهد طفرة كبيرة فى العديد من المجالات مما أهلها لجذب استثمارات ضخمة فى السنوات الماضية من مختلف الدول؛ ومن بينها سنغافورة، لافتاً إلى أنه خلال اللقاء مع رئيس سنغافورة تم التأكيد على أهمية تنشيط تبادل الخبرات والبرامج التدريبية وبناء القدرات في العديد من المجالات التي تهم البلدين وعلى رأسها مجالات النقل البحري والجوي، وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات والحوكمة، والحفاظ على البيئة، والطاقة المتجددة وغيرها والتي قطعت فيها كل من مصر وسنغافورة أشواطا كبيرة خلال السنوات الماضية وسيكون من المفيد للجانبين تحديد المزيد من أوجه التعاون فيها.
الرئيس السنغافوري من جانبه، أشاد بالطفرة التنموية التي تشهدها مصر، وبما توفره من فرص واعدة للاستثمار، موجّهًا الدعوة إلى الرئيس السيسى للقيام بزيارة دولة إلى سنغافورة العام المقبل، بالتزامن مع الاحتفال بالذكرى الستين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، حيث اعرب الرئيس عن ترحيبه بالاستجابة لهذه الدعوة.
وقال رئيس سنغافورة "إن مصر كانت البلد العربي الأول الذي إعترف بسنغافورة عام 1965، والتي كانت خطوة لها معنى كبير لنا، ولن ننسى لمصر هذا الفضل"، مشيرا إلى أن زيارة الرئيس السيسي إلى سنغافورة عام 2015 كانت علامة فارقة في تاريخ العلاقات بين البلدين، وقال: "إننا نعتبر مصر صديقا قديما وعزيزا، وإتفقنا على تقوية أواصر العلاقات وإستشراف المستقبل".
وأشار إلى حرص مجتمع الأعمال في بلاده وتحمسه لاستكشاف فرص التعاون والإستثمار في مصر لزيادة الإستثمارات السنغافورية، والإستفادة من الميزات التنافسية المصرية وموقع مصر الإستراتيجي وقوة الشباب المصري، معربا عن أمله في اعتبار الشركات المصرية سنغافورة منصة للإنتقال والإستثمار في جنوب شرق آسيا، حيث تتمتع تلك الدول بناتج محلي يقدر بحوالي 4 تريليون دولار. وأكد رئيس جمهورية سنغافورة ثارمان شانموجار أتنام، أن مصر لديها إمكانات واعدة غير مستغلة، وأن هذا هو الوقت المناسب لدعم التعاون الاقتصادي بين البلدين، مُشيداً بالاستقرار الذي تحظى به مصر، ووضوح السياسات التي تطبقها.
والتقى رئيس سنغافورة، بالدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء الذى أعرب عن تطلعه لزيادة حجم التبادل التجاري بين الجانبين بما يتوافق مع العلاقات السياسية الوثيقة بين البلدين، وكذا زيادة معدلات التبادل السياحي، فضلاً عن جذب الاستثمارات المباشرة في قطاعات هامة مثل تحلية المياه، خاصةً في ظل تحقيق سنغافورة تقدماً كبيراً في هذا المجال.
وأشار مدبولى، إلى جهود تطوير المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وما تمنحه المنطقة الاقتصادية لقناة السويس من مزايا وحوافز، وكذا الجهود التي قامت بها الحكومة المصرية لتطوير البنية التحتية للموانئ المصرية، بما يساعد على جذب الشركات ذات الخبرة في مجال إدارة وتشغيل الموانئ، كما أشار إلى جهود الحكومة لطرح المطارات المصرية للقطاع الخاص للإدارة والتشغيل بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية التي تعمل كمستشار استراتيجي للحكومة في هذا الصدد.
وثمّن الرئيس السنغافوري جهود مصر في تحديث البنية التحتية وتطبيق إصلاحات اقتصادية جريئة، مؤكداً أن هذه الجهود تجعل من مصر شريكًا واعدًا في بناء سلاسل قيمة إقليمية وعالمية. وأشار إلى تطلع بلاده لتعميق التعاون في مجالات التعليم الفني والتدريب المهني، وإدارة وتشغيل الموانئ، وتبادل الخبرات في مجالات التكنولوجيا واللوجستيات.
وعلى هامش "منتدى الأعمال المصري السنغافوريتم توقيع مذكرة تفاهم ثلاثية مع الأكاديمية الوطنية للعلوم والمهارات (NASS) بجمهورية مصر العربية وخدمات التعليم التقني (ITEES) بجمهورية سنغافورة، بهدف تطوير التعليم الفني والتقني، وأكد محمد عبداللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، أن هذه الشراكة تأتي استكمالاً لجهود الدولة في بناء جيل مؤهل وقادر على المنافسة، مشيراً إلى أن التعاون مع شركاء دوليين مرموقين مثل ITEES والأكاديمية الوطنية للعلوم والمهارات يعزز من مكانة مصر الإقليمية والدولية في مجال التعليم الفني والتقني.
وتتمثل أبرز أهداف مذكرة التفاهم في ضمان الجودة، من خلال اعتماد نموذج التميز العالمي للتعليم والتدريب المهني (GEMSET) داخل مدارس التكنولوجيا التطبيقية، فضلا عن تطبيق المعايير العالمية، وذلك عبر تنفيذ شهادات مؤهلات المهارات الدولية (ISQ) بما يعزز جودة التعليم الفني المصري ومخرجاته، كما تهدف المذكرة أيضا إلى تعزيز القدرة التنافسية للخريجين، بإتاحة فرص أكبر للحصول على وظائف في أسواق العمل الإقليمية والدولية.
ويشمل نطاق تعاون المذكرة الثلاثية، تطوير البنية التحتية للتعليم الفني والتقني، وتنمية قدرات القيادات والكوادر التعليمية، والتطوير الأكاديمي وضمان الجودة، فضلا عن الترخيص وإصدار الشهادات، بما في ذلك المجالات الاستشارية الأخرى ذات صلة بالبرنامج.
من جانبه أكد المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، أن العلاقات المصرية–السنغافورية تمتلك إمكانات استراتيجية تتجاوز ما تحقق حتى الآن، مشيرًا إلى أن الحكومة المصرية ترى في التعاون مع سنغافورة فرصة لتعزيز جهودها في مجالات التحول الرقمي، وتطوير الموانئ، والطاقة المتجددة، وتحلية المياه. كما عرض الوزير الفرص الاستثمارية الواعدة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس باعتبارها منصة إقليمية متكاملة تربط آسيا بأفريقيا وأوروبا.