خطة ترامب.. جمرٌ تحت الرماد ومناورة حماسية تُثير تباينات دولية وسياسية

السبت، 04 أكتوبر 2025 01:25 م
خطة ترامب.. جمرٌ تحت الرماد ومناورة حماسية تُثير تباينات دولية وسياسية
ترامب
هانم التمساح

يقول أحمد يوسف صالح، القيادي في حركة حماس ومستشار رئيس الوزراء الفلسطيني الراحل إسماعيل هنية إن «سيحفظ التاريخ أن حماس استجابت لنداءات النازحين ونصائح القادة العرب والمسلمين، واحترمت الإجماع الوطني الفلسطيني. فالسياسة في جوهرها فن الممكن».
 
وخطة الرئيس الأمريكي ترامب جاءت — في وصف كثيرين — كجمرٍ دفين في عمق الأحداث: لها قدرة على التحوّل إلى لهب إذا ما توافرت عوامل ذلك. موقف حماس من الخطة لم يكن رفضًا قاطعًا، خصوصًا بعد جهود وساطات مكثفة من مصر وقطر وتركيا؛ لكن ذلك لا يعني ثقة كاملة من جانب الحركة إزاء الاحتلال أو واشنطن، ولا يعني أيضًا التخلي البسيط عن سلاح المقاومة، بل بدا أن الحركة «رمت الكرة» إلى ملعب نتنياهو وواشنطن اللتين لم تلتزما حتى اللحظة بوقف لإطلاق النار.
 
بيان حماس تلَقَّى ترحيبًا دوليًا واسعًا، وهو ما أنقذ الحركة من تبعات عزلة دولية محتملة لو كانت اختارت الرفض الصريح للخطة. كما أن الرفض كان سيعرّضها لفقدان جزء من الحاضنة الشعبية التي تعتمد عليها، ولم تنسَ الحركة توجيه الشكر لمصر وباقي الوسطاء، مع إقرار داخلي بعدم اليقين من «مكر» نتنياهو.
 
لا تُعد خطة ترامب الأولى من نوعها في تاريخ صراع المنطقة مع قوى الاستعمار؛ فقد سبق أن طُرحت مبادرات شبيهة في فلسطين والعراق وباءت جميعها بالفشل، لتبقى ذكرى هذه الخطط فصولًا في سجلات التاريخ، ووقودًا لاستمرار نضال الشعوب من أجل التحرر والاستقلال. فالتاريخ يذكر، مثلاً، مقترحات العام 1935 البريطانية بتشكيل هيئات تشريعية في فلسطين، والتي سرعان ما لاحت شرارة الثورة الفلسطينية الكبرى (1936–1939).
 
في سياق أوسع، تُشير أمثلة حديثة مثل احتلال العراق وقرارات ما بعده إلى أن الحلول السياسية المفروضة خارج إرادة الشعوب قد تنحرف إلى تفاقم الأزمات وتوليد فوضى، ومع ذلك، يظل خيار القبول بالخطة أمام حكومات ومنظمات محمولة على ضغوط إنسانية وسياسية تُجبرها أحيانًا على اختيار «الأقل سوءًا» لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من حياة المدنيين والبنى التحتية.
 
أحداث السابع من أكتوبر كشفت عن أزمة أعمق في المشروع الإمبريالي بالمنطقة، من خلال الوجه الاستيطاني للكيان الصهيوني وسعيه التوسعي، ما يجعل الحلول الجزئية عاجزة عن معالجة جذور المشكلة. ولذلك تبدو الخطة الأمريكية، في نظر كثيرين، محاولة لتجريد المقاومة من سلاحها ليس فقط في فلسطين بل أيضًا في أماكن أخرى مثل لبنان، وهو ما يثير مخاوف حماس من غدر الاحتلال بعد تسليم بعض الأسرى أو تنفيذ بنود الاتفاق.
 
من هنا جاءت مناورة حماس في صياغة بيان القبول: قبول مشروط ومتحفظ يوازن بين ضغوط إنسانية وسياسية داخلية وإقليمية، وفي نفس الوقت يحافظ على شروطها المرتبطة بالثوابت الوطنية والحق في المقاومة. الحركة تسعى، عبر هذا الموقف، إلى الحفاظ على تماسك الحاضنة الشعبية وتفادي عزلتها الدولية، مع إبقاء هامش للمناورة تحسبًا لأي مخاطر قد تفرضها إجراءات الاحتلال أو خيانات محتملة في مسار التنفيذ.
 
في النهاية، تظل الخطة مثل جمر تحت الرماد: قد تُطفِئ حريقًا إنسانيًا مؤقتًا، أو تتحول إلى لهبٍ يشتعل إذا ما فشلت الضمانات أو غاب الالتزام الدولي الحقيقي. والمشهد يتطلب يقظة سياسية من الفصائل والشعوب معًا، وقدرةً على التمييز بين النجدة المؤقتة والرضوخ للتسويات التي تمحو الحقوق الأساسية.
 
 
 
وتتواصل ردود الأفعال الدولية بعد موافقة حماس مساء الجمعة على خطة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لوقف حرب الإبادة التى تشنها دولة الاحتلال على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023. وأبدت حركة حماس موافقتها على تسليم جميع الرهائن الذين فى حوزتها فى بيان نشرته أمس الجمعة.
 
وأعلنت حركة حماس أنها أجرت سلسلة مشاورات واسعة على المستويين الداخلي والخارجي، شملت مؤسساتها القيادية، والقوى والفصائل الفلسطينية، إلى جانب الوسطاء والأطراف الصديقة، وذلك فى إطار بحث الموقف من الخطة التي قدمها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بشأن غزة.
 
وقالت الحركة، في بيان لها، إنها "انطلاقاً من المسئولية الوطنية وحرصاً على وقف العدوان وحرب الإبادة التي يتعرض لها شعبنا في قطاع غزة، اتخذت قرارها وسلمت ردها إلى الوسطاء".
 
وجاء في نص الرد أن حماس "تقدّر الجهود العربية والإسلامية والدولية، وكذلك جهود الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، الداعية إلى وقف الحرب على قطاع غزة، وتبادل الأسرى، وإدخال المساعدات الإنسانية بشكل فورى، ورفض احتلال القطاع أو تهجير سكانه".
 
وأضافت الحركة أنها، "وبما يحقق وقف الحرب والانسحاب الكامل من القطاع، تعلن موافقتها على الإفراج عن جميع أسرى الاحتلال، سواء كانوا أحياء أو جثامين، وفق صيغة التبادل الواردة في مقترح الرئيس ترامب، ومع توفير الظروف الميدانية الملائمة لعملية التبادل". وأكدت استعدادها "للدخول فوراً عبر الوسطاء في مفاوضات لمناقشة تفاصيل هذه العملية".
 
كما جددت حماس موافقتها على تسليم إدارة قطاع غزة إلى هيئة فلسطينية من المستقلين (تكنوقراط)، يتم تشكيلها على أساس التوافق الوطني الفلسطيني، وتحظى بدعم عربي وإسلامي.
 
وبشأن القضايا الأخرى الواردة في المقترح، والمتصلة بمستقبل غزة وحقوق الشعب الفلسطيني، شددت الحركة على أن "هذه الملفات مرتبطة بموقف وطني فلسطيني جامع، وبالاستناد إلى القوانين والقرارات الدولية ذات الصلة"، مؤكدة أنها ستكون جزءاً من هذا الإطار الوطني وستشارك فيه "بكل مسؤولية".

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق