«النهر الجديد».. شريان أمل تشقه مصر في زمن المشهد المائي المربك

السبت، 04 أكتوبر 2025 06:04 م
«النهر الجديد».. شريان أمل تشقه مصر في زمن المشهد المائي المربك
طلال رسلان

في الوقت الذي تتصاعد فيه التحديات المائية وتزداد المخاوف من تبعات سد النهضة الإثيوبي، تتحرك مصر بخطة طموحة نحو مشروع استراتيجي ضخم يحمل اسم «النهر الجديد»، ليكون بمثابة شريان حياة موازٍ للنيل يربط بين الماضي والمستقبل، وبين الخطر والنجاة.
 
خلال الأسابيع الأخيرة، عاشت محافظتا المنوفية والبحيرة حالة استنفار مائي بعد أن غمرت مياه النيل أكثر من 1100 فدان من الأراضي الزراعية، لتتحول الحقول إلى بحيرات راكدة، والمنازل إلى جزر محاصرة بالمياه.
 
الحكومة من جانبها أكدت أن هذه الأراضي تقع ضمن نطاق طرح النهر، وأنها حذّرت مسبقًا من مخاطر الفيضان، خصوصًا بعد زيادة تصريف المياه القادمة من الهضبة الإثيوبية.
 
رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي شدّد على ضرورة التزام المواطنين بالتعليمات حفاظًا على الأرواح، بينما أعلنت وزارة الري أن فرقها الميدانية تعمل على مدار الساعة لرصد المناسيب وإنقاذ المتضررين بالتعاون مع الحماية المدنية.
 
لكن في ظل هذا المشهد المائي المربك، برز مشروع «النهر الجديد» كواحد من أكثر المشروعات طموحًا في تاريخ مصر الحديث، لتأمين الأمن المائي والزراعي في مواجهة المتغيرات المناخية وسيناريوهات النقص القادمة من أعالي النيل.
 
مصدر مسؤول بوزارة الموارد المائية كشف أن المشروع يمتد لأكثر من 170 كيلومترًا، وينقل المياه المعالجة من محطات بحر البقر والمحسمة إلى مناطق الدلتا الجديدة وشرق العوينات وصولًا إلى الشيخ زايد و6 أكتوبر.
 
Capture
 
 
المشروع لا يُعد مجرد قناة ري، بل منظومة متكاملة تعتمد على محطات رفع عملاقة، وشبكات ري ذكية، وتكنولوجيا للتحكم عن بُعد، تضمن استدامة تدفق المياه وتقليل الفاقد.
 
الخبير المائي عباس شراقي يرى أن "النهر الجديد ليس مشروعًا تنمويًا فقط، بل خطوة دفاعية استراتيجية"، موضحًا أنه يهدف إلى تقليل الضغط السكاني والمائي عن دلتا النيل التي تواجه خطر التملح والتغير المناخي.
 
ويضيف أن المشروع "يمثل ردًا عمليًا على التصرفات الأحادية لإثيوبيا في إدارة سد النهضة"، مؤكدًا أن القاهرة تتحرك اليوم وفق رؤية جديدة تركز على الاستثمار الداخلي في كل قطرة مياه متاحة.
 
رغم الانتقادات والمخاوف من التكلفة وحجم التحديات الفنية، ترى الحكومة المصرية أن النهر الجديد هو مشروع بقاء، وليس رفاهية.
 
فبين فيضانات الجنوب وسدود الهضبة، وبين عطش الدلتا وتغير المناخ، اختارت القاهرة أن تصنع طريقًا ثالثًا نحو الأمان المائي.
 
وبات واضحا أن "النهر الجديد" ليس مجرد مشروع هندسي، بل خطة إنقاذ وطنية تسعى لتأمين مستقبل المياه والغذاء لمئة مليون مصري في زمن تتبدل فيه المعادلات المائية وتضيق فيه مساحة الأمان.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق