الدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية لـ"صوت الأمة": نحارب الإلحاد بالحوار.. وتجديد الخطاب الديني لا يعني تغيير الثوابت والأصول
السبت، 04 أكتوبر 2025 08:00 م
الشرع لا يمنع المرأة من الأفتاء إذا كانت مؤهلة علميًا.. والدار بها أمينات للفتوى ضمن صفوف العاملين
نواجه فوضى الفتوى على منصات التواصل الاجتماعي بخطة شاملة.. ونعتمد على استخدم التقنيات الحديثة، لإيصال الخدمات الإفتائية
نشجع أمناء الفتوى على استخدم الوسائل الحديثة لإيصال المقاصد الشرعية بأسلوب مبسط يراعي لغة العصر
قانون الفتوى الجديد يحدد من له حق الإفتاء.. ولدينا آليات لمعاقبة "أبناءنا" المخالفين واستراتيجية لتأهيل متصدري الفتوى
وحدة "حوار" في 2024 استقبلت 1485 حالة عن العقيدة والإلحاد ومشكلات نفسية واجتماعية وشبهات دينية
العام الماضى نفذنا 65 برنامجًا ودورة تدريبية لـ11 ألف متدربًا من 25 دولة و17 دورة إلتكرونية لـ9947 متدرب
عقدنا 230 جلسة علاج زواجى لحل الخلافات الأسرية وقدمنا 3400 جلسة إرشادية في عام بنسبة رضا تجاوزت 97%
في ظل التحديات الفكرية والدينية التي تواجهها المجتمعات العربية والإسلامية، تبرز دار الإفتاء المصرية كإحدى أهم المؤسسات الدينية التي تحمل على عاتقها مسؤولية التصدي للفكر المتطرف، وتجديد الخطاب الديني، وترسيخ قيم الوسطية والاعتدال.
ومن خلال جهودها العلمية والميدانية والإعلامية، استطاعت الدار أن ترسم لنفسها دورًا محوريًا في حماية المجتمع من الأفكار الهدامة ومواجهة فوضى الفتاوى على منصات التواصل الاجتماعي.
في هذا الحوار، يتحدث الدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية، عن خطط الدار لمواجهة التطرف والإلحاد، وجهودها في ضبط الفتوى وتجديد الخطاب الديني، وصولًا إلى دورها في تعزيز الوعي الأسري ودعم القضايا القومية وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
ما أهم خطط دار الإفتاء المصرية في مواجهة الفكر المتطرف؟
تتبنى دار الإفتاء المصرية رؤية شاملة لمواجهة الفكر المتطرف تجمع بين الجوانب العلمية والميدانية والفكرية والإعلامية في إطار استراتيجية وطنية تهدف إلى ترسيخ قيم الوسطية ونشر الوعي الصحيح بالديني، فعلى الصعيد الميداني، ننفذ قوافل ومجالس إفتائية منتظمة في المحافظات والمناطق الحدودية، يشارك فيها أمناء الفتوى لتصحيح المفاهيم المغلوطة وتفنيد الأفكار المتشددة التي تستغلها الجماعات المتطرفة لتضليل الناس.
وعلى المستوى الفكري والعلمي، فقد أنشأت الدار مركز سلام لدراسات التطرف ومواجهة الإسلاموفوبيا ولذي يعد أحد أبرز الأذرع العلمية للدار، إذ يتولى دراسة الظواهر المرتبطة بالتطرف وتحليله وتفكيكه، كما يصدر بحوثًا علمية ومراجع مهمة، كما أصدرت الدار موسوعة مهمة وهي "الدليل المرجعي لمواجهة التطرف" الذي يقدم رؤية متكاملة لتفنيد الفكر المتشدد وتحقيق الحماية الفكرية للمجتمع.
كما طورت الدار حضورها الرقمي عبر موقعها الإلكتروني ومنصاتها على وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الفتوى الموثوقة ومواجهة الشبهات التي تروجها الجماعات المتطرفة، كما تولي اهتمامًا كبيرًا بتأهيل الكوادر العلمية من خلال مركز التدريب وبرامج إعداد المفتين التي تركز على مهارات الإفتاء المعاصر والتعامل مع التحولات الرقمية والذكاء الاصطناعي، ومواجهة الفكر المتطرف.
بالإضافة إلى أن للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم جهودًا كبيرًا في هذا الإطار إذ تمثل منصة عالمية للتعاون في مواجهة الفكر المتطرف والإسلاموفوبيا من خلال عدة مراكز مثل: مركز الإمام الليث بن سعد لفقه التعايش، ومركز فتاوى وبحوث المجتمعات المسلمة وغيرهما.
هل هناك آليات معينة تقوم بها دار الإفتاء لتجديد الخطاب الديني؟
كثيرًا ما أكدنا أن تجديد الخطاب الديني لا يعني بحال من الأحوال تغيير الثوابت أو المساس بالأصول، بل يتمثل في تجديد أساليب العرض ووسائل الخطاب بما يواكب تطورات العصر ويخاطب الناس بوعي وحكمة تتناسب مع واقعهم.
وفي هذا الإطار، نتبنى مجموعة من الآليات العملية لتحقيق هذا الهدف، من أبرزها تطوير برامج إعداد المفتين من خلال إدخال مناهج متعددة التخصصات تجمع بين العلوم الشرعية واللغوية والإنسانية والاجتماعية، ليكتسب المفتي أدوات الفهم العميق لمشكلات الواقع وقدرة على التواصل الفعال مع المجتمع.
كما نعمل على تأهيل أمناء الفتوى إعلاميًّا وتقنيًّا لتمكينهم من استخدام الوسائل الحديثة في إيصال المقاصد الشرعية بأسلوب مبسط يراعي لغة العصر وشكل الخطاب الموجَّه إلى فئات المجتمع المختلفة، خاصة الشباب، وقد برز هذا بوضوح في الأنشطة الإعلامية والتوعوية التي تطلقها الدار عبر منصاتها الرقمية، والتي تتناول قضايا الفكر والعبادة والأسرة بأسلوب علمي جذاب.

وماذا عن دوركم في التصدي للإلحاد؟
إننا نقوم بدور مؤثر في التصدي لظاهرة الإلحاد عبر رؤية شاملة تجمع بين الحوار والعلم والدعم النفسي والفكري، ومن أبرز أدواتها في هذا المجال وحدة "حوار"، وهي وحدة متخصصة أنشأتها الدار للتعامل مع التساؤلات الفكرية والعقائدية والشبهات المعاصرة، وتستقبل مئات الحالات شهرياً من مختلف الفئات العمرية والاجتماعية، وتعتمد الوحدة على منهج علمي يجمع بين الشريعة وعلم النفس والاجتماع، ويقوم على الإصغاء، ثم الحوار والإقناع بالحجة والدليل.
وقد حققت الوحدة خلال عام 2024 إنجازات ملحوظة في معالجة قضايا الإلحاد والتشكيك، حيث استقبلت نحو 1485 حالة متنوعة ما بين تساؤلات حول العقيدة، والإلحاد، ومشكلات نفسية واجتماعية، وشبهات دينية.
إلى جانب إصدارها مؤلفات توعوية نوعية، من أبرزها "الدليل الإرشادي للرد على أسئلة الأطفال الوجودية"، الذي يعد مرجعا تربويا يهدف إلى مساعدة الآباء والمربين على التعامل السليم مع تساؤلات الأطفال حول الإيمان والخلق والوجود بطريقة علمية تربوية هادئة، بعيدًا عن القمع أو التهوين.
على مدار سنوات عانت المحافظات المصرية من الفتاوى الشاذة والمتطرفة.. فماذا فعلتم؟
عملنا من خلال فروع دار الإفتاء في المحافظات الفرصة لراغبي الفتوى من أهلها أن يتوجهوا إليها للسؤال عما يشغل أذهانهم والاستفادة من الخدمات الإفتائية التي تقدمها، بهذا الشكل تقلل الحاجة إلى اللجوء إلى فتاوى مشكوك فيها وفتاوى غير المتخصصين، ولدينا فروع في الإسكندرية، وأسيوط، وبني سويف، ومرسى مطروح، طنطا من بين محافظات أخرى.
ويأتي الهدف الأساسي من هذه الفروع هو سد الطريق أمام الفتاوى المجهولة أو المتطرفة المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال تقديم إجابات علمية منضبطة تصدر عن أمناء فتوى مؤهلين علميًا وشرعيًا ومدربين وفق منهجية علمية موحدة.
وهل هناك تنسيق بين المؤسسات الدينية الثلاث لضبط الخطاب الديني؟
تقوم العلاقة بين المؤسسات الدينية الثلاث (الأزهر الشريف، ودار الإفتاء المصرية، ووزارة الأوقاف)، على التكامل والتنسيق؛ فلكل مؤسسة دورها المحدد داخل المنظومة الدينية والفكرية للدولة، بما يسهم في تحقيق وحدة الخطاب الديني واستقراره، نعمل معًا في إطار من التعاون الكامل من خلال برامج ميدانية وعلمية مشتركة، أبرزها القوافل الدعوية التي تجوب مختلف محافظات الجمهورية، وصولًا إلى المناطق الحدودية في شمال سيناء.
وهناك يتم تنظيم المجالس الإفتائية الأسبوعية بالتنسيق بين المؤسسات الثلاث، كما تشارك دار الإفتاء بفعالية في هذه القوافل، حيث تضم نخبة من علماء الأزهر، وأمناء الفتوى بالدار، ودعاة الأوقاف، لتقديم الخطب والندوات والمجالس الإفتائية المجتمعية، ويهدف هذا التعاون إلى توحيد المنهج، وتقديم خطاب ديني رشيد يجمع بين الالتزام بالنصوص الشرعية ومراعاة متغيرات الواقع وظروفه.
مؤخراً أطلقت وزارة الأوقاف مبادرة "صحح مفاهيمك" هل لكم دور فيها؟
نحن في دار الإفتاء المصرية نثمن مثل هذه المبادرات المهمة وفي إطار تنسيق الجهود يشارك أمناء الفتوى من دار الإفتاء في الندوات واللقاءات الميدانية والمجالس الإفتائية في المساجد، من أجل تصحيح المفاهيم وإزالة الشبهات، ومن خلال الإجابة عن تساؤلات رواد المساجد في المجالس الإفتائية؛ فإننا نسعى إلى بناء الوعي الصحيح وإيضاح الكثير من المفاهيم الملتبسة لدى البعض بمفاهيم شرعية صحيحة متسقة مع مقاصد الشريعة وقيم المجتمع.
ونحن نؤمن أن الفتوى ليست مجرد بيان حكم شرعي، بل أداة أساسية لبناء الإنسان على المستويين الفردي والمجتمعي، وتهدف إلى توجيه الإنسان نحو الالتزام بالقيم الدينية والأخلاقية، وغرس مفاهيم الاستقرار والتوازن في حياته، بما يعزز من قدرته على التفاعل الإيجابي مع المجتمع، ومن هنا، أؤكد أننا نسعى إلى أن تكون الفتوى أداة عملية لبناء الإنسان، لا مجرد رد على أسئلة، بل وسيلة لترسيخ القيم الصحيحة، وتنمية الوعي، وإعداد جيل ملتزم قادر على مواجهة تحديات العصر بالعلم والدين معًا.
البعض يرجع فوضى الفتاوى إلى ضعف كفاءة المفتيين وفشلهم في الرد على الحجج والإقناع.. ما ردكم؟
إننا نعمل في إطار استراتيجية واضحة الملامح على تأهيل المفتين داخل مصر وخارجها من خلال برامج تدريبية متخصصة، تهدف إلى تطوير مهاراتهم الشرعية والتقنية، تشمل دورات تدريبية تمتد إلى ثلاث سنوات، تجمع بين العلوم الشرعية واللغوية والإنسانية مثل: علم الاجتماع وعلم النفس والفلسفة والمنطق، مما يسهم في تكوين شخصية المفتي القادر على استيعاب الواقع والتعامل مع القضايا المعاصرة بوعي وشمول.
ونحن في عام 2024، نفذنا من خلال إدارة التدريب بالدار 65 برنامجًا ودورة تدريبية، بإجمالي 10,993 ساعة تدريبية، استفاد منها 11,292 متدربًا من 25 دولة، موزعة بين التدريب المباشر والإلكتروني، كما تم عقد 48 دورة تدريب مباشر بإجمالي 5,188 ساعة تدريبية شارك فيها 1,345 متدربًا، فيما بلغ عدد الدورات الإلكترونية 17 دورة بإجمالي 5,805 ساعات تدريبية استفاد منها 9,947 متدربًا.
من بين البرامج المتميزة التي تقدمها الدار، موقع "إعداد المفتين عن بعد"، الذي يهدف إلى تأهيل طلبة العلم الشرعي والمتخصصين الراغبين في التصدر للفتوى، وبلغ إجمالي ساعات التدريب لهذا البرنامج 2,900 ساعة، واستفاد منه 5,113 متدربًا.
ويجد الإشارة إلى أن هناك مواصفات في متصدري للفتوى، القائم بعملية الإفتاء له مواصفات أساسية لضمان صحة الفتوى وموثوقيتها، أولها: إتقان العلم الشرعي العميق بالكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقواعد الفقه وأصوله، كما يجب أن يكون المفتي ملمًا بالواقع الاجتماعي والاقتصادي والنفسي للمستفتيين، ليتمكن من تقديم فتوى عملية تتناسب مع ظروفهم، ويجب أن يتحلى المفتي أيضًا بالورع والتقوى، والقدرة على التواصل والإقناع، والحياد، والقدرة على الترجيح بين الآراء الفقهية المختلفة.
وماذا عن تصدر المرأة للفتوى؟
من حيث المبدأ الشرعي لا مانع في الاستعانة بالمرأة في مسائل الفتوى التي تهم المرأة وما عداها إذا كانت مؤهلة علميًا وشرعيًا، وكان العمل في إطار ضوابط علمية ومؤسسية، بل إن دار الإفتاء المصرية قد خطت خطوات رائدة في هذا الاتجاه، فقد تم تأهيل عدد من أمينات الفتوى والباحثات ضمن صفوف العاملين في دار الإفتاء في إطار سعيها لتفعيل دور المرأة في المجالات الشرعية والإفتائية.
وهذا التوجه يعكس إيمان دار الإفتاء المصرية بقدرة المرأة على الإسهام الفاعل في المجال الديني، ويأتي في إطار رؤية شاملة لتعزيز دور المرأة في المجتمع المصري، بما يتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية التي لا تميز بين الرجل والمرأة في مجال العلم والعمل.

على مدار سنوات تعج "السوشيال ميديا" بآلاف الفتاوى الشاذة.. فماذا فعلت الدار؟
لقد وضعت دار الإفتاء خطة شاملة لمواجهة فوضى الفتوى على منصات التواصل الاجتماعي، تجعل من فروع الدار المنتشرة في جميع المحافظات خط الدفاع الأول لتوعية المواطنين وتصحيح المفاهيم المغلوطة للوصول للمواطنين، بالتوازي مع استخدم المنصات الرقمية والتقنيات الحديثة، لإيصال الخدمات الإفتائية إلى المستفتيين في كل مكان وكذلك رصد الفتاوى الشاذة المنتشرة والرد عليها وتصحيحها، إضافة إلى ذلك، نحرص على تأهيل المفتين بشكل مستمر، لتزويدهم بالمعرفة الشرعية والمهارات التقنية والإعلامية التي تمكنهم من مواجهة أي فتاوى مضللة.
وتشمل الاستراتيجية التعاون والتنسيق مع وسائل الإعلام، خاصة المرئية، باعتبار أن الإعلام شريك أصيل في بناء الوعي الديني الرشيد وتصحيح المفاهيم المغلوطة، ولا يمكن أن نغفل دوره في توجيه الرأي العام، لذلك نولي اهتمامًا كبيرًا بضرورة ضبط من يظهر على الشاشات للحديث في أمور الفتوى، بما يضمن أن يكون المتحدث مؤهلًا علميًا وملتزمًا بمنهج دار الإفتاء الوسطي المعتمد.
ولهذا تعمل دار الإفتاء في تنسيق مستمر مع المؤسسات الإعلامية للتأكيد على أن التصدي للفتوى يجب أن يكون من خلال المؤهلين رسميًا من العلماء والمفتين الذين تلقوا تدريبًا علميًا ومنهجيًا داخل الدار، وأن يلتزموا بالمعتمد الفقهي والشرعي الذي تقره دار الإفتاء المصرية.
وفي حال صدور أي فتاوى شاذة أو مغلوطة من خارج الإطار الرسمي، فإن دار الإفتاء تتعامل معها فورًا بالرد والتصحيح عبر بيانات رسمية ومنصاتها الإعلامية المتعددة، لتوضيح الحكم الشرعي الصحيح للجمهور.
وما هي آليات التعامل مع الفتاوى الشاذة والمتطرفة؟
الفتوى مسؤولية عظيمة وواجب شرعي وأمانة علمية، ومن ثم لدينا آليات واضحة للتأكد من التزام جميع أمناء الفتوى بالقواعد الفقهية والمنهجية الشرعية، فبالنسبة للمفتين التابعين للدار، لدينا المعتمد للفتوى، وتحكمه وثيقة رسمية ومرجع يلزم جميع أمناء الفتوى بالأسس العلمية والمنهجية التي يجب أن يتبعوها عند إصدار الفتاوى، وفي حال خروج أي مفت عن هذه القواعد، يتم التحقيق أولًا، ومن ثم اتخاذ الإجراءات التأديبية اللازمة، والتي قد تتضمن التنبيه، وإعادة التدريب، أو حتى الإيقاف عن العمل بحسب جسامة المخالفة، كما يتم تعزيز التوجيه والتدريب المستمر لضمان عدم تكرار أي خطأ فقهي.
وبالنسبة لغير التابعين للدار، فالقانون الجديد للفتوى رقم 86 لسنة 2025 يحدد الجهات المخولة بإصدار الفتاوى، مثل دار الإفتاء، وهيئة كبار العلماء بالأزهر، ولجان الفتوى بوزارة الأوقاف، ويضع عقوبات واضحة على المخالفين. بالإضافة إلى ذلك، نسعى في الدار من خلال التوعية المجتمعية والإعلامية إلى تعريف المواطنين بالجهات الرسمية المصرح لها بالفتوى وتمكينهم من التمييز بين الفتاوى الموثوقة والشاذة.

للفتوى دور في تحقيق الحماية المجتمعية للأسر المصرية.. فما هي رؤية دار الإفتاء في هذا الشأن؟
تقوم رؤية دار الإفتاء على أن الأسرة هي الركيزة الأولى للمجتمع، وأن الفتوى يجب أن تعمل على صون الأسرة وتعزيز أواصرها، ومن أبرز الجهود التي تقوم بها الدار في هذا الإطار وحدة الإرشاد الزواجي والأسري، وهي وحدة متخصصة تعنى بحل المشكلات الزوجية والأسرية وتقديم الدعم والإرشاد للأزواج والمقبلين على الزواج، ويعمل بها فريق من العلماء والمتخصصين في الشريعة وعلم النفس والاجتماع، يجمعون بين التأصيل العلمي والخبرة الواقعية، ويتعاملون مع القضايا الأسرية بمنهج يقوم على الفهم والحوار والإقناع وتغليب المصلحة الأسرية.
وقدمت الوحدة خلال عام 2024 ما يزيد على 3400 جلسة إرشادية زواجية بنسبة رضا تجاوزت 97%، كما توسعت في نشاطها الإلكتروني عبر حملات توعوية تهدف إلى ترسيخ الوعي الأسري.
وفي جانب الوقاية، أطلقت دار الإفتاء برنامج تأهيل المقبلين على الزواج، وهو برنامج متكامل يمتد على مدى ستة أسابيع يتناول الجوانب الشرعية والنفسية والاجتماعية والتربوية لبناء حياة زوجية قائمة على المودة والرحمة، ومن بين برامجه المتميزة برنامج "عشرة العمر" الذي نفذ في عدد من المحافظات وإلكترونيا.
كما تعمل الدار على حل الخلافات الأسرية بعد الزواج من خلال جلسات علاجية وإرشادية منتظمة، حيث قدمت خلال العام الماضي نحو 230 جلسة علاج زواجي، إلى جانب وحدة خاصة لمعالجة قضايا الطلاق بالتعاون بين علماء الشريعة وخبراء علم النفس والاجتماع لتحديد الحالات وتقديم الحلول الشرعية والعلمية المناسبة.

في النهاية يبقى الحد الأهم "القضية الفلسطينية.. ما الدور الذي تقوم به دار الإفتاء لدعم القضية؟
موقفنا ثابت وواضح، فدعم القضية الفلسطينية واجب شرعي وإنساني وقومي، وبالفعل خاطبنا العالم عبر الكثير من البيانات والمشاركات الدولية بالاعتداءات وتؤكد حق الشعب الفلسطيني في الكرامة والمقاومة والثبات، كما عملنا على إبراز البعد الإنساني للأزمة والدعوة للمؤازرة والوقوف مع الفلسطينيين بالقول والعمل، والتأكيد على أن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني اختبار لصدق العالم في ادعاء السلام والإنسانية.
وها هي مؤسسة الأزهر الشريف وعلى رأسها فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب من أبرز الأصوات الداعمة للقضية الفلسطينية على مستوى العالم الإسلامي، وقد اتسمت مواقف فضيلته بالوضوح والرصانة الشرعية والإنسانية، اتساقاً مع مسؤولية الأزهر التاريخية بكونه منبرًا أخلاقيًا حضاريًا يدافع عن حقوق المظلوم ويواجه أي تبرير للعنف ضد المدنيين، كما يسعى لتوحيد الكلمة الإسلامية في نصرة القدس والشعب الفلسطيني، وأود هنا أن أثمن التعاون والتكامل بين الأزهر ودار الإفتاء والاوقاف وكافة مؤسسات الدولة المصرية في هذا المضمار، فالتنسيق بين المؤسسات الدينية المصرية يجعل الموقف أقوى وأكثر تأثيرًا إقليميًا ودوليًا.