صوت لن يتكرر.. كيف صنع علي زيوار مدرسة التعليق العفوي في مصر؟
الأربعاء، 08 أكتوبر 2025 10:14 ص
أحمد سامي
توافق اليوم الأربعاء 8 أكتوبر، الذكرى العشرين لرحيل المعلق الرياضي الكبير علي زيوار، أحد رموز التعليق الرياضي في مصر والعالم العربي، وصاحب البصمة الذهبية في تاريخ الميكروفون الكروي، الذي رافق أجيالًا من عشاق الساحرة المستديرة بعباراته الخالدة وصوته المميز.
من ملاعب الأهلي إلى مدرجات المجد
وُلد علي زيوار في 22 مارس 1922، وتخرّج في الكلية الحربية عام 1946 حاصلًا على بكالوريوس العلوم العسكرية. بدأ مشواره لاعبًا في النادي الأهلي خلال الأربعينيات، قبل أن يعتزل عام 1949 ويتجه إلى التحكيم، ثم إلى العمل الإداري، حيث شغل منصب مدير الكرة بالنادي الأهلي من عام 1958 حتى 1966.
بداية الأسطورة
في عام 1959، انتقل علي زيوار إلى عالم التعليق الرياضي، ليبدأ رحلة جديدة حملت اسمه إلى كل بيت في مصر.
صوته العذب وتعليقاته العفوية جعلته أحد أشهر المعلقين في الوطن العربي، خصوصًا في فترة السبعينيات والثمانينيات، حيث رافق الجماهير في أهم المباريات المحلية والدولية، بينها مونديال إسبانيا 1982 الذي زادت فيه شهرته بشكل واسع.
"إيه الحلاوة دي!".. عبارات صنعت البهجة
لم يكن علي زيوار مجرد صوت يصف مجريات المباريات، بل كان حالة فنية خاصة تمزج بين الحس الرياضي والموهبة الأدبية، فيحوّل اللقاء الكروي إلى عرض ممتع تتناغم فيه الكلمة مع اللحظة.
بصوته المميز وتعليقاته العفوية التي خرجت من القلب، رسم زيوار صورة فريدة للتعليق الرياضي في مصر، ومن أشهر عباراته التي لا تزال تتردد حتى اليوم: "إيه الحلاوة دي"، و"يا ولد يا ولد يا ولد"، و"أنا مش متكيف من الماتش ده"، و"إحنا بقى بتوع اللغات" — عبارات بسيطة، لكنها أصبحت جزءًا من ذاكرة الكرة المصرية وصوتها الأصيل.
مواقف طريفة لا تُنسى
كان علي زيوار نموذجًا للمعلق صاحب الحضور الطاغي والروح الخفيفة، الذي يعرف كيف يزرع الابتسامة في قلوب المشاهدين حتى في أشد لحظات التوتر داخل الملعب. ومن أطرف المواقف التي لا تُنسى، ما رواه بنفسه خلال تعليقه على مباراة نسائية حين قال مازحًا: "الفاول ده هتلعبه سارة، وسارة بالمناسبة شايلة مادتين في ثانوية عامة، ربنا ينجحها!"، وهي جملة خرجت بعفوية فصارت من علامات خفة دمه المحببة.
كما دخل في موقف طريف آخر مع الناقد الكبير نجيب المستكاوي، عندما أصرّ على نطق اسم اللاعب البرازيلي "فالكاو" بـ"فالساو"، قائلاً بثقة المعلم:
"أنا من بتوع اللغات، وعارف أنا بقول إيه!"، لتبقى هذه اللقطات شاهدة على شخصية فريدة امتزج فيها الذكاء اللغوي بروح الدعابة، فخلّدته في ذاكرة عشاق التعليق الرياضي.
وداع كبير المعلقين
تدهورت حالته الصحية في التسعينيات فاعتزل الميكروفون بهدوء، بعد مسيرة امتدت لأكثر من ثلاثين عامًا في عالم التعليق الرياضي، ورحل علي زيوار عن عالمنا في 8 أكتوبر 2005 عن عمر ناهز 83 عامًا، تاركًا خلفه إرثًا صوتيًا خالدًا وصورة محفورة في ذاكرة كل من أحب كرة القدم.