هشام السروجي يكتب: الرئيس السيسي خاض حربًا باردة أعادت مصر كمركز لصنع القرار.. والقاهرة رسمت مسار السلام في المنطقة.. أثبتت أن السلام قوة وأن الحياد حكمة.. محنة غزة كشفت حقيقة استقلال القرار السياسي المصري

الجمعة، 10 أكتوبر 2025 07:21 م
هشام السروجي يكتب: الرئيس السيسي خاض حربًا باردة أعادت مصر كمركز لصنع القرار.. والقاهرة رسمت مسار السلام في المنطقة.. أثبتت أن السلام قوة وأن الحياد حكمة.. محنة غزة كشفت حقيقة استقلال القرار السياسي المصري

تبرز مصر كقوة عقلانية تقود مشهد السلام الإقليمي برؤية متزنة، تنطلق من ثوابت وطنية راسخة واستقلال قرار سياسي لا يخضع للمساومات أو الضغوط.
 
الدور المصري لم يكن يومًا رد فعل على الأحداث، بل فعلًا مؤسسًا لمسارٍ يعيد التوازن إلى منطقةٍ فقدت بوصلتها بين العنف والتطرف وصراعات النفوذ، وحروب الإبادة، والتطهير العرقي، ومحاولات إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط.
 
 
رفض التهجير... التزام أخلاقي وسياسي
 
منذ اندلاع العدوان على غزة، كان الموقف المصري من مخطط التهجير حاسمًا وواضحًا، حيث رفضت القاهرة أي محاولة لإعادة رسم خرائط المنطقة على حساب الشعب الفلسطيني أو الأمن القومي المصري.
 
الرفض كان مقرون بممارسة فعلية، بعيدًا عن الشعارات، ترجمتها مصر بإغلاق الأبواب أمام كل محاولات تمرير هذا المخطط المشبوه، مؤكدة أن أمنها القومي يبدأ من صيانة الكرامة الفلسطينية ومنع تكرار مآسي التاريخ.
 
استقلال القرار المصري
 
حافظت مصر على استقلال قرارها السياسي، فاختارت طريقها الخاص في التعاطي مع الأزمات الإقليمية، لم ولن تخضع القاهرة لإملاءات، ولا تنساق وراء شعارات آنية، بل تتحرك وفق مبدأ واحد: “سلامٌ يحفظ الحقوق، وأمنٌ لا يقوم على القهر.” وهذا الاستقلال هو ما جعلها قادرة على التوسط بين الأطراف المتناقضة، دون أن تفقد ثقة أي طرف.
 
الموقف المعتدل... عمود محور السلام والأمن الإقليمي
 
إن الاعتدال المصري لم يكن ضعفًا أو حيادًا سلبيًا، بل كان العمود الفقري لمحور السلام والأمن الإقليمي. فمن القاهرة انطلقت المبادرات الداعية لوقف إطلاق النار، ومن مؤسساتها الأمنية والدبلوماسية تبلورت الصيغ الواقعية للحلول السياسية. وبفضل هذا الاتزان، أصبحت مصر المرجع الأوثق للوساطة والضمان في النزاعات العربية والإقليمية.
 
شرم الشيخ... عاصمة صناعة السلام
 
لا يمكن الحديث عن السلام دون ذكر شرم الشيخ، المدينة التي تحولت إلى منصة عالمية لصناعة القرار والسلام. فمنها خرجت مبادرات وقف الحروب، واستضافت مؤتمرات أعادت رسم مسارات الحوار بين القوى الدولية والإقليمية، ومشهد المفاوضات الأخيرة في “مدينة السلام” ليس سوى تأكيد جديد على مركزية القرار المصري في الإقليم، وقدرته على جمع الخصوم على طاولة واحدة حين يعجز الآخرون عن مجرد فتح قنوات التواصل.
 
 
صمود الدولة المصرية أمام الحملات الموجهة
 
رغم كل هذا الدور البنّاء، واجهت الدولة المصرية حملات منظمة وممولة من جماعة الإخوان وتيارات مؤدلجة حاولت تشويه موقفها من القضية الفلسطينية، تلك الحملات التي سعت لتقليب الشارع ضد القيادة السياسية، اصطدمت بوعي المصريين وإدراكهم لخطورة المؤامرة، وبقوة مؤسسات الدولة التي أثبتت صلابتها أمام عواصف التضليل الإعلامي.
لقد صمدت مصر لأنها تتحدث بلسان المبدأ لا المزايدة، وباسم الشعوب لا التنظيمات.
 
زيارة ترامب... إعلان القيادة الإقليمية
 
وجاءت دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي لنظيره الأمريكي دونالد ترامب، لأن يحضر مراسم توقيع اتفاقية وقف الحرب، بناء على الخطة التي أعلنها الأخير، لتؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن مصر هي القائد الإقليمي الحقيقي في المنطقة، وصاحبة الدور المركزي في حفظ التوازن بين الشرق والغرب، وبقدرتها على مخاطبة الجميع من موقع القوة لا التبعية.
 
 
لقد أثبتت مصر، مرةً أخرى، أن السلام ليس ضعفًا بل شجاعة، وأن الحياد ليس تراجعًا بل حكمة، وأن في زمن الضجيج والتهور السياسي، تبقى القاهرة صوت العقل في الإقليم، وشرم الشيخ رمزًا عالميًا لصناعة السلام.
 
وبين ثبات الموقف، واستقلال القرار، واعتدال السياسة، ترسخ مصر مكانتها كقلبٍ نابض للسلام والأمن في الشرق الأوسط، تقود المشهد لا من موقع القوة العسكرية فقط، بل من قوة الحكمة والاتزان والمسؤولية التاريخية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق