اللواء هاني عبد اللطيف مساعد وزير الداخلية الأسبق للعلاقات والإعلام لـ"صوت الأمة": الإعلام الأمني خط الدفاع الأول ضد الشائعات.. وثقة المواطن هي السند الحقيقي
السبت، 11 أكتوبر 2025 05:41 م
المنطقة تمر بظروف استثنائية تستدعي نموذجًا خاصًا لضابط الشرطة.. وخريجي الشرطة الجدد يواجهون تحديات أكثر تعقيدًا
احتفلت وزارة الداخلية الأربعاء بيوم الخريجين لينضموا إلى خلية العمل الأمني بمختلف قطاعاتها، استكمالًا لمسيرة العطاء في حفظ الأمن وصون تراب الوطن ومقدراته.
ويعد الإعلام الأمني أحد الركائز الأساسية في منظومة العمل الأمني الحديث داخل وزارة الداخلية، إذ يلعب دورًا محوريًا في بناء جسور الثقة بين المؤسسة الأمنية والمجتمع.
ومن خلال قطاع العلاقات والإعلام بالوزارة، تم إرساء منظومة متكاملة تهدف إلى نقل الصورة الحقيقية لما يجري داخل مؤسسات الشرطة، وإبراز تضحيات رجالها في حماية أمن الوطن والمواطنين.
وفي هذا السياق، أجرت "صوت الأمة" هذا الحوار مع اللواء هاني عبد اللطيف، مساعد وزير الداخلية الأسبق للعلاقات والإعلام، والمتحدث الرسمي السابق باسم الوزارة، وأحد أبرز من أسهموا في تطوير منظومة الإعلام الأمني خلال فترات دقيقة من تاريخ الوطن.
- متى بدأت عملك في إدارة العلاقات والإعلام بوزارة الداخلية؟
كنتُ مديرًا لمركز الإعلام الأمني منذ عام 1998 حتى عام 2008، ثم توليتُ منصب مدير الإعلام حتى عام 2011.
بعد ذلك أصبحتُ رئيسًا لجهاز الإعلام الأمني، وتوليتُ لاحقًا منصب المتحدث الرسمي حتى عام 2015، ثم شغلتُ منصب مدير كلية التدريب والتنمية بأكاديمية الشرطة حتى عام 2016.
- نحن في ذكرى انتصارات 6 أكتوبر، كيف تراها في ظل التحديات الحالية بالمنطقة؟
دائمًا نعود إلى التاريخ. بعد هزيمة 67، الشعب المصري اتّحد خلف قيادته السياسية وتحمل صعوبات اقتصادية قاسية بين عامي 1967 و1973. كل الموارد كانت موجهة لإعداد القوات المسلحة لاستعادة الأرض، وهذا الصمود والتكاتف كان أساس نصر أكتوبر المجيد.
الآن نعيش مرحلة مشابهة؛ الشعب المصري يتحمل تحديات اقتصادية وسط أزمات إقليمية متشابكة مثل جائحة كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية، وأزمة غزة، لكنه ما زال صامدًا خلف قيادته وواثقًا أن مصر ستتجاوز كل هذه التحديات كما فعلت من قبل.
- هل ذكرى أكتوبر تحمل رسالة بأن التضامن والوحدة العربية هما السبيل لرد العدوان الإسرائيلي؟
بالتأكيد. مصر كانت وستظل الدولة المحورية في المنطقة، سياسيًا وعسكريًا، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. التكاتف العربي ضرورة لا غنى عنها، وهناك وعي متزايد بأهمية العمل العربي المشترك لمواجهة التحديات.
- احتفلت الوزارة منذ أيام بتخرج دفعة جديدة من طلاب أكاديمية الشرطة، كيف ترى جاهزية هذا الجيل؟
منذ تولي اللواء محمود توفيق وزارة الداخلية، شهدت منظومة التدريب طفرة حقيقية، سواء في أكاديمية الشرطة للطلاب، أو في كلية التدريب والتنمية للضباط، أو في تدريب الأفراد وقوات الأمن المركزي.
الوزير يؤمن بأن التدريب هو عماد الأداء الأمني، ويوفر له كل الإمكانيات اللازمة، وهذا ما نلمسه بوضوح في الأداء الميداني.
- ما الفرق بين التحديات التي واجهت الأجيال السابقة والحالية؟
الأجيال السابقة واجهت تحديات ضخمة، خاصة بعد 2011، عندما استُهدف جهاز الشرطة من تنظيم الإخوان الذي حاول اختراقه وإعادة هيكلته. الشرطة قدمت تضحيات جسيمة في مواجهة الإرهاب وحماية ثورة 30 يونيو.
أما الجيل الحالي، فيواجه تحديات مختلفة: صراعات إقليمية ، وأمنية كالإرهاب السيبراني والجرائم الإلكترونية، لكن التحدي الأكبر هو الوعي ومواجهة الشائعات التي تستهدف عقول الشباب.
- كنت مدير كلية التدريب والتنمية من 2015 إلى 2016، ما أبرز مهامها؟
كانت الكلية مسؤولة عن إعداد برامج تدريبية متخصصة لضباط الشرطة في جميع القطاعات. كنا نفرغ الضابط لمدة شهر سنويًا للتدريب، وبدأنا برامج خاصة لمديري الأمن ونوابهم. ركزنا على تطوير مناهج مواجهة الجرائم الإلكترونية والإرهاب السيبراني بما يتماشى مع التطورات الحديثة.
- ما المهارات الإنسانية التي يجب أن يتحلى بها خريج أكاديمية الشرطة؟
رجل الشرطة يتحمل مسؤولية كبيرة، فهو يحمي المواطن من الجريمة ويطبق القانون. يجب أن يكون دارسًا للقانون، ويتعامل مع المواطن كجزء من أسرته.
برامج التدريب تتضمن محاضرات في حقوق الإنسان والتعامل الإنساني، مما يساعد الضابط على أداء واجبه بحزم وإنسانية في آن واحد.
- كنت المتحدث الرسمي باسم الوزارة في فترات حساسة، ما كان التحدي الأكبر وقتها؟
التحدي الأكبر كان إعادة بناء الثقة بين المواطن والشرطة بعد 2011. جهاز الإعلام الأمني وضع خطة من أربع مراحل: التواصل مع المجتمع المدني، كسر حاجز الثقة، استعادتها، ثم إحباط محاولات “أخونة الشرطة”.
كنا نؤكد دائمًا أن دورنا تنفيذ القانون فقط وليس التدخل في السياسة، وخلال فترة حكم الإخوان حاول البعض توجيه الخطاب الإعلامي لصالح فصيل معين، لكن الوزير محمد إبراهيم رفض ذلك وأكد التزامنا بالحياد والشفافية.
- بيان فض اعتصام رابعة بصوتك ما زال الأشهر، ما الرسالة التي أردت إيصالها؟
الخطة الأمنية كانت تشمل خطة إعلامية محكمة. أصدرنا أربعة بيانات متتالية: الأول لتحذير المواطنين من خطورة الاعتصام، والثاني لتوضيح الممرات الآمنة للخروج السلمي. شاركنا الصحفيين ومنظمات المجتمع المدني في متابعة التنفيذ، وحرصنا على تقليل الخسائر لأقصى درجة.
لكننا فوجئنا بإطلاق نار كثيف من داخل الاعتصام، واستُشهد عدد من رجال الأمن المركزي. الرسالة كانت واضحة: الدولة تواجه الإرهاب، لا المواطنين.
- ما شكل العلاقة المثالية بين المؤسسات الأمنية ووسائل الإعلام؟
العلاقة المثالية تقوم على التواصل والثقة. الصحفي بلا معلومة كالجندي بلا سلاح. بعد 2011 نجح جهاز الإعلام الأمني في بناء علاقة تعاون حقيقية مع الصحفيين قائمة على الشفافية وتبادل المعلومات، وهو ما ساهم في محاصرة الشائعات وإيصال الحقيقة للمواطن.
- كيف ترى دور وسائل التواصل الاجتماعي؟
السوشيال ميديا أداة قوية، تُستخدم أحيانًا في كشف الجرائم وضبط الجناة، لكنها أيضًا وسيلة لنشر الشائعات. لذلك يجب أن نكون دائمًا سبّاقين في تقديم المعلومة الصحيحة قبل أن تنتشر الأكاذيب.
وزارة الداخلية حققت تقدمًا كبيرًا في هذا المجال من خلال رصد الشائعات والتفاعل السريع مع بلاغات المواطنين عبر المنصات الرسمية.
- كيف تتعامل الوزارة مع الشائعات، خاصة المتعلقة بمراكز الإصلاح والتأهيل؟
الشائعات أمر متوقع، لكن الرد عليها يجب أن يكون سريعًا وواضحًا. جهاز الإعلام الأمني بقيادة اللواء ناصر محيي الدين وفريقه بالقطاع يبذل جهودًا كبيرة في إدارة هذا الملف من خلال المتابعة الدقيقة وإصدار بيانات استباقية مدعومة بالحقائق لتفنيد الأكاذيب قبل انتشارها.
- ما نصيحتك الأخيرة لخريجي أكاديمية الشرطة؟
ضعوا أمامكم تضحيات الشهداء والمصابين الذين قدموا أرواحهم فداءً لمصر. بعد 2011 ارتفع عدد الشهداء مقارنة بعقد كامل قبلها. حافظوا على هذه الأمانة، وواصلوا المسيرة بمسؤولية وشرف.
اهتموا بالتدريب المستمر، وتذكروا دائمًا أن ثقة المواطن هي درعكم الحقيقي في الشارع، فالتعامل الإنساني واحترام القانون هما طريق النجاح والتفوق الأمني.