مشهد إقليمي جديد تحكمه خريطة السلام

الأربعاء، 15 أكتوبر 2025 03:07 م
مشهد إقليمي جديد تحكمه خريطة السلام
طلال رسلان يكتب:

 
في لحظة حاسمة من تاريخ الشرق الأوسط، أثبتت مصر مرة أخرى قدرتها على لعب دور المحور الاستراتيجي الذي لا يمكن تجاوزه. قمة السلام التي احتضنتها شرم الشيخ مؤخراً ليست مجرد اجتماع دبلوماسي عابر، بل هي رسالة سياسية قوية للعالم بأن الاستقرار الإقليمي لا يتحقق إلا عبر الحوار البنّاء والمبادرات المصرية المدروسة.
 
لقد وضعت هذه القمة على الطاولة ملفات معقدة: النزاعات المستمرة في غزة، التحولات في ليبيا، التحديات الأمنية والاقتصادية التي تهدد استقرار المنطقة، والتأثيرات المتشابكة للقوى الإقليمية والدولية. ومن خلال هذا التجمع الدولي، أثبتت مصر أنها الضامن الحقيقي للتوازن بين المصالح المختلفة، والقادرة على الجمع بين الأطراف المتصارعة تحت سقف تفاهم مشترك.
 
تجلت القوة المصرية في قدرتها على التحرك بذكاء بين السياسة والاقتصاد، بين القوة العسكرية والقدرة على الوساطة، لتقدم نموذجاً فريداً للدبلوماسية العملية. مصر لم تكتفِ بالتوسط في النزاعات، بل قدمت خارطة طريق متكاملة لإعادة بناء الثقة بين الأطراف المختلفة، وهو ما يعكس عمق الرؤية المصرية وقدرتها على تحويل الأزمة إلى فرصة تاريخية لإعادة ترتيب خريطة النفوذ في المنطقة.
 
القمة تحمل رسائل متعددة للمجتمع الدولي، أهمها أن مصر ليست مجرد متفرج على الأحداث، بل صانع قرار قادر على فرض توازن جديد. هذه الرسائل واضحة لكل من يشكك في الاستقرار الإقليمي: القوة الحقيقية لا تُقاس فقط بالقدرة العسكرية، بل بالقدرة على التأثير السياسي والاقتصادي والدبلوماسي في آن واحد.
 
بالطبع، الطريق نحو الاستقرار طويل ومعقد. فلا يمكن للقمة وحدها أن تحل كل النزاعات، لكنها وضعت الأسس اللازمة لتحقيق تعاون إقليمي مستدام. التحدي الأكبر أمام مصر هو الحفاظ على هذا التوازن، ومواصلة تعزيز دورها كحلقة وصل بين القوى المتناقضة، دون أن تتأثر بمصالح خارجية قد تعرقل جهود السلام.
 
قمة شرم الشيخ ليست حدثاً عابراً، بل تحولاً استراتيجياً في صياغة المشهد الإقليمي. لقد أثبتت مصر أنها ليست مجرد لاعب إقليمي، بل قوة مؤثرة قادرة على إعادة رسم خريطة الاستقرار في الشرق الأوسط. هذه القمة تمثل نموذجاً يحتذى به في الدبلوماسية الذكية، التي تجمع بين القوة والحكمة، بين السياسة والاقتصاد، لتعيد للمنطقة بارقة أمل بعد سنوات من الاضطراب والصراعات المستمرة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق