من رحم الحرب يولد السلام.. كيف أعادت مصر صياغة المشهد الإقليمي؟
الأربعاء، 15 أكتوبر 2025 04:45 م
أحمد سامي
في لحظة فارقة من تاريخ الشرق الأوسط، نجحت الجهود الدبلوماسية المصرية، بالتنسيق مع كلٍّ من قطر وتركيا والولايات المتحدة، في التوصل إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار في غزة بين حركـة حماس وسلطات الاحتلال الإسرائيلي، لتضع حدًا لحربٍ دامت نحو عامين وأوقعت آلاف الضحايا، وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من السلام وإعادة الإعمار.
جاء الإعلان عن الاتفاق خلال قمة شرم الشيخ للسلام، التي ترأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الأمريكي دونالد ترامب، بمشاركة أكثر من 30 زعيمًا وقائدًا عالميًا، في حدثٍ وُصف بأنه التحول الدبلوماسي الأبرز في المنطقة منذ عقود.
القاهرة تعود إلى قلب المشهد الدولي
استطاعت القاهرة أن تُثبت مجددًا أنها الوسيط الأكثر موثوقية في النزاعات الإقليمية، بفضل توازنها في إدارة العلاقات مع مختلف الأطراف، وحرصها على أولوية الحل السياسي والإنساني.
وأكد مراقبون أن ما تحقق في شرم الشيخ لم يكن مصادفة، بل ثمرة تحركات مصرية مكثفة خلال الأشهر الماضية، شملت اتصالات مستمرة بين الأجهزة السيادية والدول الفاعلة، بهدف الوصول إلى صيغة تحفظ الأمن وتضمن استمرار المساعدات الإنسانية.
ووفقًا لبنود الاتفاق، تم فتح الجانب الفلسطيني من معبر رفح لإدخال 600 شاحنة مساعدات يوميًا، ونقل الجرحى لتلقي العلاج بالخارج، في خطوةٍ وصفتها الأمم المتحدة بأنها “انتصار للإنسانية قبل السياسة”.
صفقة الأسرى تمهد لسلامٍ دائم
المرحلة الأولى من الاتفاق تضمنت إفراج الاحتلال عن 2000 أسير فلسطيني مقابل إطلاق سراح 20 أسيرًا إسرائيليًا وتسليم عدد من الجثامين، على أن تتبعها مفاوضات المرحلة الثانية لبحث نزع سلاح الفصائل، وإدارة شؤون القطاع بعد الحرب، ووضع خطة متكاملة لإعادة الإعمار بتكلفة تقدّرها الأمم المتحدة بنحو 70 مليار دولار.
قمة الأمل من أرض السلام
وصف قادة العالم قمة شرم الشيخ بأنها "يوم للأمل والوعد"، حيث أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن القاهرة نجحت في جمع الأضداد على طاولة واحدة"، فيما اعتبر الرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليديس أن القمة "خطوة حقيقية نحو الاستقرار الدائم في المنطقة.
أما رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، فأشاد بالدور المركزي لمصر في الحفاظ على استقرار الشرق الأوسط، داعيًا إلى تنفيذ حل الدولتين باعتباره الطريق الوحيد لتحقيق سلامٍ دائم.
من جانبه، أكد ولي عهد البحرين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة أن ما تحقق في شرم الشيخ يفتح آفاقًا جديدة للأمن الإقليمي، فيما ثمّن الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر الجهود المصرية المخلصة التي أثمرت نتائج ملموسة.