وكيل الأزهر: حرب أكتوبر ملحمة تاريخية أعادت للأمة كرامتها وللشعب المصري ثقته بنفسه
الخميس، 16 أكتوبر 2025 01:07 م
منال القاضي
حرب أكتوبر أثبتت للعالم قدرة مصر على تخطي أصعب التحديات وأنها صخرة صلبة تنكسر عليها أحلام الطغاة والمستعمرين
تحية إجلال وإكبار لشهداء مصر الذين سطروا بدمائهم الزكية ملاحم العز والفخر ورسموا للوطن طريق الحرية والكرامة
الأزهر يثمن جهود الرئيس السيسي لوقف إراقة الدماء في غزة والدفاع عن حق الشعب الفلسطيني للعيش في أمن وسلام
الأزهر أدى دورا محوريا في تعبئة الروح المعنوية قبل وخلال ملحمة نصر أكتوبر وكان منبعا للقوة الروحية والزاد الإيماني
حب الشعب المصري لجيشه وقواته المسلحة حب راسخ في القلوب مبني على تاريخ طويل من التضحيات والبطولات
نصر أكتوبر المجيد يؤكد لأهلنا في فلسطين أن من يحمل قضية عادلة ويؤمن بحقه في أرضه لا بد أن ينتصر
قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، إن حرب أكتوبر المجيدة ملحمة تاريخية خالدة، أعادت للأمة العربية كرامتها وعزتها، كما أعادت للشعب المصري ثقته بنفسه وقواته المسلحة، مؤكدا أن حرب أكتوبر أثبتت للعالم أجمع أن مصر قادرة على تخطي أصعب وأعقد المحن والتحديات، وأنها صخرة صلبة تنكسر عليها كل أحلام الطغاة والمستعمرين، وكل من يريد المساس بأمنها واستقرارها، وأن الشعب المصري بإيمانه وإصراره وحبه لوطنه يمكن أن يحقق المستحيل.
وقدم فضيلته خلال كلمته التي ألقاها اليوم في الندوة التثقيفية المنعقدة بالتعاون بين الأزهر الشريف والقوات المسلحة ممثلة في قوات الدفاع الشعبي والعسكري، احتفاء واحتفالا بانتصار حرب أكتوبر المجيد، عن خالص تهانيه القلبية للشعب المصري قيادة وحكومة وشعبا وإلى ضباط وجنود القوات المسلحة بمناسبة ذكرى نصر أكتوبر المجيد، مقدما تحية إجلال وإكبار لشهداء مصر في هذه الحرب، الذين سطروا بدمائهم الزكية ملاحم العز والفخر، ورسموا للوطن طريق الحرية والكرامة.
وعن الجهود الكبيرة التي تقودها القيادة المصرية لوقف إراقة الدماء في قطاع غزة، قدم فضيلة الدكتور الضويني باسم الأزهر الشريف خالص الشكر والتقدير إلى القيادة المصرية وعلى رأسها السيد الرئيس/ عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، على جهودها العظيمة، ومساعيها الدؤوبة التي بذلتها بكل حكمة ومسؤولية لوقف إراقة الدماء في قطاع غزة، والدفاع عن حق الشعب الفلسطيني في الحياة الكريمة والأمن والسلام، مؤكدا أن الأزهر الشريف يثمن هذه الجهود المخلصة ليؤكد أن مصر ستبقى- بتاريخها وحكمة قيادتها وقوة جيشها وعمق رؤيتها- الحصن الحامي للأمة العربية والإسلامية، وصوت العقل، وسور الأمن للمنطقة، وملاذ الإنسانية في تحقيق السلام العادل والشامل.
وأشار وكيل الأزهر الشريف، إلى أن هذه الندوة التثقيفية تأتي خطوة ضرورية في مسيرة إثبات الحقوق المشروعة، وقد جاء عنوانها: «ويثبت أقدامكم» عنوانا معبرا، يجمع بين المعنى الإيماني العميق، والدلالة الوطنية العظيمة، ويربط بين النص القرآني الخالد والحدث الوطني العظيم، ويكشف في بلاغة وبيان عن قوة الإيمان التي كانت سر نصر أكتوبر، وعن ثبات أقدام جنودنا الأبطال على الحق والكرامة، مشيرا أن في هذه النصر المجيد معنى عظيم من معاني الإيمان والتوكل على الله، تجسد في قوله تعالى: ﴿إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم﴾ يوم تحركت القلوب على صيحة «الله أكبر»، وتحقق وعد الله للمؤمنين، فكان الثبات الذي ألهم الله به جنود مصر هو السر الخفي الذي منحهم القدرة على تحطيم كل حاجز وتجاوز كل عقبة، فلم يكن النصر سوى تتويج لإيمان راسخ، وعقيدة صادقة، وثقة لا تهتز بنصر الله وتأييده.
كما أكد الدكتور الضويني أن الأزهر الشريف قد أدى دورا محوريا في شحذ الهمم وتعبئة الروح المعنوية قبل وأثناء ملحمة نصر أكتوبر؛ فقد كان منبعا للقوة الروحية والزاد الإيماني الذي استمد منه الجند والقادة عزيمتهم وثقتهم بنصر الله تعالى، لافتا أن دور علماء الأزهر قد برز في المساجد والمجالس العلمية؛ بل وعلى جبهات القتال، يذكرون الناس بفضل وقدسية الوطن وعظم الشهادة، كما كانت خطبهم ومواعظهم سلاحا لا يقل قوة عن سلاح الجندي في الميدان، حيث أدرك الأزهر وعلماؤه أن المعركة ليست معركة أسلحة وجيوش فحسب؛ بل هي معركة وجود وهوية وإيمان، فكانت كلماتهم تلهم المقاتل في خندق القتال، وترفع همة المواطن في العمل، حتى غدا كل فرد في المجتمع جزءا من معركة النصر، وبذلك أثبت الأزهر وعلماؤه أنهم كانوا- وما زالوا- دعامة أساسية في صياغة الوعي وشحذ الإرادة وتأمين الجبهة الداخلية للوطن.
كما شدد وكيل الأزهر على أن قواتنا المسلحة الباسلة كانت- ولا تزال- الدرع الواقية والحارس الأمين لمصر في السلم والحرب؛ فقد ضربت في حرب أكتوبر المجيدة أروع الأمثلة في التضحية والفداء، مؤكدة أن الدفاع عن أرضنا - من أي اعتداءات- هو واجب وطني مترسخ في أذهان رجالاتها، والآن تخوض قواتنا المسلحة معركة أخرى لا تقل ضراوة، هي المشاركة في التنمية وبناء الوطن، حيث تمر مصرنا اليوم بمرحلة عبور جديد تبنى فيه الجمهورية الجديدة بسواعد أبنائها وقواتها المسلحة.
كما أكد وكيل الأزهر أن حب الشعب المصري لجيشه وقواته المسلحة حب راسخ في القلوب، مبني على تاريخ طويل من التضحيات والبطولات؛ حيث رأى المصريون في جيشهم درعا واقيا، وحصنا منيعا يذود عن الحدود ويصون الكرامة ويدافع عن الأرض والعرض، كما رأوا فيه الأمن والاستقرار، وما من أسرة مصرية إلا وقدمت منها من خدم في صفوف الجيش، فكانت العلاقة بين الشعب وجيشه علاقة دم وقربى، يزيدها الوقت متانة وصلابة، كما أن هذه الحب يتجدد كل يوم، وقد أثبتت الأحداث التاريخية والمعارك المصيرية أن هذا الحب لم يكن مجرد مشاعر عابرة، بل هو وعي وقناعة والتزام، تجسد في وقوف الشعب دائما خلف جيشه، يؤازره ويشجعه ويقدر تضحياته، مؤكدا أن من يحمي الوطن ويحفظ أرضه يستحق أن يسكن أعماق القلوب.
وتابع الدكتور الضويني أن هذه الندوة التثقيفية المباركة لتذكرنا بهذا الشرط الرباني الذي قال الله تعالى فيه: «يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم»، فقوله تعالى: «ويثبت أقدامكم» نتيجة، والمقدمة قوله تعالى: «إن تنصروا الله»، فأما ثبات الأقدام فيكون على الدين والأخلاق والقيم، ويكون الثبات عند ملاقاة العدو الذي تتنوع أسلحته من حرب في ميدان القتال بالمدافع والطلقات إلى حرب في ميدان الفكر بالأكاذيب والشبهات إلى حرب بإضعاف الشعوب في الطاقات والقدرات، مشيرا أن نصر الله عز وجل يكون بحسن فهم الإيمان وواجباته، فإقامة الصلاة وعمارة المساجد من الإيمان، وصيانة المجتمعات وعمارة الأوطان من الإيمان.
وختم الدكتور الضويني كلمته بأن نصر أكتوبر قد أثبت أن القوة والإيمان الصادق والإعداد الجيد قادر على تغيير مسار التاريخ وفرض الحق فوق أي باطل، كما أنه يرسل رسالة لكل محتل: أن الاحتلال مهما طال فهو إلى زوال أمام صمود الأمم وإصرار الشعوب، كما يؤكد لأهلنا في فلسطين أن من يحمل قضية عادلة ويؤمن بحقه في أرضه لا بد أن ينتصر، وإن طال الطريق وكثرت التضحيات، مشيرا أن نصر أكتوبر 73 يتصل بملاحم الشعب الفلسطيني اليوم، فيلهم الأجيال ويذكر العالم أن الاحتلال مهما بطش وتكبر وتجبر، فإنه مكشوف المصير، وأن الأرض التي سقط عليها الدم الطاهر ستبقى شاهدة على حتمية النصر وبطلان العدوان، ومثلما حققت مصر نصرها في أكتوبر بالإيمان والوحدة والتضحية، فإن فلسطين ستحقق نصرها بالعزم والصمود.