الاقتصاد يعبر إلى بر الأمان
السبت، 18 أكتوبر 2025 11:00 م
النقد الدولى يتوقع ارتفاع النمو لـ4.5% العام المقبل.. وستاندرد آند بورز وفيتش ترفعا التصنيف الائتماني لمصر لأول مرة منذ 7 سنوات
كجوك: الإصلاحات المنفذة والمرونة من القطاع الخاص أصبحت محل تقدير للأسواق العالمية والمؤسسات الدولية
حالة من الانتعاش والتفاؤل يمر بها الاقتصاد المصري، فكل المؤشرات إيجابية، وتؤكد أن الأوضاع تسير في مسارها الصحيح، فحديث الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال حفل تخرج دفعة جديدة من ضباط الشرطة قبل أيام، بأن الموقف الاقتصادي للبلاد في تحسن يوما عن يوم، وسيكون هناك تحسن أكثر من ذلك ، ومؤشراتنا ستكون أفضل، جاء تأكيداً للوضع على الأرض.
الرئيس السيسي شدد على أن الموقف الاقتصادي في البلاد في تحسن، وقال: "نطمئنكم أن الموقف الاقتصادي في تحسن وسيتحسن أكثر من ذلك، برغم كل الظروف الصعبة التي مرت على المنطقة خلال السنوات الخمس الماضية من 2020 وحتى الآن، وعلينا بالتأكيد ولكن بصلابتكم أن نعبر كل الأمور بفضل الله سبحانه وتعالى".
وكشف صندوق النقد الدولى، خلال مؤتمر صحفى خاص بتقرير آفاق الاقتصاد العالمى، الثلاثاء الماضى، إنه من المتوقع أن يسجل معدل التضخم فى مصر خلال العام المالى 2024 - 2025، نسبة 20.4% متوقعاً أن ينخفض التضخم إلى نسبة 11.8% العام المالى 2025 – 2026، كما توقع أن يحقق الاقتصاد المصرى نسبة نمو بنسبة 4.3% فى بنهاية العام المالى 2024 - 2025، متوقعاً أن يرتفع النمو إلى نسبة 4.5% العام المالى 2025 - 2026.
ويعد تقرير آفاق الاقتصاد العالمى الصادر عن صندوق النقد الدولى أحد أبرز التقارير التى يصدرها صندوق النقد خلال اجتماعات الربيع الحالية التى انطلقت فى العاصمة الأمريكية واشنطن، ويعرض هذا التقرير تحليل خبراء الصندوق وتوقعاتهم بشأن تطورات الاقتصاد العالمى فى مجموعات البلدان الرئيسية، وفى كثير من البلدان المنفردة.
وانطلقت الأسبوع الماضى فى العاصمة الأمريكية واشنطن، فعاليات الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدولى لعام 2025 بحضور وفد مصرى رفيع المستوى يضم كبار المسؤولين من البنك المركزى المصرى ووزارات المالية والتخطيط والتعاون الدولى والاستثمار ورؤساء البنوك وممثلين لقطاعات حكومية وخاص.
وجاءت إشادة المؤسسات الدولية وتعديل تصنيف مصر الائتماني لتؤكد حديث الرئيس السيسى، وتكشف أن الاقتصاد المصري يعبر بر الأمان خلال السنوات المقبلة، فلاول مرة تقوم وكالة «ستاندرد آند بورز» بتعديل تصنيفها الائتماني السيادي طويل الأجل لمصر إلى «بي» من «بي-»، مع تثبيت التصنيف قصير الأجل عند «بي»، وأكّدت الوكالة أن النظرة المستقبلية «مستقرة»، في حين أكدت وكالة «فيتش» تصنيفها الائتماني في ضوء إمكانيات النمو المرتفعة إلى حد ما في البلاد والدعم القوي من الشركاء.
ويعكس القرار التزام مصر يالإصلاحات على مدار الـ18 شهراً الماضية، وعلى رأسها تحرير نظام سعر الصرف، ما أدّى إلى انتعاش حاد في نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال السنة المالية 2025 (المنتهية في 30 يونيو 2025).
وكانت آخر مرة رفعت فيها وكالة «فيتش» تصنيف مصر إلى "بي" في نوفمبر 2024، عندما ساعدت الاستثمارات الأجنبية وتشديد الظروف النقدية في بناء موارد مالية أقوى، في حين أن رفع «ستاندرد آند بورز» التصنيف الائتماني لمصر إلى "بي" هو الأول منذ أن بدأت مصر في تلقي الدعم المالي في مارس 2024 تقريبا.
أشارت «ستاندرد آند بورز» إلى أن تحرير سعر الصرف قد دعم القدرة التنافسية للاقتصاد وساهم في تعافي النمو، الذي ارتفع إلى 4.4 في المائة في السنة المالية 2025، من 2.4 في المائة عام 2024، مع توقعات بمتوسط 4.8 في المائة حتى عام 2028، كما ساهمت الإصلاحات في زيادة تدفقات السياحة وتحويلات المصريين العاملين بالخارج، وتحسن صافي التدفقات المالية، ما دعم المركز الخارجي للاقتصاد، فضلا عن تدفقات استثمار أجنبي مباشر كبيرة، خاصةً المرتبطة بالاستثمار العقاري، البالغة 35 مليار دولار من شركة القابضة (ADQ) في منطقة رأس الحكمة، وأدّت هذه العوامل، إلى جانب دعم صندوق النقد الدولي وجهات مانحة أخرى، إلى زيادة احتياطات النقد الأجنبي وتحسن المقاييس الخارجية لمصر. وتتوقع الوكالة أن ترتفع الاحتياطات القابلة للاستخدام لدى البنك المركزي إلى 42 مليار دولار بحلول عام 2028.
وعلى الصعيد المالي، أكّدت الوكالة أن الحكومة نجحت في تحقيق فائض أولي قدره 3.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2025، وتوقعت استمرار تحقيق فوائض أولية حتى عام 2028، مدعومةً بتوسيع القاعدة الضريبية وضبط الإنفاق، لكن التحدي الأبرز لا يزال يتمثل في الارتفاع الكبير في عبء خدمة الدين الحكومي. فبالرغم من بدء البنك المركزي المصري دورة خفض أسعار الفائدة في أبريل 2025 بعد تراجع التضخم، تتوقع الوكالة أن تظل تكاليف الفائدة مرتفعة، مشيرة إلى أن نسبة الإنفاق على الفوائد إلى الإيرادات ستنخفض تدريجياً من 73 في المائة في السنة المالية 2025 إلى 49 في المائة بحلول السنة المالية 2028، وهي نسبة لا تزال عالية.
الحكومة المصرية ماضون في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية
وعلق وزير المالية أحمد كجوك، علي قرار وكالة «ستاندرد اند بورز» بقوله إن قرار مؤسسة التصنيف الائتماني يرفع وتحسين درجة تقييم الاقتصاد المصري من «B-» إلى درجة «B» لأول مرة منذ 7 سنوات مع نظرة مستقبلية مستقرة، وقرار «فيتش» أيضًا تثبيت درجة التقييم التى ارتفعت خلال العام الماضي، مع نظرة مستقبلية مستقرة، يعكس إدراك مؤسسات التصنيف الدولية لجدية والتأثير الإيجابى للإجراءات الإصلاحية التى يشهدها الاقتصاد المصري والتزام الحكومة بمواصلة تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الوطنى الشامل.
وأشار كجوك إلى أن الإصلاحات الاقتصادية والمالية المنفذة والنتائج الاقتصادية الإيجابية المحققة بما فيها المرونة والتجاوب الكبير من القطاع الخاص، أصبحت محل اهتمام وتقدير لدى المستثمرين والأسواق العالمية والمؤسسات الدولية، موضحًا أن مؤسسات التصنيف بدأت ترفع تقييماتها للاقتصاد المصرى، وتغير نظرتها المستقبلية بشكل إيجابى، وبدأ ينعكس فى تحسين ورفع تقييماتها للجدارة الائتمانية للاقتصاد المصري، مضيفاً: نعمل على مواجهة التحديات ومواصلة الإصلاحات بشكل متسق ومتكامل لدعم النمو وتنافسية الاقتصاد، موضحًا أن استكمال الإصلاحات والسياسات المتناغمة سيضمن استمرار الاستقرار الاقتصادى وسينعكس إيجابيًا بشكل متزايد على مستوى جودة حياة المواطنين وعلى قدرة الاقتصاد المصرى على المنافسة الدولية، كما أوضح أن هذه الخطوات الإيجابية لمؤسسات التقييم تمثل إدراكًا وتقييمًا جيدًا لما يحدث من إصلاحات وتبعات اقتصادية، وسيسهم ذلك فى مزيد من الثقة، والدعم لمسار التنمية الاقتصادية لمصر، وشهادة ثقة من مؤسسات التصنيف الدولية والمجتمع المالي العالمي في كفاءة برنامج الإصلاح الذي تتبناه الدولة ويهدف إلى تحقيق استقرار اقتصادي شامل، وتعزيز القدرة التنافسية، وجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية.
وقال ياسر صبحي نائب وزير المالية للسياسات المالية، أننا بدأنا نلمس في الأوساط المحلية والمحافل الدولية النظرة الإيجابية لتطورات أداء الاقتصاد المصري، وهو ما بدأ ينعكس على انخفاض تكلفة التمويل في الإصدارات الدولية، والاهتمام المتزايد من المستثمرين المحليين والأجانب بزيادة الاستثمارات المباشرة وفى الأوراق المالية المصرية، لافتاً إلى أن رفع درجة التقييم الائتماني للاقتصاد المصري ستسمح بتوسيع قاعدة المستثمرين وتقليل درجة المخاطر؛ بما يُمكِّن من مواصلة التقدم والنمو الإيجابي المستدام للاقتصاد المصري على المدى المتوسط.
كما أشار علاء عبد الرحمن مستشار وزير المالية للمؤسسات المالية الدولية، إلى أن الوزارة تتواصل بشكل مستمر على مدار العام مع كل المؤسسات المالية الدولية وبنوك التنمية ومؤسسات التصنيف الائتماني لتوضيح كل التطورات التي تتم على جانب السياسة المالية والاقتصادية وتوضيح الحقائق وتقديم البيانات الداعمة والرد على استفساراتهم لإبراز التطورات الاقتصادية الإيجابية؛ بما ينعكس إيجابيًا على تقييمات الاقتصاد المصري.
ومن جانبها أكدت الدكتورة رانيا المشاط، أن ما ورد في تقرير “ستاندرد آندبورز” يتسق مع النموذج الاقتصادي الذي تطرحه السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية، الهادف إلى تحقيق نمو مستدام يقوده القطاع الخاص، ويرتكز على القطاعات الأعلى الإنتاجية، وتعزيز حوكمة الاستثمارات العامة، ضمن بيئة أكثر كفاءة وشفافية في إدارة الموارد العامة.
وقال حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي المصري، إن هذا القرار يعكس الثقة المتزايدة في الاقتصاد المصري نتيجة الإصلاحات النقدية والهيكلية التي نُفذت خلال الفترة الماضية، موضحاً أن توحيد سعر الصرف كان خطوة أساسية نحو تعزيز استقرار الأسواق، مشيرًا إلى أن تحسن مؤشرات القطاع الخارجي وارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي يعكسان فعالية السياسات الاقتصادية التي تم تطبيقها.
وأكد محافظ البنك المركزي التزام البنك بمواصلة تنفيذ السياسات النقدية الرشيدة التي تستهدف احتواء التضخم والحفاظ على استقرار النظام المالي، بما يدعم النمو الاقتصادي المستدام ويعزز ثقة المؤسسات الدولية والمستثمرين في الاقتصاد المصري.
مؤشرات إيجابية للاقتصاد المصري
وكشف البنك المركزي عن تراجع عجز الحساب التجاري للاقتصاد المصري خلال العام المالي المنتهي 2024-2025 بنسبة 25.9%، ليصل إلى 15.4 مليار دولار مقابل 20.8 مليار دولار خلال العام المالي 2023-2024، وأضاف تقرير للبنك، أن التحسن في المعاملات التجارية مع العالم الخارجي خاصة خلال النصف الثاني من العام المالي الماضي (يناير ويونيو)، الذي شهد تراجع العجز الجاري بمعدل 59.9% مقارنة بالنصف المناظر من العام المالي السابق
وارتفعت تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال العام المالي 2024-2025، بنسبة 55.3%، لتصل إلى 36.5 مليار دولار، مقابل 21.9 مليار دولار خلال العام المالي 2023-2024، كما زادت إيرادات السياحة بنسبة 16.3% لتسجل 16.7 مليار دولار مقابل 14.4 مليار دولار خلال العام المالي السابق له، وذلك نتيجة ارتفاع عدد الليالي السياحية إلى 179.3 مليون ليلة مقابل 154.1 مليون ليلة.
وحسب بيان البنك المركزي، سجّلت الاستثمارات الأجنبية المباشرة تدفقاً صافياً قدره 12.2 مليار دولار مقارنة بنحو 46.1 مليار دولار في العام السابق، الذي كان قد تضمن تدفقات استثنائية بلغت نحو 35 مليار دولار في إطار تنفيذ صفقة «رأس الحكمة».
وحقق ميزان المدفوعات فائضاً كلياً بلغ 2.1 مليار دولار مقارنة بعجز كلي قدره 9.7 مليار دولار خلال السنة السابقة، وهو ما يعكس استمرار التحسن في الحساب الجاري وتراجع أثر التدفقات الاستثنائية خلال العام المالي الماضي.
وارتفع عجز الميزان التجاري البترولي خلال العام المالي الماضي ليصل إلى نحو 13.9 مليار دولار، مقابل نحو 7.6 مليار دولار خلال العام المالي 2023-2024، وذلك لارتفاع قيمة الواردات البترولية بنحو 6.1 مليار دولار لتصل إلى نحو 19.5 مليار دولار نتيجة ارتفاع واردات الغاز الطبيعي والبترول الخام والمنتجات البترولية.
وانخفضت الصادرات البترولية لتقتصر على نحو 5.6 مليار دولار، مقابل نحو 5.8 مليار دولار خلال العام المالي 2023-2024، نتيجة تراجع الكميات المصدّرة من الغاز الطبيعي بمقدار 512.6 مليون دولار، والبترول الخام بنحو 1.7 مليار دولار، في حين ارتفعت صادرات المنتجات البترولية بنحو 1.1 مليار دولار.
وبلغ العجز التجاري غير البترولي خلال العام المالي 2024-2025، نحو 37.1 مليار دولار، مقابل نحو 31.9 مليار دولار، نتيجة ارتفاع الواردات غير البترولية بنحو 13 مليار دولار، لتصل إلى نحو71.7 مليار دولار، مقابل 58.8 مليار دولار خلال العام المالي السابق، وتتركز الزيادة في واردات القمح، فول الصويا، التبغ الخام، وقطع غيار السيارات والجرارات، بينما ارتفعت حصيلة الصادرات السلعية غير البترولية بنحو 7.8 مليار دولار، لتصل إلى نحو 34.6 مليار دولار، مقابل 26.8 مليار دولار، لتتركز الزيادة في صادرات الذهب، الملابس الجاهزة، الفواكه الطازجة والمجففة، والخضر الطازجة، والألومنيوم ومصنوعاته.
وتراجعت إيرادات قناة السويس خلال العام المالي 2024-2025، بنسبة 3.6%، لتقتصر على نحو 6.6 مليار دولار مقابل نحو 6.8 مليار دولار خلال العام المالي 2023-2024، نتيجة تراجع الحمولة الصافية بمعدل 55.1%، وعدد السفن العابرة بمعدل 38.5%، إلا أن النصف الثاني من السنة المالية (يناير يونيو 2025) شهد تحسناً طفيفاً في حصيلة رسوم المرور بمعدل 1.4%، لتصل إلى نحو 1.83 مليار دولار، مقابل نحو 1.8 مليار دولار في الفترة المقابلة من 2024.
اجتماعات صندوق النقد الدولي
وقال الدكتور محمد معيط، رئيس المجموعة العربية بصندوق النقد الدولي، إن هناك أخبارًا إيجابية بشأن مراجعة الصندوق لبرنامج الحكومة المصرية، موضحًا أن البرنامج محدد الأهداف ويركز على استعادة استقرار الاقتصاد وتحسين المؤشرات الكلية، موضحاً أن أهداف البرنامج تشمل تعزيز الاحتياطي النقدي، وخفض أسعار الفائدة والدين العام، واستقرار الأسعار، وتحقيق نمو اقتصادي مستدام ينعكس على مستوى معيشة المواطنين، مشيرًا إلى أن مصر تسير في الاتجاه الصحيح، إذ تشهد المرحلة الحالية تحسنًا في المؤشرات الاقتصادية تمهيدًا لانتقال التأثير الإيجابي إلى المواطن بشكل مباشر، كما أوضح أنه في حال اعتماد المراجعتين الخامسة والسادسة، ستحصل مصر على تمويل بقيمة 1.2 مليار دولار لكل شريحة، إضافة إلى 274 مليون دولار من برنامج صندوق الاستدامة والصلابة، بإجمالي 2.674 مليار دولار، تصرف فور موافقة مجلس المديرين التنفيذيين بالصندوق.
وتابع أن هناك نقاشات مستمرة بين الجهات المصرية وبعثة صندوق النقد الدولي تتعلق بملف الطروحات الحكومية، لافتًا إلى أن هذه المباحثات سيتم استكمالها خلال أسبوع الاجتماعات السنوية للصندوق، وأكد أن مصر لديها تصور واضح وخطة زمنية متكاملة لبرنامجها الاقتصادي، مشيرًا إلى أن مديرة الصندوق كانت قد أكدت مؤخرًا أن تحقيق أهداف البرنامج يسير في المسار الصحيح طالما أن الإصلاحات مستمرة وفق الخطة الموضوعة.