عملية واسعة النطاق لإزالة ملايين الأطنان من الأنقاض بغزة.. وتقارير تكشف إنهيار بيئي شامل وإنعدام الأمن المائي
الأحد، 19 أكتوبر 2025 12:04 م
هانم التمساح
ضمن أولى الخطوات الحاسمة في الطريق الطويل نحو إعادة إعمار غزة، بدأت الأمم المتحدة فى إزالة الأنقاض من الطرق الرئيسية بغزة، ويواجه المجتمع الدولي تحديات هائلة في إدارة هذه الكميات الضخمة من الركام أطلق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عمليات واسعة النطاق لإزالة الأنقاض من الطرق الرئيسية في مدينة غزة، في محاولة لإعادة فتحها وتسهيل الوصول إلى الخدمات الأساسية كالمستشفيات والمدارس والبنية التحتية المتضررة في أعقاب الحرب المدمرة.
و كان وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية "توم فليتشر"، قد زار أحد مواقع العمل في شارع الجلاء وسط مدينة غزة، برفقة ممثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في فلسطين "جاكو سيليرز"، لتقييم التقدم المحرز في إزالة الأنقاض - التي تعتبر المرحلة الأولى من خطة شاملة لإدارة الأنقاض في قطاع غزة.
وأكد "سيليرز" أن البرنامج يتولى الخطوة الأولى الحيوية لإزالة الأنقاض، التي تُمثل تحديا كبيرا في غزة، حيث يتراوح حجم الأنقاض المُقدر بين 55 و60 مليون طن،موضحا أن الهدف الأول هو تنظيف الطرق وتسهيل الوصول إلى المستشفيات والمدارس والمباني الاجتماعية الأخرى. وأضاف أنه تتم إعادة تدوير الأنقاض التي ترفع وسحقها واستخدامها في رصف الطرق وبناء قواعد للخيام والمرافق المؤقتة، كجزء من جهود أوسع لإعادة تدوير الموارد وتقليل الأثر البيئي.
وأ وضح المسؤول الأممي أن هناك عشرات الآلات الثقيلة التي يديرها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على طول شارع الجلاء، وهي تعمل على مدار الساعة لرفع الأنقاض وتنظيف الشوارع التي أغلقت منذ شهور.
فى الوقت ذاته يعلق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي آمالا على أن تمهد هذه الجهود الطريق لتسريع مشاريع التعافي، إلا أن المسؤولين يُحذّرون من أن العملية ستتطلب الكثير من الموارد والوقت ، وقال "سيليرز": "إنها عملية مرهقة للغاية، وستستغرق سنوات طويلة لإتمامها".
من ناحية أخرى حذّر تقرير صادر عن معهد "أرافا" من أنّ قطاع غزة يقف على حافة انهيار بيئي شامل بعد ما يقرب من عامين من الحرب، مع عودة آلاف السكان إلى منازلهم المدمّرة عقب إعلان وقف إطلاق النار.
ونشرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية التقرير الذى يؤكد أن نحو 69% من البنية التحتية في القطاع قد تضرّرت، وأنّ تدهور البيئة يهدّد الصحة العامة والأمن الغذائي والاستقرار الإقليمي ،مشيرا إلى أنّ القصف المكثف دمّر النظم البيئية وأتلف الأراضي الزراعية وأنظمة المياه بشكل شبه كامل، ما يعرّض نحو مليوني شخص لأزمة إنسانية طويلة الأمد.
وبحسب مانقلت الاندبندنت ،فقد قال مدير الدبلوماسية البيئية التطبيقية في معهد "أرافا"، الدكتور ديفيد ليرر، إن "بيئة غزة في حالة انهيار حر - المياه الملوثة، الأراضي الزراعية المدمرة، وشبكة الكهرباء المحطمة تدفع المنطقة إلى حافة الهاوية" ، واوضح التقرير أن الأنشطة العسكرية المكثفة، بما في ذلك حركة الآليات الثقيلة، أدّت إلى تآكل التربة السطحية الخصبة، ما صعّب نمو النباتات وألحق ضرراً خطيراً بقدرة غزة على إطعام نفسها.
وجعلت القيود الإسرائيلية على المياه الساحلية الصيد شبه مستحيل منذ بداية الحرب، ما أدى إلى مقتل 120 صياداً، وأجبر الكثيرين على الصيد في مناطق خطرة قرب الشاطئ، فى حين تعانى 93% من الأسر في غزة حالياً من انعدام الأمن المائي، حيث لا يتجاوز نصيب الفرد 8.4 لترات يومياً، وهو أقل بكثير من الحد الأدنى الذي حددته منظمة الصحة العالمية وهو 15 لتراً.
فيما توقفت محطات معالجة مياه الصرف الصحي عن العمل، ما أدى إلى تصريف المياه غير المعالجة في بحيرات مؤقتة تهدّد بالفيضان إلى الشوارع والمنازل، ويمكن أن تتسرب إلى طبقة المياه الجوفية الساحلية التي تُعد المصدر الرئيسي للمياه في القطاع.
ووفقا للتقرير فقد أفاد ما يقرب من نصف الأسر بوجود مياه صرف صحي أو مياه راكدة على بعد 10 أمتار من ملاجئهم، ما يفاقم خطر تفشي الكوليرا والأمراض المنقولة بالمياه.
وعلى صعيد الطاقة، فقد تحدّث التقرير عن انخفاض قدرة توليد الكهرباء بأكثر من 80%، مع انقطاعات تصل إلى 22 ساعة يومياً ،مشيرا إلى أنّ العمليات الإنسانية تعتمد حالياً على مولدات تعمل بالوقود الأحفوري، في ظل انهيار شبكة الكهرباء المركزية.
واقترح التقرير استراتيجية من 3 مراحل لإعادة بناء الأنظمة الأساسية في غزة، بقيادة المجتمعات المحلية. وتشمل المرحلة "الاستيعابية" تلبية الاحتياجات الإنسانية الفورية، مثل توفير المأوى والمياه .
وأكّد التقرير أنّ التعافي البيئي يجب أن يكون جزءاً أساسياً من هذه العملية، وليس مجرد أولوية ثانوية، داعياً الحكومات والجهات المانحة ووكالات الإغاثة إلى موائمة التمويل مع المبادرات المحلية ،محذرا من أنّ إعادة بناء البنية التحتية من دون معالجة التلوث والانهيار البيئي سيبقي غزة عالقة في دوامة من الأزمات المتكررة.
وكان البنك الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي قد قدّروا في وقت سابق من العام 2025 كلفة إعادة إعمار غزة بنحو 53 مليار دولار .