منتدى أسوان للسلام منصة إفريقية خالصة تعبّر عن أولويات شعوب القارة
الإثنين، 20 أكتوبر 2025 07:47 م
محمد الشرقاوي
قال الكاتب الصحفي محمد الشرقاوي، الباحث في العلاقات الدولية، إن منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين في نسخته الخامسة يمثل محطة مفصلية في مسار التفكير الإفريقي حول قضايا السلم والأمن، مشيرًا إلى أن أهميته تتضاعف هذا العام مع مرور 25 عامًا على أجندة المرأة والسلم والأمن و10 أعوام على أجندة الشباب والسلم والأمن.
وأوضح الصحفي بجريدة صوت الأمة، خلال لقاءه في برنامج مساحة للرأي، على النيل للأخبار، أن المنتدى يكتسب خصوصيته من قدرته على الجمع بين صناع القرار والباحثين الأفارقة والشركاء الدوليين في إطار حوار واقعي حول قضايا التنمية والاستقرار، مؤكدًا أن الرؤية المصرية وراء هذا الحدث تنطلق من الربط بين السلام كشرط للتنمية، والتنمية كضمان للسلام المستدام، في ظل التحولات الجيوسياسية التي تعيشها القارة.
وأضاف أن منتدى أسوان يختلف عن غيره من المبادرات الدولية لكونه منصة إفريقية خالصة، تعبّر عن أولويات شعوب القارة لا عن تصورات خارجية مفروضة، مشيرًا إلى أن مصر أرادت من خلاله أن تنقل النقاش حول الأمن الإفريقي إلى الميدان الإفريقي نفسه، ليصبح المنتدى صوتًا يعكس التحديات الواقعية ويفكر من داخل التجربة الإفريقية.
وأكد الشرقاوي أن الدورات الخمس للمنتدى أظهرت نضجًا ملحوظًا في المخرجات وآليات المتابعة، حيث انتقل من طرح الرؤى العامة إلى بلورة شراكات تنفيذية بين الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة والدول الأعضاء، ما جعل المنتدى إطارًا مرجعيًا لتقاطع البعدين السياسي والتنموي في التعامل مع أزمات القارة.
وتابع قائلًا إن اختيار مدينة أسوان لعقد المنتدى يحمل رمزية مزدوجة، فهي من ناحية جسر مصر نحو عمقها الإفريقي، ومن ناحية أخرى نموذج للتنوع الثقافي والسلام الاجتماعي، مما يجعلها موقعًا مثاليًا لتجسيد فكرة "السلام الشامل" الذي يجمع بين الهوية والتنمية والانتماء الجغرافي.
وأشار الباحث في العلاقات الدولية إلى أن تحدي تحويل التوصيات إلى سياسات يظل قائمًا في أي منتدى متعدد الأطراف، إلا أن منتدى أسوان نجح في أن يصبح منصة فاعلة لصياغة مخرجات واقعية تسهم في دعم مبادرات الاستقرار في الساحل الإفريقي، وتعزيز التعاون الإقليمي في مجالات الهجرة والتنمية المتوازنة وبناء القدرات.
وحول التهديدات التي تواجه استقرار القارة، قال الشرقاوي إن النزاعات الإثنية، وضعف مؤسسات الدولة، والصراعات على الموارد تمثل أبرز التحديات، إلى جانب التدخلات الخارجية التي تزيد هشاشة البيئات الداخلية.
ودعا إلى ضرورة بناء حلول إفريقية بإدارة إفريقية، ترتكز على التكامل الاقتصادي وتمكين الشباب والمجتمعات المحلية من أدوات المشاركة والتنمية.
وأكد أن العلاقة بين السلام والتنمية في إفريقيا علاقة عضوية، فـ"لا سلام بدون تنمية، ولا تنمية بدون سلام"، موضحًا أن الاستقرار لا يتحقق فقط عبر الاتفاقات السياسية، بل عبر التعليم والبنية التحتية والعدالة التوزيعية، وهي عناصر جوهرية لبناء السلم الاجتماعي طويل المدى.
وفي سياق متصل، شدد الشرقاوي على أن مرور 25 عامًا على أجندة المرأة والسلم والأمن (القرار 1325) و10 أعوام على أجندة الشباب والسلم والأمن (القرار 2250) يمثل فرصة لإعادة تقييم دور الفئات الأكثر تأثيرًا في مجتمعات ما بعد النزاع.
وقال: "المرأة والشباب ليسوا فئات تحتاج إلى الحماية فقط، بل هم شركاء رئيسيون في الوقاية من النزاعات وصناعة القرار وإعادة بناء المجتمعات"، مؤكدًا أن هذا هو جوهر التوجه الذي يتبناه منتدى أسوان في رؤيته المستقبلية.
واختتم الشرقاوي تصريحاته بالتأكيد على أن منتدى أسوان بات علامة فارقة في الدبلوماسية المصرية الإفريقية، إذ أعاد وضع القارة على خريطة النقاش الدولي من زاوية إفريقية خالصة، تعطي الأولوية للإنسان والتنمية والهوية الإفريقية في معادلة الأمن الشامل.