التقارب المصري الأوروبي.. دفعة استراتيجية جديدة
الثلاثاء، 21 أكتوبر 2025 12:30 م
طلال رسلان
في مارس 2024 وقّعت European Union مع جمهورية مصر العربية، إعلانًا يُعلِن ارتقاء العلاقة بين الجانبين إلى مستوى "الشراكة الاستراتيجية الشاملة".
أُعلِن حينها أن هذه الشراكة التي تشمل ما يقرب من 7.4 مليار يورو دعمًا ماليًا واستثماريًا، ستغطي ست أولويات جوهرية تشمل العلاقات السياسية، الاستقرار الاقتصادي، التجارة والاستثمار، الهجرة والتنقّل، الأمن، والمهارات والشباب.
وتُعد زيارة عبد الفتاح السيسي، اليوم إلى بروكسل، لحضور أول قمة مصرية–أوروبية من نوعها، علامة بارزة على بداية تنفيذ فعلي لهذا التحوّل الاستراتيجي. الزيارة تستهدف تعزيز الإطار الدبلوماسي المصري في أوروبا وإطلاق جولات حوار رفيعة المستوى تُعزّز من مكانة القاهرة كشريك محوري لأوروبا في عدد من الملفات الإقليمية والاقتصادية.
لقد باتت الدبلوماسية المصرية في أوروبا أكثر نشاطًا وتركيزًا على النتائج الملموسة، فقد شاركت مصر بفعالية في منتديات أوروبية للاستثمار والتعاون، كما عقدت محادثات ثنائية هامة مع مفوضية الاتحاد الأوروبي ودول أوروبية لبلورة ملفات التعاون في الطاقة، الأمن، الهجرة، والإصلاح الاقتصادي.
وبالإضافة إلى ذلك، ركّز الجانب المصري على ملف الهجرة باعتباره أحد المحاور المهمة في الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، واستثمار موقع مصر الجغرافي والاستراتيجي لتكون «جسرًا» بين أوروبا وأفريقيا/الشرق الأوسط، مما يعزز دور القاهرة كطرف محوري يمكن لأوروبا الاعتماد عليه في تحقيق أهدافها الإقليمية والاقتصادية.
من الجانب الاقتصادي، تُشكّل المسارات المفتوحة بين مصر وأوروبا مجالًا واعدًا للتعاون، ضمن الإعلان المشترك تمّ التركيز على بيئة استثمارية محسنّة في مصر، ودعم تعزيز تدفقات الاستثمار الأوروبي إلى القاهرة، خصوصًا في القطاعات الحيوية كالتجديد الطاقة، البنية التحتية، التصنيع، والنقل.
وتُعد القمة التي يترأسها الرئيس اليوم مناسبة لإطلاق منتدى اقتصادي موسّع حول فرص الاستثمار في مصر، بمشاركة كبرى الشركات الأوروبية التي تنظر إلى السوق المصري بوصفه بوابة مهمة للنفاذ إلى إفريقيا والشرق الأوسط، إلى جانب ذلك، هناك حوافز أوروبية محتملة تُناقش خلال القمة لتعميق التعاون المالي والاستثماري مع القاهرة.
زيارة الرئيس إلى بروكسل تُرسل رسالة واضحة بأن مصر تدخل عصرًا جديدًا في علاقتها مع أوروبا، ليست كشريك ثانوي بل باعتبارها محورًا تكامليًا في الملفات الإقليمية والاقتصادية.
القمة تُوفّر منصة لإطلاق برامج تنفيذية ملموسة ليس مجرد بيانات تشمل اتفاقيات استثمارية، برامج دعم مالي، وتونسًا بين الشركات الأوروبية والمصرية.
ومع تزايد التحديات الإقليمية (الهجرة، أمن الطاقة، الاستقرار في الشرق الأوسط)، فإن مصر تمتلك موقعًا استراتيجيًا يُعزّز من قدرة أوروبا على التعامل مع هذه الملفات، مما يمنح القاهرة قوة تفاوضية أكبر.
لكن من الجانب الآخر، التحدي الكبير يتمثّل في ترجمة الدعم السياسي إلى مشاريع فعلية تحقق نتائج ملموسة إصلاحات اقتصادية، تحسين بيئة الأعمال، وضمان حقوق المستثمرين – حتى لا تبقى الشراكة أوراقًا على طاولة.
زيارة اليوم تُعد لحظة محورية في بناء «فصل جديد» من العلاقات المصرية الأوروبية. إذا نجحت القاهرة في استثمار هذه اللحظة، فإنها قد تفتح آفاقًا واسعة لاقتصادها خارج حدودها التقليدية، وتُعزّز من دورها الإقليمي والدولي. بالمقابل، فإن أوروبا تُعوّل على شريك مصري يُكمّل استراتيجياتها في الجوار، الطاقة، والهجرة. التحالف ينتظر التنفيذ.