اللواء رفعت قمصان القيادي بحزب الجبهة الوطنية لـ"صوت الأمة": ظاهرة الحزب الواحد انتهت.. والحياة السياسية لا تحتمل الاختراعات.. والبرلمان القادم اختبار حقيقي للأحزاب

السبت، 25 أكتوبر 2025 06:35 م
اللواء رفعت قمصان القيادي بحزب الجبهة الوطنية لـ"صوت الأمة": ظاهرة الحزب الواحد انتهت.. والحياة السياسية لا تحتمل الاختراعات.. والبرلمان القادم اختبار حقيقي للأحزاب
حاورته - دينا الحسيني

"الجبهة الوطنية" استفاد من تجربة انتخابات الشيوخ.. وخطنا الثابت نصرة المواطن وخدمته وحل ‏مشكلاته بأقصى درجة ممكنة

الحياة الحزبية تحتاج تطوير الخطاب السياسي ليكون قريبًا من الشارع.. وكوادر مؤهلة للتعامل مع الناس

الأحزاب المعارضة يمكن أن تحل أزمة ويمكن أيضًا أن تصنعها.. ومن الظلم تصنيف أي حزب على أنه امتداد لآخر

أحزاب «القائمة الوطنية من أجل مصر» تعمل برؤية هدفها الأول خدمة المواطن.. و"الجبهة الوطنية" يمتلك أمانات إقليمية نشطة

 

مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، يتزايد الجدل في الشارع المصري حول دور الأحزاب السياسية ومدى فعاليتها، وقدرة الناخبين على اختيار ممثليهم بحرية ووعي، وطبيعة العلاقة بين الأحزاب والسلطة، وحدود المعارضة البناءة، ومتى تتحول المعارضة إلى عنصر تعطيل لا إصلاح.

في خضم هذه التساؤلات التي تتعلق بمستقبل التجربة الحزبية، أجرَت «صوت الأمة» هذا الحوار مع اللواء رفعت قمصان، أحد أبرز الخبراء في الشأن الانتخابي والسياسي، ونائب رئيس الأمانة الفنية بحزب الجبهة الوطنية. ويجمع قمصان بين الخبرة الأمنية العميقة والمسؤولية التنظيمية الحزبية، فق] سبق وتولى منصب مساعد وزير الداخلية، ومستشار رئيس مجلس الوزراء، ‏ونائب رئيس الجهاز التنفيذي للهيئة الوطنية للانتخابات سابقًا. كل هذه الخبرات تمكنه من تقديم رؤية واقعية ومتكاملة عن المشهد الحزبي والبرلماني، ودور الأحزاب بين الموالاة والمعارضة، والعلاقة بين الأمن والسياسة، ومستقبل التجربة الديمقراطية في مصر.. وإلى نص الحوار..

 

بداية، ماهى مسئوليات الأمانة الفنية في حزب الجبهة الوطنية؟

إذا اطلعتِ على لائحة النظام الأساسي للحزب، ‏ستجدين أن الأمانة الفنية لها العديد من الاختصاصات. يمكن وصفها بأنها "جوكر" الحزب، أو ‏بالمصطلح العسكري "أركان حرب الحزب"، وفي العامية، يطلق عليها "المطبخ".

الأمانة الفنية، برئاسة ‏الوزير علاء فؤاد، وزير المجالس النيابية سابقًا، ومعه ثلاثة نواب: أنا، والنائب أحمد سمير زكريا، والأخت ‏العزيزة رنا حتاتة. ويتبعنا 11 قطاعًا، منها: المركز الإعلامي، قطاع الدعم التشريعي والقانوني، ‏التخطيط الاستراتيجي والمتابعة والتقييم، التدريب وتنمية القدرات، المبادرات الجماهيرية، التواصل ‏الجماهيري، العلاقات العامة والمراسم، وغيرها.

 

هل الحزب اتم استعداداته لانتخابات ‏مجلس النواب؟

الحزب له ظروف خاصة. فهو تأسس في فبراير الماضي وتم ‏تقنينه رسميًا، ويحتاج ‏إلى عامين على الأقل لاستكمال هيكله التنظيمي، وتدريب كوادره على العمل السياسي، وتنمية قدراتهم، وبناء ‏قاعدته الجماهيرية بالتواصل مع الجماهير، وتثبيت مكانته في العمل السياسي.

ومنذ تأسيس الحزب وإعلانه في فبراير 2025، واجهنا استحقاقات انتخابية كبيرة لمجلسي الشيوخ والنواب، وهي استحقاقات لا ‏تتكرر كثيرًا. ومع ذلك، الحزب استفاد من تجربة مجلس الشيوخ، وعملية ‏الترشيح، وتنظيم العديد من المؤتمرات الجماهيرية التي التقى فيها قادة الحزب بالقواعد الجماهيرية. ‏قمنا بجولات في جميع المحافظات التي لدينا فيها مرشحون، والتقينا بالناس، وتحدثنا عن فلسفة ‏الحزب ومبادئه وسياساته. وكان ولازال خطنا الثابت هو نصرة المواطن، والعمل على خدمته، وتلبية مطالبه، وحل ‏مشكلاته بأقصى درجة ممكنة، في حدود الإمكانيات المتاحة والظروف الاجتماعية والاقتصادية ‏والسياسية التي تمر بها الدولة.

 

وما هي الرؤى والتطلعات التشريعية والرقابية التي يسعى حزب ‏الجبهة لتحقيقها في مجلس النواب القادم؟

من خلال ‏لجانه التشريعية والدستورية وقطاع الدعم التشريعي والقانوني التابع للأمانة الفنية، يسعى الحزب للعب ‏دور في جميع مناحي الحياة التشريعية في البلاد. هذا ظهر في موقف الحزب من قضية قانون الإيجارات. ‏رؤية الحزب دائمًا هي مساندة المواطنين، ولكن لزم التنويه أنه بمجرد إقرار القانون ‏من مجلس النواب، وهو السلطة التشريعية في البلاد، وموافقة القيادة السياسية كمرجعية نهائية، ينتهي ‏دور الحزب عند هذا الحد. مؤخرًا، هناك لقاء لقيادات الحزب مع نوابه الجدد بمجلس الشيوخ، لوضع السياسة التشريعية للحزب والتي تتواكب مع ما يدور على الساحة السياسية والاقتصادية ‏والاجتماعية في البلاد من أحداث.

 

ما هي المعايير والآليات التي اعتمدها حزب الجبهة الوطنية في اختيار ‏مرشحي مجلس النواب؟

وضعت قيادة الحزب نصب عينيها أولًا التنسيق مع أحزاب القائمة ‏الوطنية من أجل مصر، وهو تحالف يهدف بالدرجة الأولى إلى دعم القيادة السياسية والدولة، ومساندة ‏الحكومة في خططها الإصلاحية، خاصة في المجال الاقتصادي وكل ما ينفع المواطن. الحزب حريص جدًا على ذلك. ومن خلال هذا التحالف، يتم التنسيق في توزيع المقاعد، وتخصيص ‏الأنصبة للفئات المستثناة، مثل المرأة التي لها كوتة دستورية وقانونية، والعمال والفلاحين والمسيحيين ‏والشباب والمصريين في الخارج، وذوي الاحتياجات الخاصة، والتوزيع العادل في المحافظات من ‏حيث العدد والنوعية، مما يؤدي في النهاية إلى خدمة الشعب وتلبية مطالبه.

كيف يضمن ‏الحزب أن يكون لكوادره التي تمثله في مجلس النواب قاعدة شعبية وجماهيرية تعمل بكفاءة؟ الحزب لديه أمانات إقليمية على مستوى المحافظات، وكل محافظة لها أمانة خاصة بها تحتوي ‏على تشكيلات وهيكل تنظيمي يتماثل مع الهيكل التنظيمي المركزي للحزب، مثل أمانة التنظيم وأمانة ‏التواصل الجماهيري وأمانة مهنية. هذه الأمانات تدعم النائب وتتابع أنشطته، تقدم له الدعم وتراقب ما ‏إذا كان يحقق نتائج على أرض الواقع أم لا. على سبيل المثال، خلال مؤتمرات مجلس الشيوخ، كانت ‏الأمانات الإقليمية في المحافظات ومساعديها من الكيانات هي من تستقبلنا كقيادات في الحزب. ‏المرشحون كانوا جزءًا منا، يعرضون وجهات نظرهم وبرامجهم وخطط عملهم، ونحن كقيادات نشرح ‏ونؤيد هذا الكلام. كل هذا كان مرتبًا ومنظمًا وله خطة موضوعة يسير عليها الحزب، وستُطبق إن شاء ‏الله على مرشحي مجلس النواب.

هناك من يرى أن ‏المشاركة في الانتخابات أصبحت إجراءً شكليًا. كيف ترد على ذلك؟

لا أحد يُجبر ‏على النزول للانتخابات أو اختيار شخص معين. المواطن يخرج من بيته، ويعرف الآن من خلال الوسائل ‏الحديثة مكان لجنته الانتخابية، ويذهب للإدلاء بصوته. إذا لم تتم العملية بشكل سليم، فهو المسؤول. ‏صوته له قيمة، والمادة 87 من الدستور تنص على أن المشاركة في الحياة العامة واجب وطني وحق. ‏يجب على المواطن ممارسة هذا الحق وأداء هذا الواجب، هو وعائلته.

 

هل ترى أن هناك أشياء تحتاج إلى التغيير لتكون الحياة الحزبية أكثر تأثيرًا على الشارع؟

نحتاج العمل على محورين أساسيين: تطوير الخطاب السياسي ليكون قريبًا من المواطن ‏وبلغة بسيطة وواضحة. وثانيًا، وجود كوادر مؤهلة تُجيد التعامل مع الناس وتفهم احتياجاتهم. الحزب ‏مش مجرد شعارات، هو تفاعل يومي مع المجتمع. ولابد من عودة الثقة بين المواطن والحزب من خلال ‏العمل الحقيقي، وليس فقط بالكلام.‏

بالنسبة للمال السياسي، هناك من يقول إنه يسيء لصورة مصر وجهودها في ترسيخ ‏الممارسة الديمقراطية، مثل الحديث عن شراء كرسي البرلمان. ما حقيقة هذا الكلام، وكيف ترى تأثير ‏المال السياسي؟

كلمة «المال السياسي» تُستخدم في غير موضعها. المال السياسي ‏هو المال المستخدم في دعم حركة الأحزاب والكيانات السياسية، ولا يوجد عمل سياسي أو حياة سياسية بدون مال. الحزب يحتاج إلى ‏نفقات للمقرات، الكهرباء، المياه، المرافق، والإداريات. لكن الرشوة الانتخابية، ‏مثل شراء الأصوات أو كرسي البرلمان، سلوك معيب يرتكبه طرفان: المرشح الذي يسلك هذا الطريق غير ‏المشروع، والناخب الذي يفرط في حقه الدستوري مقابل مبالغ زهيدة.

حزب الجبهة الوطنية يرفض تمامًا هذا الأسلوب، ويرى أن المال السياسي الحقيقي هو المال الذي يُستخدم في خدمة الناس، وفي دعم الكوادر، وتنظيم الفعاليات، وتطوير المقرات، وتمويل برامج التدريب والتثقيف السياسي، وليس في شراء الأصوات. لذلك لا بد من التفرقة الواضحة بين المال السياسي المشروع الذي يُسهم في تقوية الأحزاب وتفعيل المشاركة، وبين الرشوة الانتخابية التي تُضعف الثقة في الممارسة الديمقراطية وتُفسد الحياة الحزبية.

 

كيف ترى مستقبل الأحزاب السياسية في مصر خلال السنوات المقبلة؟

أنا متفائل جدًا بمستقبل الحياة الحزبية في مصر. نحن مقبلون على مرحلة جديدة تتسم بوعي أكبر ومساحة أوسع من الحرية، وتجربة سياسية تنضج وتتحسن يومًا بعد يوم. الأحزاب التي ستنجح في العمل الجاد وتكسب ثقة المواطنين هي التي ستستمر وتساهم في بناء مستقبل سياسي حقيقي. المرحلة المقبلة ستكون اختبارًا حقيقيًا لقدرة الأحزاب على التحول من كيانات شكلية إلى قوى فعّالة ومؤثرة في المجتمع.

المشهد السياسي في مصر يشهد تعددية حزبية متزايدة، قد يراها البعض تنافسًا وقد يراها ‏آخرون توافقًا. كيف ترى هذه التعددية؟

التعددية الحزبية أمر حميد ومطلوب، ‏لكن المعيار ليس بكثرة الأحزاب، بل بالفاعلية على الأرض ومدى تفاعل الأحزاب مع القواعد الجماهيرية، وإدراك متطلباتهم وطموحاتهم ‏والتحرك لتحقيقها. أبرز مظاهر الفاعلية هي التمثيل البرلماني. وفي ‏بعض الدول، إذا لم يحقق حزب أي مقعد في البرلمان، يُجمّد نشاطه حتى يتمكن من خوض الحياة ‏النيابية مرة أخرى وتحقيق مكاسب.

هل ترى أن ظاهرة الحزب الواحد المهيمن انتهت فعليًا، أم لا تزال موجودة؟ وهناك من يعتبر أن ‏بعض الأحزاب هي امتداد للحزب الوطني، مثل حزب الجبهة الوطنية أو مستقبل وطن. ما رأيك؟

ظاهرة الحزب الواحد (الحزب الوطني) كانت موجودة قبل أحداث 2011 في ظروف معينة، لكن بعد ‏ثورتين كبيرتين، والتطور التشريعي والدستوري والقانوني واللوجستي والإداري، وظهور العديد من الأحزاب ‏والحركة السياسية، أصبح التقييم مختلفًا. إذا قيل إن حزبًا معينًا هو امتداد لحزب آخر، فهذا غير دقيق. ‏الحياة السياسية لا تحتمل الاختراعات، فهي عبارة عن كيان له تنظيم معين يتفاعل مع قضايا الوطن ‏ويتحرك بين الجماهير. حزب مستقبل وطن، على سبيل المثال، حزب محترم له تواجد جماهيري، نجح ‏في بناء قواعد شعبية جيدة، جذب كوادر شبابية ونسائية متميزة، وساهم في تخفيف الأعباء عن العديد ‏من فئات المجتمع من خلال المشاركة مع أجهزة الدولة المختلفة في برامج مثل «تكافل وكرامة»، «حياة كريمة». هذه إيجابيات ‏مضافة، والمنافسة بين الأحزاب تصب في مصلحة المواطن.

 

برأيك ما الحزب الذي يمكن أن نطلق عليه «حزب المعارضة» في مصر؟

لا يمكن النظر إلى الأمور بهذه الصورة. فهناك مواقف كثيرة تتخذها أحزاب تُصنَّف عادة ضمن «أحزاب الموالاة» لكنها تكون مواقف معارضة في بعض القضايا، وهذا لا يُعيبها. الحياة الحزبية لا تُقاس بهذه التصنيفات الجامدة، فالحزب المعارض قد يساهم في حل مشكلة كما قد يكون سببًا في خلقها. وحتى الحزب المؤيد يجب أن يوازن دائمًا بين مصلحة المواطن ومصلحة الدولة، لأن السياسة بطبيعتها متغيرة ومتطورة.

وإلى أي مدى ترى أن البرلمان القادم يمكن أن يشهد توازنًا بين الحكومة والأحزاب السياسية؟

البرلمان القادم أمامه فرصة حقيقية ليكون أكثر تفاعلًا مع الشارع، وأكثر تعبيرًا عن احتياجات المواطنين، لأن وجود أحزاب قوية وممثلة بشكل فعّال داخل المجلس سيساعد على تحقيق هذا التوازن. كما أن الدور الرقابي يجب أن يُمارس بمسؤولية، بعيدًا عن المزايدات، وفي الوقت نفسه يجب دعم الحكومة عندما تتخذ خطوات جادة للإصلاح. الهدف في النهاية ليس الصراع بين الحكومة والبرلمان، بل التكامل من أجل خدمة المواطن وتحقيق الصالح العام.

 

برأيك ما هي ‏الإضافة التي قدمها مجلس الشيوخ للحياة التشريعية في مصر خلال الفترة الماضية؟

مجلس الشيوخ يضم نخبة متميزة من المفكرين في مجالات ‏السياسة، الاجتماع، الثقافة، والاقتصاد، وكل مناحي الحياة. حتى لو لم يكن دوره التشريعي كاملًا أو ‏بالمستوى المأمول مقارنة بالسابق، فإنه يساهم في إثراء الحياة التشريعية والرقابية للأجهزة التنفيذية ‏في الدولة، خاصة الحكومة. يستطيع تقديم رؤى وتوصيات تُثري الحياة ‏بشكل عام في مصر، فله دور مهم في دعم جميع مناحي الحياة في البلاد.

 

ما أبرز الفروقات التي طرأت على قانون مباشرة الحقوق السياسية بعد ثورة ‏يناير 2011؟

قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية، المعروف ‏بقانون 73 لسنة 1956، يعتبر القانون الأم للحياة السياسية. صدر بعد دستور 1956، ومنذ صدوره في ‏مارس 1956 وحتى تعديلاته بعد أحداث يناير 2011، أي حوالي 55 عامًا، لم تدخل عليه إلا تعديلات محدودة. من أبرز التعديلات: السماح ‏للمرأة بالقيد في كشوف الناخبين دون تقديم طلب كتابي بعد عام 1979، حيث كانت المرأة سابقًا تحتاج ‏إلى تقديم طلب مدعوم من اثنين من الناخبين الرجال، وهو ما اعتُبر نصرًا ديمقراطيًا كبيرًا. كذلك استبدال الصناديق الخشبية بصناديق ذات جانبين شفافين في 2005، أما في الفترة الأخيرة، بعد ثورة  يناير 2011، تم إجراء أكثر من 40 إصلاحًا تشريعيًا وتنظيميًا وإداريًا ولوجستيًا لتطوير عملية ‏مباشرة الحقوق السياسية وضمان وصول صوت المواطن بشكل حقيقي وسليم ومؤثر، واضطلعت الهيئة الوطنية للانتخابات بدورها في تحقيق أقصى درجات النزاهة والشفافية والحيدة من خلال أوجه تطوير عديدة.

 

في ضوء تجربتك الطويلة بين العمل الأمني والسياسي، كيف ترى العلاقة بين الأمن والاستقرار السياسي؟

العلاقة بين الأمن والاستقرار السياسي وثيقة للغاية. فالأمن يُعدّ الأساس لأي عملية سياسية ناجحة، بينما السياسة الواعية هي التي تحافظ على الأمن دون المساس بالحريات. عندما يسود الاستقرار الأمني، تتوفر بيئة مناسبة للنقاش والحوار والتنمية. ودائمًا ما أؤكد أن الأمن والسياسة جناحان لا يمكن أن يطير الوطن بدونهما، ويجب أن يتحركا معًا في اتجاه واحد يخدم المصلحة الوطنية.

في ظل التحديات والأحداث الإقليمية، ما الدور المطلوب من الأحزاب السياسية لدعم الجبهة الداخلية وتعزيز الوعي لدى المواطنين؟

الدور الأهم للأحزاب السياسية هو مساندة القيادة السياسية التي تمتلك الإمكانيات والأجهزة والاتصالات على المستويات الدولية والإقليمية والمحلية، ولديها رؤية واضحة يجب دعمها. لا شك في إخلاص القيادة السياسية ووطنية توجهها، كما لا تردد في رغبة الحكومة الجادة في تنفيذ الإصلاحات اللازمة. على الأحزاب أن تدعم هذه الجهود، وإذا رصدت أي قصور في أي مجال، فعليها أن تُنبه الحكومة بروح الإصلاح والمساندة، لا بنغمة التشفي أو الهدم. يجب أن يتم ذلك في إطار سياسي راقٍ، يقوم على التحضر في الطرح والرغبة الصادقة في تحقيق المصلحة العامة.

 

كيف تقيّم دور الهيئة ‏الوطنية للانتخابات في ترسيخ ضمانات نزاهة وحيادية العملية الانتخابية؟

الهيئة ‏الوطنية للانتخابات كيان محترم يجب أن نفخر به في مصر. سافرت إلى أكثر من 18 دولة لمتابعة ‏تجارب انتخابية مع منظمات دولية، واكتشفنا أن مصر كانت بحاجة إلى كيان يدير العملية الانتخابية ‏بمعايير دولية. سابقًا، كانت اللجنة العليا للانتخابات مسؤولة عن انتخابات البرلمان فقط، وتتغير ‏باستمرار، بينما تدير اللجنة الدستورية العليا انتخابات الرئاسة، ووزارة التنمية المحلية تدير ‏المحليات. الآن، الهيئة الوطنية مستقلة، لا تتبع رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء، ولها ميزانية مستقلة ‏تخضع لرقابة القضاء فقط. تضم مجلس إدارة من خمس جهات وهيئات قضائية، وتدير جميع أنواع ‏الانتخابات (رئاسية، برلمانية، محلية، استفتاءات). المادة 3 من القانون 198 لسنة 2017 تنص على ‏‏26 اختصاصًا للهيئة، بدءًا من تحديث بيانات الناخبين إلى إعلان النتائج، مما يضمن النزاهة والشفافية ‏والحيادية.

 

قبل الانتخابات ثار جدل حول القائمة النسبية والقائمة المطلقة، وأيهما أفضل؟ كيف رأيت ذلك؟

لكل نظام مزاياه وعيوبه، ولا يوجد نظام مثالي خالص المزايا أو العيوب. كل مجتمع يختار النظام الذي يناسبه بحسب أوضاعه السياسية ومستوى وعي الجماهير والثقافة السائدة. في الحالة المصرية، الدستور يمنح تمييزًا إيجابيًا وكوتة لست فئات هي: المرأة بنسبة لا تقل عن 25% في مجلس النواب، الشباب، المصريون بالخارج، العمال والفلاحين، ذوو الإعاقة، والمسيحيون. نظام القائمة المطلقة المغلقة يضمن تمثيل هذه النسب، لذا نصف البرلمان قائم على القوائم والنصف الآخر على المقاعد الفردية.

إذا فُتح باب الترشح الفردي بالكامل، قد لا تترشح نساء بسبب التكاليف والأعباء، ما قد يُخلّ بالالتزام الدستوري. لذلك فالقوائم تضمن تمثيل هذه الفئات، وتتيح مشاركة المستقلين.

 

من هي الشخصية البرلمانية التي تود رؤيتها في مجلس النواب القادم؟

من الصعب ذكر أسماء بعينها، لكن النائب المثالي في رأيي هو من يتميز بنشاط واضح في جميع المجالات، الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، ويمتلك القدرة على التقييم الموضوعي للأمور، فيؤيد المواقف الصحيحة ويعارض ما يراه خاطئًا عن قناعة، ويقاتل لإيصال وجهة نظره للأغلبية. يجب ألا يخشى في قول الحق، وأن يدعم القيادة السياسية والدولة والحكومة من أجل مصلحة مصر، لأن الهدف الأسمى هو خدمة الوطن لا خدمة الأفراد أو المصالح الشخصية.

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق