«من هنا بدأ التاريخ.. ونرسم المستقبل».. المتحف المصري الكبير شاهد على عظمة المصريين

الإثنين، 27 أكتوبر 2025 12:58 م
«من هنا بدأ التاريخ.. ونرسم المستقبل».. المتحف المصري الكبير شاهد على عظمة المصريين
إبراهيم الديب

على مقربة من ظلال الأهرامات، نقطة انطلاق الحضارات المصرية القديمة، ومنبع تاريخ أرض الكنانة، حيث تتلاقى رمال التاريخ مع نبض الحاضر وآمال المستقبل، تستعد مصر لأن تُعيد للعالم ذاكرة الإنسان المصري عبر مشاهد افتتاح المتحف المصري الكبير، وأركانه وزواياه، المشروع الثقافي الأضخم في القرن الحادي والعشرينالذي يضم أروع ماقدم الإنسان عبر التاريخ.
 
المشهد ليس مجرد مبنى يُعرض قيما أثرية من عبق الماضي، بل «مدينة من الضوء والمعرفة» تعيد تعريف العلاقة بين التاريخ والتكنولوجيا، وتضع مصر مجددًا في صدارة المشهد الحضاري العالمي، على مساحة تمتدّ بين السماء والصحراء، تتجاور تماثيل الملوك والآلهة مع أحدث تقنيات العرض التفاعلي، في مشهد يلخّص فلسفة مصر الجديدة «حضارة تتجدّد دون أن تتخلى عن جذورها».
 
ومع اقتراب موعد الافتتاح في نوفمبر 2025، تتحوّل أنظار العالم أجمع نحو مدينة الجيزة، حيث مصر أبواب أحد أضخم مشروعاتها الثقافية في التاريخ الحديث، الصرح الذي ينتظر أن يصبح رمزًا عالميًا على أرض التاريخ.
 
يقع المتحف على بُعد خطوات من الأهرامات، حيث يلتقي عبق الفراعنة بحداثة العمارة والتقنيات الرقمية.
 
استغرق بناء المتحف أكثر من عقدين من العمل، بكلفة تجاوزت مليار دولار، ليكون أكبر متحف في العالم مخصص لحضارة واحدة، ويضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، بينها المجموعة الكاملة للفرعون الذهبي توت عنخ آمون، التي تُعرض لأول مرة مجتمعة، ويُتوقع أن يستقبل المتحف نحو خمسة ملايين زائر سنويًا، ليكون ركيزة رئيسية في انتعاش السياحة الثقافية بمصر.
 
وصُمم المتحف ليكون أكثر من قاعات عرض؛ فهو مدينة ثقافية متكاملة تضم مركز مؤتمرات، قاعات تعليمية، مناطق ترفيهية، ومنافذ تجارية للمنتجات التراثية.
ويرى خبراء الاقتصاد أن المشروع سيحوّل الجيزة إلى وجهة سياحية متكاملة، بما يعزز من فرص العمل ويزيد العائدات من السياحة والخدمات.
 
تجربة الزائر في المتحف المصري الكبير لا تعتمد فقط على النظر إلى القطع الأثرية، بل على الانغماس الكامل في الحكاية، وذلك عبر الشاشات التفاعلية، والواقع المعزز (AR)، والعروض ثلاثية الأبعاد تجعل من كل زيارة رحلة عبر الزمن، وغيرها من وسائل التكنولوجيا الحديثة التي تهدف إلى ربط الأجيال الجديدة بحضارة أجدادهم من خلال تجربة حديثة وسهلة الفهم.
 
وجاء تصميم المتحف مزيجا من الفخامة والوعي البيئي؛ واجهات زجاجية تطل على الأهرامات، واستخدام للطاقة الشمسية ومعايير «المباني الخضراء» التي جعلته من أكثر المشاريع الثقافية استدامة في الشرق الأوسط، وأكد المهندسون المصريون الذين أشرفوا على المشروع، أن المتحف لا يخلّد الماضي فحسب، بل يرسم ملامح مستقبل صديق للبيئة.
 
ويتكامل افتتاح المتحف مع نهضة أثرية شاملة في مصر، مثل إعادة افتتاح مقبرة أمنحتب الثالث بعد 20 عامًا من الترميم، واكتشاف مقابر جديدة في سقارة، ومشروعات ترميم كبرى في الأقصر والإسكندرية والعلمين، وكل ذلك يعكس رؤية موحدة هي تحويل التراث المصري إلى مورد معرفي واقتصادي مستدام.
 
وقبل الافتتاح المرتقب أطلقت الأجهزة المعنية خطة شاملة استعدادا لهذا الحدث العالمي، وتأمينه حتى انتهاءه وخروجه بشكل يليق بحجم وتاريخ وعظمة مصر.
 
وفي هذا الصدد أعلنت محافظة الجيزة تنفيذ خطة تطوير شاملة استعدادًا لافتتاح المتحف المصري الكبير، شملت طلاء ما يقرب من 3000 عقار، وذلك في إطار تحسين المظهر الحضاري للمنطقة المحيطة بالمتحف، بالإضافة إلى تهيئة المنطقة المحيطة بالمتحف لتكون واجهة حضارية تليق بمكانة مصر، مشيرة إلى أنها استهدفت في خطة التطوير، ضمان انطباع بصري مميز يدوم في أذهان الزوار.، كما تم تطوير جميع الطرق والمحاور المؤدية إلى المتحف، بما يشمل أعمال الرصف، وتركيب البلدورات، وإنشاء الأرصفة، وبلاط الإنترلوك، وأعمال التشجير والإنارة، ورفع كفاءة الأسوار والمنشآت، ورفع كفاءة الطرق والمحاور المؤدية للمناطق الأثرية والسياحية، والطرق المؤدية إلى مطار سفنكس الدولي ومحيط فنادق إقامة الوفود الرسمية، بما يحقق السيولة المرورية والانضباط الكامل خلال فعاليات الافتتاح.
 
وانتهت المحافظة من إعداد دليل الهوية البصرية بالتعاون مع جامعة القاهرة وإطلاق شعارها الجديد، الذي يعكس الخلفية الحضارية العريقة للجيزة ويبرز مقوماتها البيئية والتعليمية والثقافية، ويضم تكوين الشعار الجديد أهرامات الجيزة، ونهر النيل، وجامعة القاهرة، بالإضافة إلى المتحف المصري الكبير، تخليدًا لذكرى افتتاحه كأيقونة للتنمية والتطوير على أرض المحافظة.
 
وتستعد أجهزة الأمن لتأمين احتفالات افتتاح المتحف المصري الكبير خلال الأيام المقبلة، مع انتشار شرطي مكثف يهدف إلى خلق مناخ آمن ومريح للجميع، وتركز الاستعدادات على محيط المتحف لضمان سيولة مرورية في الطرق المؤدية إليه، بالإضافة إلى تعزيز التواجد الأمني في الميادين العامة التي ستذيع فعاليات الاحتفال عبر شاشات عملاقة، ليتمكن المواطنون من متابعة الحدث عن قرب وأمان.
 
وفي إطار التحضيرات الجارية لافتتاح المتحف المصري الكبير، عقد د. بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين في الخارج اجتماعاً تنسيقياً ضم قيادات وأعضاء مجموعة العمل بالوزارة المعنية بافتتاح المتحف المصري الكبير يوم الاول من نوفمبر، وذلك لبحث استعدادات وزارة الخارجية لهذا الحدث الثقافي البارز والذي يمثل أحد أهم المشروعات الحضارية في مصر والعالم.
 
أكد الوزير عبد العاطي على أهمية مواصلة التنسيق بين وزارة الخارجية والجهات الوطنية المعنية، مشدداً على الدور الهام الذي تضطلع به الوزارة لاستقبال القادة وكبار المسئولين من مختلف دول العالم الذين سيشاركون في فعاليات الافتتاح لضمان خروج الحدث بالصورة المشرفة التي تعبر عن حضارة مصر العريقة، كما وجه بضرورة مواصلة البعثات المصرية في الخارج تكثيف جهودها للترويج للمتحف المصري الكبير ولهذا الحدث التاريخى باعتباره أحد أبرز معالم التراث الإنساني، وللتأكيد على دور مصر الرائد في حفظ التراث والحضارة الإنسانية.
 
ونوه وزير الخارجية بأن المتحف المصرى يمثل إنجازًا أثريًا وسياحيًا، ورسالة حضارية تعكس مكانة مصر على الساحة الدولية، مشيرًا إلى أهمية تضافر الجهود بين وزارة الخارجية ومختلف مؤسسات الدولة لإنجاح هذا الحدث التاريخي بما يليق بمكانة مصر وشعبها.
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق