"الأمن الذكي".. احترافية الداخلية في تأمين التراث والهوية الحضارية بالمتحف المصري الكبير

في حدث يُعد الأبرز على الساحة الثقافية والسياحية خلال السنوات الأخيرة، تستعد مصر للاحتفال العالمي بافتتاح المتحف المصري الكبير اليوم السبت، ونظرًا لما يمثله هذا الحدث من قيمة حضارية لمصر أمام العالم، كثفت أجهزة وزارة الداخلية من استعداداتها لتأمين الاحتفال، في إطار خطة أمنية شاملة تستهدف تحقيق أعلى درجات الانضباط والسلامة.

تأتي هذه الاستعدادات في إطار رؤية متكاملة تتبناها وزارة الداخلية لتعزيز مفهوم الأمن الذكي، القائم على الدمج بين الاحترافية البشرية والتقنيات التكنولوجية الحديثة، بما يواكب التطور العالمي في مجالات الأمن وإدارة الفعاليات الكبرى.

وتعمل الوزارة منذ سنوات على تطوير أدواتها ومفاهيمها لتتحول إلى منظومة أمنية متكاملة تعتمد على الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي في إدارة العمليات.

خطة تأمين متكاملة ومستويات غير مسبوقة من الجاهزية

علمت «صوت الأمة» أن الخطة الموضوعة لتأمين المتحف الكبير تشمل تأمينًا متعدد المستويات يغطي محيط المتحف والطرق المؤدية إليه والمناطق الحيوية المحيطة، إلى جانب أنظمة مراقبة ذكية تعمل بالذكاء الاصطناعي قادرة على تحليل الحركة والتعامل الفوري مع أي حالات اشتباه، كما تم تعزيز إجراءات التأمين بوجود وحدات مدربة من فرق المفرقعات، والكلاب البوليسية، ووحدات التدخل السريع، إلى جانب نشر دوريات متحركة مزودة بأنظمة رصد واتصال حديثة لتأمين نطاق الحدث من جميع الاتجاهات.

وتعتمد المنظومة الأمنية في مجملها على مبدأ التكامل بين العنصر البشري والتكنولوجيا، حيث تم تدريب الضباط والأفراد المشاركين في عمليات التأمين على استخدام أحدث المعدات الإلكترونية وأدوات الذكاء الاصطناعي في تحليل المواقف واتخاذ القرار الفوري.

تكنولوجيا حديثة في خدمة التراث

تمثل خطة التأمين الخاصة بالمتحف الكبير نموذجًا لما وصلت إليه وزارة الداخلية من تطور تقني ومهني في آن واحد، وفقًا لمصادر مطلعة، فقد تم تعميم استخدام أنظمة المراقبة الحرارية والطائرات بدون طيار (الدرونز) لتأمين الأجواء والمناطق الواسعة، إلى جانب الروبوت الأمني (الكلب الروبوت) الذي يساهم في تنفيذ مهام دقيقة داخل المواقع الوعرة أو الأماكن المغلقة.

كما تتكامل هذه التقنيات مع منظومة الأمن السيبراني وغرف العمليات الذكية التي تتابع الحدث لحظة بلحظة من خلال شاشات تحليل متطورة تعمل بتقنيات الذكاء الاصطناعي، بما يتيح التعامل الاستباقي مع أي طارئ أو تهديد محتمل.

احترافية متنامية لعناصر الأمن

توضح البيانات الرسمية أن وزارة الداخلية أولت اهتمامًا خاصًا بتأهيل العنصر البشري خلال السنوات الأخيرة، من خلال مراكز تدريب متخصصة في التكنولوجيا الأمنية والذكاء الاصطناعي، تهدف إلى رفع كفاءة الضباط والأفراد في التعامل مع الوسائل التقنية الحديثة، وتُعد هذه البرامج التدريبية جزءًا من خطة التطوير الشامل التي تشهدها الوزارة لبناء رجل شرطة عصري يجمع بين القوة الميدانية والفهم التكنولوجي المتقدم، بما يضمن سرعة الاستجابة ودقة التنفيذ في مختلف المواقف.

وأشار خبراء أمنيون إلى أن ما يتم تطبيقه حاليًا في تأمين المتحف الكبير يعكس مستوى متطورًا من الاحترافية والتنظيم، نتيجة تراكم الخبرات الميدانية وتكامل منظومة التدريب مع التقنيات الذكية، مؤكدين أن الوزارة أصبحت تمتلك “منظومة أمنية متكاملة قادرة على تأمين الأحداث الكبرى بنفس كفاءة الدول المتقدمة”.

الأمن كصورة من صور الحضارة

ويُنظر إلى تأمين افتتاح المتحف المصري الكبير بوصفه حدثًا حضاريًا بقدر ما هو أمني، إذ يجسد التقاء التراث المصري القديم بالتكنولوجيا الحديثة، ليؤكد أن الأمن أصبح أحد أركان النهضة الحضارية للجمهورية الجديدة، فالشعور بالأمان والطمأنينة هو أساس التجربة الحضارية التي تسعى الدولة لترسيخها في كل فعالية كبرى، لتظل مصر دائمًا نموذجًا للأمن والاستقرار والتنظيم في المنطقة والعالم.

وتُبرز استعدادات وزارة الداخلية لتأمين المتحف الكبير نقلة نوعية في فلسفة وزارة الداخلية، إذ لم تعد المسألة مجرد وجود أمني تقليدي، بل أصبحت منظومة متكاملة توظف العلم والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لخدمة المواطن والزائر والموقع الأثري على حد سواء.

وبذلك، تقدم مصر للعالم نموذجًا متطورًا للأمن في الفعاليات الثقافية الكبرى، حيث تتكامل جهود الدولة ومؤسساتها تحت راية واحدة: «حماية الحضارة وصون الأمن وبناء المستقبل».