ثلاثية السلام المصرية
الجمعة، 31 أكتوبر 2025 06:56 م 
                    يوسف أيوب
                
	الإيمان بعدالة قضيتنا "ومسئولية القرار" وعدم التعدى على حقوق الآخرين ترمز لالتزام الدولة بنهج السلام وصونه
	"القرار مسئولية، وقضيتنا عادلة، ومصر لا تتعدى على حقوق الآخرين"، ثلاثية تكشف المنهجية والاستراتيجية التي سارت عليها ولا تزال الدولة المصرية، منذ 2014 وحتى اليوم، وظهرت بشكل قوى في أزمة حرب غزة الأخيرة، والتي أثبتت الرؤية الصائبة، رغم ما تعرضت له من ضغوط ملموسة وأخرى غير ملموسة، لكى تحيد عن موقفها، وتأخذ مواقف أخرى تتوافق مع أهواء أخرين، لا يريدون لمصر أن تبقى مستقرة، ولا للمنطقة أن تهدأ. وقفت مصر صلبة وقوية، معبرة عن رؤيتها، لم تتبدل، وقفت بجانب الحق، مؤمنة بأن القضية عادلة. قالت بصوت عالٍ "لا لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم.. ولا لتصفية القضية"، وها هي اليوم بعد عامين من حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في غزة، تؤكد مصر أن ما قالته حققته.
	السبت الماضى، وخلال الاحتفالية الوطنية الكبرى التي أقيمت تحت عنوان "وطن السلام"، بمدينة الفنون والثقافة بالعاصمة الإدارية الجديدة، في إطار الذكرى الثانية والخمسين لانتصارات السادس من أكتوبر المجيدة، تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي، شارحاً عددا من المبادئ الهامة التي تسير عليها الدولة المصرية، بدأها بقوله إن النصر لا يتحقق بقوة الجيش فقط، بل بإرادة الشعب الذي يرفض الهزيمة، وأن الشعب المصري كان وسيظل صاحب الدور الأكبر في كل انتصار حققته الدولة، وأن صاحب الفضل الحقيقي هو الله سبحانه وتعالى، مشيراً إلى أن توقيع اتفاق شرم الشيخ بإنهاء الحرب في غزة "فضل كبير من ربنا، ولينا الفخر إن ربنا هو اللي ساعدنا".
	ومع قوله إن مصر واجهت خلال العامين الماضيين تحديات كبيرة مرتبطة بالأوضاع في قطاع غزة، لكن الرئيس السيسى جدد التأكيد على أن الموقف المصري كان دائمًا نابعًا من مسؤولية وطنية وإنسانية تجاه الأشقاء الفلسطينيين، ومن هنا جاءت 3 مبادئ أساسية حددها الرئيس السيسى، وتشرح آليات تحديد المواقف المصرية، وهى: أن اتخاذ القرار مسئولية، والقرارات الكبرى تتطلب حسابات دقيقة ومسؤولية كبيرة، وهذه المسئولية مرتبطة بعدالة القضية "قضيتنا عادلة"، والحديث عن عدالة القضية هنا، رغم أنه يعبر عن القضية الفلسطينية وعدالتها، لكنه ينسحب أيضاً، على كافة المواقف المصرية، فالدولة تؤمن دوماً بعدالة مواقفها وقضاياها، لذلك فأنها تتعامل معها وفق هذا المنطق، وتحقق النجاح بفضل الله، وقوة مؤسساتها وتماسك شعبها، ثم نصل إلى المبدأ الأخير والاهم، والمرتبط بعدالة القضية، وهو أن مصر لا تتعدى على حقوق الآخرين، بل تسعى دوماً إلى تحقيق الامن والاستقرار للجميع، وهو ما تكشفه التحركات المصرية في كافة الاتجاهات، فرغم أن مصر هي الأكثر تأثراً بما يحدث حولها من حروب وصراعات، لكنها أبداً لم تكن طرفاً مشاركا في هذه الصراعات وإنما تعمل دوماً على التهدئة والوصول إلى حلول سياسية ودبلوماسية تجنب المنطقة الحروب، وتحفظ للدول مقدراتها، وهو ما نراه في القضية الفلسطينية، وأيضاً الوضع في السودان وليبيا وغيرها من الملفات الملتهبة على حدودنا.
	هذه المبادئ تعبر عن طريق السلام الذى اختارته مصر وتسير عليه، وهو ما عبر عنه الرئيس السيسى بالتوقيع على "رسالة سلام من مصر إلى العالم"، بما يرمز إلى التزام الدولة المصرية بنهج السلام وصونه، باعتباره خيارًا استراتيجيًا ومبدأً راسخًا في سياستها الوطنية والدولية.
	فرغم ما تعرضت له القاهرة ولا تزال تتعرض له من ضغوط إقليمية ودولية لكى تحيد عن مواقفها المبدئية تجاه الأوضاع الأقليمية الملتهبة، الا ان القيادة المصرية، أبت التجاوب مع هذه الضغوط أو التماهى معها، بل التمسك بالمبادئ الواضحة والمعلنة، والقائمة على نصرة الحق، وتقديم يد العون والمساعدة لشعوب المنطقة، والعمل قدر الإمكان على وقف سفك دماء الأبرياء، وهذه المبادئ هي ما جعلت مصر في وضع يسمح لها بالتدخل لدى كافة الأطراف ليس كوسيط وإنما كراعى للسلام، فالقاهرة أياديها دائما بيضاء، ولم يثبت في أي لحظة تورطها في أي نزاع أقليمى أو دولى، وهذا لا يعنى أنها متخاذلة عن حماية حقوقها، بل أن الموقف المصرى واضح، وهو الحفاظ على الأمن القومى المصرى بشتى الطرق والوسائل، لأنها تملك الوسائل والإمكانيات التي تمكنها من ذلك، لكنها أبداً لم ولن تتورط في أي نزاع، ولن تحيد عن مواقفها الواضحة والمعلنة مهما كانت الضغوط، لأن رسالتها واحدة "السلام والأمن والاستقرار".
 
							
							 
							
							
							
							
							
							
							
                         
                         
                         
                         
                         
                         
                 
                 
                 
                 
                