بعد ترشح اسمه بقوة لرئاسة لجنة إدارة غزة..
أمجد الشوا مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية بالقطاع لـ"صوت الأمة": ننتظر بفارغ الصبر مؤتمر القاهرة لإعادة إعمار غزة
الأحد، 02 نوفمبر 2025 09:30 ص
الدكتور أمجد الشوا، مدير عام شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية في قطاع غزة
حاوره: محمود على
مصر الحاضنة والداعمة التاريخية للقضية الفلسطينية.. ونقدر وقفتها الأصيلة معنا سياسياً وإنسانياً وإفشال مخططات التهجير
يعيش قطاع غزة اليوم واحدة من أكثر مراحله الإنسانية مأساوية منذ عقود، حيث تتواصل المعاناة المعيشية بالقطاع رغم اتفاق وقف إطلاق النار، فبعد أيام قليلة من إعلان وقف العدوان عاد صوت القصف ليدوّي من جديد في مختلف مناطق القطاع، تاركًا خلفه عشرات الشهداء والجرحى، معظمهم من الأطفال والنساء، في مشهد يختصر حجم المأساة التي يعيشها الفلسطينيون تحت الحصار الإسرائيلي.
في ظل هذه الأوضاع الكارثية، يتفاقم تدهور الأوضاع المعيشية والإنسانية بصورة غير مسبوقة، حيث يواجه أكثر من مليوني فلسطيني ظروفًا معيشية قاسية في ظل انقطاع الخدمات الأساسية من مياه وكهرباء وصحة وغذاء، إلى جانب تدمير واسع للبنية التحتية التي لم تعد قادرة على تلبية الحد الأدنى من احتياجات السكان، كما تتواصل معاناة النازحين الذين فقدوا منازلهم، إذ تشير التقديرات إلى أن أكثر من مليون ونصف شخص يعيشون في ظروف مأساوية دون مأوى أو مقومات حياة كريمة.
القيود الإسرائيلية المفروضة على إدخال المساعدات الإنسانية تزيد الوضع تعقيدًا، إذ لا يُسمح بدخول سوى عدد محدود من الشاحنات يوميًا، لا يتجاوز ثلث ما تم الاتفاق عليه ضمن التفاهمات الإنسانية، ومع استمرار منع دخول الإمدادات الطبية والغذائية ومستلزمات الإيواء، أصبح القطاع على حافة الانهيار التام، فيما تُعلن المؤسسات الدولية والمنظمات الأهلية حالة طوارئ قصوى في محاولة لتخفيف الكارثة الإنسانية المتصاعدة.
في هذا السياق، أجرينا حواراً هاما مع الدكتور أمجد الشوا، مدير عام شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية في قطاع غزة والذي يعد ضمن أبرز المرشحين المتداول أسماؤهم لرئاسة لجنة لإدارة شؤون قطاع غزة، والذي استعرض من خلاله تفاصيل الواقع الإنساني الصعب، وكشف عن أبرز التحديات التي تواجه العمل الإغاثي، والقيود التي تفرضها سلطات الاحتلال على دخول المساعدات، إضافة إلى الجهود التي تبذلها المؤسسات الأهلية للتخفيف من معاناة المدنيين رغم الإمكانيات المحدودة والظروف القاسية، والجهود المصرية السياسية والإنسانية الداعمة للشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة.. وإلى نص الحوار.
ما تقييمكم لتجدد الانتهاكات الإسرائيلية بعد وقف إطلاق النار الأخير؟
تجدد الانتهاكات الإسرائيلية في قطاع غزة أمر خطير جدًا، فلم تمر أيام قليلة على وقف إطلاق النار حتى عاودت قوات الاحتلال الإسرائيلي عمليات القصف، ليلة الثلاثاء بالأسبوع الماضي كانت ليلة قاسية حتى ساعات صباح الأربعاء، حيث سقط عشرات الشهداء، معظمهم من الأطفال، نتيجة استهداف الاحتلال الإسرائيلي لمختلف مناطق القطاع، واستكماله عمليات القتل والتدمير في ظل الأوضاع الإنسانية المتدهورة.
لم يحدث أي تحسّن حقيقي على الواقع الإنساني، إذ يصرّ الاحتلال على تعميق الأزمة التي يعيشها شعبنا الفلسطيني من خلال القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية، سواء من حيث الكميات أو الأصناف التي يسمح بإدخالها إلى القطاع.
ما حجم المساعدات التي تدخل القطاع حاليًا مقارنة بما تم الاتفاق عليه؟
يُسمح بدخول نحو 200 شاحنة يوميًا فقط من المساعدات، وهو ما يمثل نحو 30% مما تم الاتفاق عليه في البروتوكول الإنساني الذي كان جزءًا من اتفاق وقف إطلاق النار.
حتى هذه اللحظة، لم يسمح الاحتلال بإدخال مستلزمات الإيواء الأساسية، مثل الخيام والفُرُش والأغطية وغيرها من الاحتياجات الضرورية، فقد دخلت بضع آلاف فقط من الخيام، في حين أن الحاجة الفعلية تبلغ نحو 300 ألف خيمة، إذ يوجد أكثر من مليون ونصف فلسطيني فقدوا منازلهم ويعيشون تداعيات هذا الواقع الصعب والمعقّد.
كيف تصفون الوضع الغذائي والصحي بقطاع غزة في ظل استمرار الحصار؟
قطاع غزة أُعلن منطقة مجاعة منذ أكثر من شهرين، وحتى الآن لم تدخل المستلزمات المطلوبة للتعامل مع هذه الحالة بالكميات الكافية. عشرات الآلاف من الأطفال يعانون من سوء التغذية بسبب تدهور الوضع الصحي، إضافة إلى النساء الحوامل، حيث إن سبع من كل عشر سيدات حوامل يعانين من سوء التغذية.
القطاع الصحي بمعظمه خارج الخدمة، ولم يسمح الاحتلال الإسرائيلي بإدخال المواد الأساسية لتأهيله، سواء الأدوية أو المستلزمات الطبية أو الأجهزة المعطلة، كما يمنع إدخال مستلزمات إنشاء مستشفيات ميدانية أو دخول الطواقم الطبية إلى قطاع غزة.
ما تأثير إغلاق المعابر على الخدمات الأساسية، خصوصًا المياه؟
إغلاق المعابر حتى الآن يحول دون إعادة تشغيل الخدمات، خاصة خدمات المياه، إذ دمّر الاحتلال البنية التحتية المائية بنسبة تقدر بـ85% من الآبار ووحدات التحلية وخطوط المياه، كما يمنع الاحتلال وصول المياه إلى السكان، ما جعل معظم سكان القطاع يعانون من انعدام الأمن المائي والعطش، سواء لمياه الشرب أو للاستخدام اليومي.
ماذا عن وضع المساعدات الدولية التي تنتظر الدخول إلى القطاع؟
الاحتلال يمنع إدخال المساعدات الخاصة بوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، إذ هناك نحو 6000 شاحنة تنتظر الدخول، إضافةً إلى عشرات المنظمات الدولية غير الحكومية التي تمتلك مساعدات إنسانية ويمنع الاحتلال إدخالها، كما يمنع الاحتلال دخول المعدات والآليات اللازمة لفتح الطرقات والمساعدة في إزالة الركام وانتشال جثامين الشهداء التي لا تزال تحت الأنقاض، كما يمنع إدخال الأدوات الخاصة بإزالة مخلفات القصف التي لم تنفجر، وهي كميات كبيرة جدًا تشكّل تهديدًا حقيقيًا للمواطنين والعاملين في المجال الإنساني.
ما الجهود التي تبذلها المنظمات الأهلية الفلسطينية في ظل هذه الظروف؟
نحن كمنظمات أهلية فلسطينية نعمل جاهدين على تعزيز الاستجابة الإنسانية رغم النقص الحاد في المستلزمات، قمنا بافتتاح العديد من المطابخ الاجتماعية، والمساعدة في عمليات نقل المياه رغم قلتها، وافتتاح عدد من العيادات الطبية لدعم الجهاز الصحي المدمّر، إضافة إلى مساعدة المواطنين في قضايا المأوى وغيرها.
لكن التحدي الأساسي اليوم يتمثل في إغلاق الاحتلال لمعظم معابر قطاع غزة، فهناك ثلاثة معابر في منطقة غزة والشمال لا تزال مغلقة، إلى جانب استمرار إغلاق معبر رفح من الجانب الفلسطيني، ومنع خروج المرضى والجرحى للعلاج خارج القطاع في مهام إنسانية عاجلة لإنقاذ الحياة.
كيف تقيّمون الدور المصري في دعم الشعب الفلسطيني ووقف العدوان على قطاع غزة؟
هناك تقدير كبير للدور المصري، وتثمين عالٍ للجهود التي تبذلها الشقيقة جمهورية مصر العربية على كافة المستويات، سواء من حيث الضغط السياسي والدبلوماسي من أجل وقف هذا العدوان بكافة أشكاله على شعبنا الفلسطيني، أو من خلال الجهود الكبيرة التي يقودها الرئيس عبد الفتاح السيسي والدبلوماسية المصرية، والتي تمكنت من إنجاز اتفاق وقف إطلاق النار ومتابعة تنفيذ التزامات الأطراف المتعلقة به.
كما نثمّن عاليًا الجهود الإنسانية المصرية في إدخال المساعدات وتقديم الدعم المباشر للشعب الفلسطيني، إلى جانب إنشاء مراكز إيواء وتقديم الخدمات الأساسية لتخفيف وطأة المعاناة التي يعيشها أبناء شعبنا في قطاع غزة.
شعبنا الفلسطيني يقدر هذه الوقفة المصرية الأصيلة، سواء على الصعيد الإعلامي أو الشعبي، فمصر كانت وما زالت الحاضنة والداعمة التاريخية للقضية الفلسطينية.
ماذا عن الجهود المصرية الخاصة بإعادة إعمار قطاع غزة؟
نقدر الجهد المصري في إعداد خطة إعادة إعمار غزة، والمتوقع بدء تطبيقها بالمؤتمر المقرر عقده شهر نوفمبر ، نأمل أن يشهد هذا المؤتمر حشدًا كبيرًا للأطراف الدولية والمانحين من أجل دفع هذ الخطة المصرية وتقديم المنح المالية اللازمة التي يمكن أن تسهم بشكل جاد في إعادة إعمار قطاع غزة.
ونؤكد أن هذه الجهود تأتي ضمن مسار سياسي متكامل يهدف إلى تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، والعمل على توفير مقومات الحياة الأساسية لشعبنا الفلسطيني الذي عاش خلال العامين الماضيين أبشع صور الإبادة الجماعية والقتل والتدمير.
كما نثمن الموقف المصري الجاد في مواجهة مخططات التهجير القسري التي حاول الاحتلال الإسرائيلي فرضها على أبناء شعبنا في القطاع.
ما توقعاتكم لمؤتمر إعادة الإعمار والتعافي المرتقب؟
نأمل أن يحقق المؤتمر النتائج المطلوبة حتى نتمكن من البدء الفوري في إعادة إعمار ما دمره الاحتلال الإسرائيلي، إلى جانب تحقيق التعافي الاقتصادي والاجتماعي للمواطنين الفلسطينيين.
نحن ننتظر بفارغ الصبر هذا المؤتمر الذي يمثل بارقة أمل حقيقية لشعبنا الفلسطيني، من أجل إنهاء العدوان وترميم معالم الحياة في قطاع غزة، بما يسهم في تثبيت المواطنين على أرضهم وتعزيز صمودهم في مواجهة محاولات الاحتلال المستمرة لاقتلاعهم.
وما رؤيتكم لمستقبل غزة؟ وما المطلوب لوضعه على خط الاستقرار؟
لا شك أن الاحتلال الإسرائيلي سيحاول عرقلة أي جهد يبذل من أجل الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، خصوصًا مرحلة إعادة الإعمار والتعافي، حتى في ظل الظروف الراهنة.
والمطلوب في هذه المرحلة هو ضرورة أن يكون هناك ضغط حقيقي من جميع الأطراف الدولية على الاحتلال الإسرائيلي لاحترام التزاماته وتسهيل دخول المساعدات دون تأخير أو عراقيل.
ونحن نؤمن أنه إذا ما تم عقد مؤتمر إعادة الإعمار، وتم فتح المعابر وإدخال متطلبات البناء والإعمار بانسيابية، فإن ذلك سيسهم في تحقيق الاستقرار الحقيقي، ويُثبّت المواطنين على أرضهم، ويدفع باتجاه إعادة الحياة بجميع أشكالها إلى قطاع غزة.