بين الحرب والسلام.. واقع السيطرة الإسرائيلية على أراضي قطاع غزة

الإثنين، 03 نوفمبر 2025 12:54 م
بين الحرب والسلام.. واقع السيطرة الإسرائيلية على أراضي قطاع غزة
هانم التمساح

يشهد قطاع غزة منذ بدء  الحرب فى  7 أكتوبر 2023، تحولات جوهرية في الواقع الميداني والسياسي ، ومع استمرار العمليات العسكرية وتبدّل خرائط السيطرة، تبرز تساؤلات جوهرية: إلى أي مدى تسيطر إسرائيل فعلياً على غزة؟ وهل تتجه نحو احتلال دائم؟ وما المُرجّح أن يحدث في المستقبل؟
 
حجم السيطرة الإسرائيلية حالياً
 
وتُشيربيانات وزارة الإعلام في غزة إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تسيطر على نحو 77٪ من مساحة قطاع غزة ، فيما أكدت مصادر مستقلة، منها وكالة الأنباء الفرنسية، أن نسبة السيطرة الفعلية تتراوح بين 50 و58٪ من مساحة القطاع، في ظل تباين المعايير التي تُقاس بها السيطرة الميدانية.
 
وأظهرت تقارير ميدانية أن إسرائيل أنشأت ما يُعرف بـ «المناطق العازلة»، تمتد في عدة مناطق داخل القطاع، وقد تُستخدم لتوسيع نطاق السيطرة في المراحل القادمة، ومن الناحية القانونية، فإن السيطرة الفعلية  سواء كانت عسكرية أو اقتصادية أو عبر المعابر والحدود   تُعدّ معياراً أساسياً لتصنيف الوضع كـ"احتلال" وفق القانون الدولي.

لماذا هذا الوضع؟  
 
تُبرّر إسرائيل توسيع نطاق سيطرتها بأنه «إجراء أمني ضروري» لمنع تهديدات مستقبلية من قطاع غزة ،ووفق تقرير لشبكة PBS، فإن الجيش الإسرائيلي يعتبر استمرار انتشاره جزءاً من الضغط على حركة حماس لإطلاق الأسرى المحتجزين لديها، وينظر  الجانب الفلسطيني والإقليمي، إلى هذه الخطوات كمسعى لتغيير الخريطة الديموغرافية والسيطرة على الأراضي تمهيداً لتقسيم غزة إلى مناطق مختلفة النفوذ.
 
ويعد هذا التطور مشابه لسيناريو ما بعد الانسحاب الإسرائيلي عام 2005، حين استمرت إسرائيل في السيطرة على المجال الجوي والبحري والمعابر، ما جعل مفهوم "الانسحاب" موضع جدل قانوني واسع.
 
ومنذ بدء اتفاق وقف إطلاق النار الأخير في غزة، لم يختفِ جيش الاحتلال من المشهد الميداني، بل أعاد تشكيل وجوده بأسلوب مختلف ،فقد بدأ في وضع مكعبات إسمنتية ضخمة مطلية باللون الأصفر لتحديد ما يُعرف بـ"الخط الأصفر" داخل القطاع، وهو نطاق تمركز قواته في المرحلة الأولى من الاتفاق الذي تم بوساطة مصرية وقطرية وتركية وأمريكية، وفي العاشر من أكتوبر الجاري، انسحب الجيش الإسرائيلي من عمق محافظات القطاع إلى هذا الخط الذي ما زال يشكّل الحد الفعلي لانتشاره، رغم الحديث عن "انسحاب تدريجي"، وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي صور ومقاطع فيديو تُظهر الجرافات الإسرائيلية وهي تنقل الكتل الخرسانية وتضع لافتات تحذيرية على طول الخط الجديد، ما أثار جدلاً واسعاً حول نوايا إسرائيل الحقيقية من هذا التحرك، ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تكرّس وجوداً دائماً داخل القطاع مستفيدة من غياب جدول زمني واضح، فيما يعتبر آخرون أن ذلك يمثل انتهاكاً صريحاً لبنود اتفاق وقف إطلاق النار ومحاولة لفرض واقع ميداني جديد يُبقي غزة.
 
ويصف بعض المحللين هذا التطور بأنه بداية مرحلة «احتلال جزئي طويل الأمد»، تُدار فيها غزة عن بُعد عبر خطوط ميدانية وتحذيرات عسكرية، بدلاً من الاجتياحات المباشرة، ما يعني عملياً انسحاباً شكلياً يُخفي بقاءً فعلياً.
 
سيناريوهات المستقبل
 
والوضع على هذه الشاكلة يعنى أننا أمام عدة سيناريوهات أما احتلال طويل الأمد تصريحات إسرائيلية رسمية تُشير إلى نية الاحتفاظ بـ"وجود أمني دائم" داخل غزة، خاصة على الحدود والمعابر،أو انسحاب جزئي مشروط ووضع مأزوم  ،وترتبط احتمالات الانسحاب بمفاوضات مع أطراف دولية وبشروط تتعلق بالأسرى، وضمانات الأمن، وإعادة الإعمار ، مع احتمال  استمرار الوضع الحالي، بحيث تبقى أجزاء واسعة من غزة تحت سيطرة إسرائيلية وأخرى تحت إدارة فلسطينية محدودة دون حل سياسي نهائي.
 
التحديات والعقبات
 
ويعانى القطاع من تحديات كثيرة ، ويعد الوضع الانسانى من النزوح الواسع، انهيار البنية التحتية، وانعدام الأمن الغذائي ، وكذلك الوضع القانونى الممثل  فى  استمرار السيطرة الإسرائيلية يثير تساؤلات حول التزاماتها بموجب اتفاقيات جنيف كقوة احتلال ، وسياسيا فى استمرار السيطرة يُضعف الموقف الإسرائيلي داخلياً ويزيد الضغوط الدولية، خاصة من الدول العربية والاتحاد الأوروبي.
 
الخط الأصفرأيضا  ليس مجرد ترسيم ميداني، بل إشارة إلى مرحلة جديدة في إدارة الاحتلال لغزة ،فبين انسحاب تدريجي معلن ووجود فعلي مستمر، تبقى الحقيقة أن إسرائيل ما زالت تمسك بزمام الأرض والمعابر والحدود، وتعيد رسم واقع ميداني قد يمتد لسنوات.
 
الأشهر القادمة ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كان هذا الخط سيبقى رمزاً لاحتلال مؤقت، أم أنه حدود فعلية لواقع جديد في غزة.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق