«أنا أجمل منه».. سخرية ترامب من «ممداني» تفتح جبهة صراع بين اليمين والمحافظين بأميركا
الإثنين، 03 نوفمبر 2025 01:11 م
هانم التمساح
أشعل الرئيس الأميركي دونالد ترامب موجة جدل واسعة بعد تصريح ساخر وجّهَه إلى السياسي الديمقراطي التقدّمي زهران ممداني، المرشح لمنصب عمدة مدينة نيويورك لعام 2025، واصفًا إياه بـ«الشيوعي»، مضيفًا بنبرة استهزاء: «أنا أجمل منه بكثير».
لكن ما بدا في البداية تعليقًا عابرًا على المظهر، تحوّل سريعًا إلى مؤشر جديد على احتدام الصراع بين التيارين المحافظ والتقدّمي في المشهد السياسي الأميركي، خصوصًا مع اقتراب انتخابات كبرى على المستويين المحلي والوطني.
ويأتي تصريح ترامب في سياق هجومه المتكرر على بعض الشخصيات التقدمية داخل الحزب الديمقراطي، متّهماً إياهم بتبنّي أفكار متطرفة تضر بالاقتصاد الأمريكي وبقيم المجتمع.
وقبل يومين فقط من موعد انتخابات عمدة نيويورك، نشر زهران ممدانى، المرشح الديمقراطى الأوفر حظاً فى هذه الانتخابات، مقطع فيديو باللغة العربية، مخاطباً به سكان المدينة من ذوى الأصول العربية يدعوهم فيه للتصويت له يوم الثلاثاء.
تحدث «ممداني» فى الفيديو، الذى نشره على حسابه الرسمي على انستجرام، عن غلاء المعيشة فى مدينة نيويورك، ووعد بانه فى حال انتخابه سيقوم بتجميد الإيجارات لأكثر من مليوني شخص، مع توفير حافلات سريعة ومجانية وضمان رعاية للأطفال شاملة لكل العائلات.
من هو زهران ممداني؟
زهران ممداني (33 عامًا)، من مواليد كمبالا أوغندا، انتقل إلى الولايات المتحدة في طفولته، ويشغل منذ عام 2021 مقعدًا في جمعية ولاية نيويورك عن منطقة كوينز، ويُعرف بانتمائه إلى التيار اليساري داخل الحزب الديمقراطي، ويصف نفسه بأنه «اشتراكي ديمقراطي»، لا ينتمي إلى أي حزب شيوعي.
ويخوض سباق رئاسة بلدية نيويورك بشعارات إصلاحية جريئة، أبرزها تجميد الإيجارات، وتوفير وسائل نقل عامة مجانية، وزيادة الضرائب على الأثرياء لدعم الإسكان والرعاية الاجتماعية ،وإذا فاز بالمنصب، فسيكون أول مسلم ومن أصول شرق أفريقية هندية يتولى هذا المنصب، وعلى الرغم من أنه ليس من أصل عربى، إلا أن ممدانى خاطب جمهوره مستخدماً اللغة العربية بلهجة شامية، وقال: "مرحباً أنا اسمى زهران ممدانى، وأرشح حالى لمنصب العمدة الجديد فى مدينة نيويورك"، وطلب ممدانى دعم السكان فى الرابع من نوفمبر، حيث تعقد الانتخابات يوم الثلاثاء المقبل.
تصريحات ترامب: "مدينة شيوعية قادمة؟"
وفي تجمع انتخابي بولاية فلوريدا، علّق ترامب على صعود ممداني قائلًا: «إن انتخابه سيحوّل نيويورك إلى مدينة اشتراكية أو شيوعية.. هذا الرجل خطر على قيمنا وعلى اقتصادنا» ،وتابع ساخرًا: «أنا أجمل منه بكثير، لكن دعونا لا نسمح له بتدمير مدينتنا».
كما لوّح ترامب بتهديد ضمني بقطع التمويل الفيدرالي عن نيويورك «إذا لم يفعل ممداني الشيء الصحيح»، في تلميح أثار انتقادات واسعة من خصومه الذين وصفوا حديثه بأنه «ابتزاز سياسي».
خلفيات سياسية عميقة
ويرى محللون أن تصريحات ترامب ليست مجرد نوبة سخرية، بل جزء من حملة ممنهجة تهدف إلى تصوير المرشحين التقدّميين داخل الحزب الديمقراطي على أنهم «خطر على النظام الأميركي»، فالخطاب الذي يربط بين الاشتراكية والشيوعية أصبح سلاحًا رئيسيًا في ترسانة الخطاب المحافظ، خصوصًا في مواجهة صعود جيل من السياسيين الشباب مثل ألكسندريا أوكاسيو كورتيز وزهران ممداني.
ومن ناحية أخرى، يعكس الصدام أيضًا التحوّل الداخلي في الحزب الديمقراطي نحو يسار أكثر جرأة في قضايا العدالة الاجتماعية، الضرائب، والإسكان ما يثير قلق التيار الوسطي والمعتدل داخل الحزب نفسه.
السباق على عمادة نيويورك لا يُنظر إليه كسباق محلي فحسب، بل كمؤشّر لاتجاهات الرأي العام الأميركي قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة.
ويرى مراقبون أن فوز ممداني سيكون نقطة تحوّل رمزية في السياسة الأميركية، بينما يسعى ترامب إلى استغلاله لتعبئة قاعدته المحافظة من جديد تحت شعار «إنقاذ المدن من اليسار».
ورغم أن هجوم ترامب قد يثير تحفظ الناخبين المعتدلين، إلا أنه في الوقت نفسه قد يدفع قاعدة ممداني التقدمية إلى مزيد من الحماسة، خاصة بين الشباب والمهاجرين والمجتمعات المهمّشة التي ترى فيه صوتًا للتغيير ،وفي المقابل، يبقى التحدي الأكبر أمام ممداني هو كسب ثقة الناخب الوسطي، من دون أن يتخلى عن أجندته التقدّمية التي شكلت أساس شعبيته.