وزير الدفاع الإسرائيلي يفرض قيودًا صارمة على تصريحات قادة الجيش بعد خلافات داخلية بشأن إدارة الحرب على غزة
الأحد، 09 نوفمبر 2025 11:21 ص
هانم التمساح
يسعى وزير الدفاع إلى تثبيت سلطته بعد خلافات داخلية في الحكومة اليمينية، ومحاولات بعض القادة العسكريين التأثيرعلى الرأي العام الإسرائيلي من خلال تسريبات وانتقادات علنية،وأصدر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس قرارًا يقضي بتقييد التصريحات الإعلامية لكبار ضباط الجيش الإسرائيلي، ومنعهم من إجراء مقابلات أو تقديم إحاطات للصحفيين دون موافقة مباشرة ومسبقة من مكتبه، في خطوة وُصفت بأنها تهدف إلى تشديد الرقابة السياسية على المؤسسة العسكرية ومنع تسريب المواقف الخلافية إلى الإعلام.
وبحسب ما نقلته وسائل إعلام عبرية، فإن كاتس وجّه تعليمات صارمة إلى المتحدث باسم الجيش، العميد إفي دوفرين، تقضي بضرورة تمرير أي مقابلة أو إحاطة إعلامية عبر مكتب وزير الدفاع، مع تقديم تفاصيل دقيقةحول هوية الصحفي، والوسيلة الإعلامية، وموضوع اللقاء، والضباط المشاركين فيه قبل منح الإذن الرسمي.
خلافات بين القيادة العسكرية والحكومة
يأتي القرار في أعقاب توترات حادة بين كاتس وعدد من كبار القادة العسكريين، على خلفية تصريحات صدرت مؤخرًا من داخل المؤسسة الأمنية حول طريقة إدارة الحرب الأخيرة على غزة، والاتفاق الذي أنهى القتال في القطاع.
وشهدت الأسابيع الماضية تصريحات صادرة عن قادة في هيئة الأركان، أكدوا أن الأجهزة الأمنية لم تُستشر بشكل كافٍ قبل اتخاذ قرار وقف إطلاق النار، وأن “القيادة السياسية تصرفت بشكل منفرد دون تقييم ميداني شامل”.
وكانت أبرز هذه التصريحات جاءت رئيس الأركان، الفريق هرتسي هاليفي، الذي قال في جلسة مغلقة سُرّبت إلى الإعلام إن “الجيش كان يعتقد أن استمرار العمليات لعدة أيام إضافية كان كفيلًا بتحقيق إنجازات استراتيجية، لكن القرار السياسي لم يأخذ هذا التقدير بالحسبان”.
قائد المنطقة الجنوبية، اللواء يارون فينكلشتاين، الذي أشار إلى أن “الهدنة جاءت في توقيت لم يكن في صالح الضغط الميداني على حركة حماس”، مؤكدًا أن “الجيش لم يُعطَ الفرصة الكاملة لإتمام أهدافه العملياتية”.
بينما صرّح قائد شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) بأن “الاعتبارات السياسية غلبت التقديرات الأمنية”، وهو ما أثار غضب وزير الدفاع الذي اعتبر أن “مثل هذه التصريحات تسيء إلى صورة الحكومة وتضعف ثقة الجمهور بالمؤسسة العسكرية”.
تسييس الجيش
وقال كاتس في بيان رسمي صادر عن مكتبه إن “الجيش الإسرائيلي مؤسسة وطنية، وواجبها تنفيذ السياسات التي تحددها الحكومة المنتخبة، وليس الخوض في نقاشات سياسية عبر الإعلام”، مضيفًا أن “الفترة الحالية تتطلب وحدة في الخطاب وتماسكًا داخليًا، لا تناقضًا بين القيادة السياسية والعسكرية”.
وأكد الوزير أن القرارات الأخيرة “لا تهدف إلى تكميم الأفواه، وإنما إلى تنظيم التواصل الإعلامي بما يحفظ الانضباط العسكري والأمن القومي”، لافتًا إلى أن القانون العسكري الإسرائيلي يمنح وزير الدفاع صلاحية الإشراف المباشر على النشاط الإعلامي للجيش، وهو بند قانوني كان موجودًا منذ عقود لكنه نادرًا ما تم تفعيله في الفترات السابقة “حفاظًا على استقلالية الجيش وصورته أمام الجمهور”.
تأثير القرار على العلاقة بين الجيش والإعلام
منذ صدور القرار، توقفت الإحاطات الدورية التي كان يجريها المتحدث باسم الجيش، كما ألغيت لقاءات ميدانية كانت مقررة مع الصحفيين الأجانب في مناطق العمليات الحدودية.
ويرى مراقبون أن هذا التوجه يعكس تحولًا كبيرًا في سياسة الحكومة الإسرائيلية تجاه المؤسسة العسكرية، خاصة بعد تصاعد الانتقادات الشعبية لأداء الجيش خلال الحرب على غزة الأخيرة وما تبعها من استقالات غير معلنة داخل هيئة الأركان.
كما حذر بعض المحللين العسكريين في صحيفة هآرتس من أن تقييد التواصل الإعلامي للضباط قد يفاقم التوتر بين القيادة السياسية والعسكرية، التي باتت تشعر بأنها “تُدار عبر قرارات فوقية دون تشاور مهني”.
ويرى محللون أن خطوة كاتس تحمل أبعادًا سياسية داخلية واضحة، كما أن هذا القرار يأتي في سياق أوسع من تراجع ثقة الجمهور الإسرائيلي بالمؤسسة الأمنية، خصوصًا بعد فشلها في منع تصاعد الهجمات على الحدود الشمالية وفي الضفة الغربية خلال الأشهر الماضية.