البقلاوة على جثامين الفلسطينيين.. مشروع قانون إعدام الأسرى ينقل الجرائم الإسرائيلية من غزة إلى السجون
السبت، 15 نوفمبر 2025 09:00 م
صباح الثلاثاء الماضى، وقف وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، داخل الكنسيت، مبتهجاً بأقرار القراءة الأولى لمشروع قانون عقوبة الإعدام للأسرى الفلسطينيين الذي تقدمت به النائبة المتطرفة ليمور سون هار مالك، تمهيداً لمناقشته داخل لجان الكنيست.
لم يكتف المتطرف "بن غفير" بالفرحة التي اكتست وجهه، بل زادها بتوزيع حلويات «بقلاوة» على أعضاء حزبه، مردداً: من قتل واغتصب وخطف أبناءنا وبناتنا لا يستحق أن يرى ضوء النهار، وعقابه الوحيد هو الموت.
ما قام به "بن غفير" يكشف نوايا الحكومة الإسرائيلية، التي تستخدم الاعتقال لقتل الفلسطينيين، فلم تكتف هذه الحكومة بما نفذته من جرائم حرب في قطاع غزو على مدار العامين الماضيين، بل تمادت إلى درجة مناقشة قانون يقنن فكرة إعدام الإسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
وشهد الكنيست حالة من الفوضى خلال مناقشة القانون، واندلع شجار عنيف، كاد أن يتحول إلى اشتباك جسدي، بين رئيس قائمة الجبهة- العربية للتغيير أيمن عودة و"بن غفير"، بعد أن قال عودة في خطابه من على منصة الكنيست: أردتم تنفيذ ترانسفير وفشلتم، لذلك أنتم في أزمة أيديولوجية... أنتم سترحلون، والشعب الفلسطيني سيبقى.
وأقر مشروع القانون الذي قدمه عضو الكنيست سون هار مالك بأغلبية كبيرة بلغت 30 مؤيدًا مقابل 19 معارضًا في القراءة الأولى في الهيئة العامة للكنيست، وينص مشروع القانون على أن «الذي يقتل مواطنًا إسرائيليًا بدافع العداء العنصري أو العلني، بهدف المساس بدولة إسرائيل وبعث الشعب اليهودي في أرضها، يُحكم عليه بالإعدام، وهذه العقوبة وحدها. إضافةً إلى ذلك، يُغير مشروع القانون بحيث يُمكن فرض عقوبة الإعدام في محكمة عسكرية بأغلبية بسيطة من القضاة، وليس بالإجماع، ولن يكون من الممكن تخفيف عقوبة من حُكم عليه بالإعدام بحكم نهائي».
وردا على الموافقة على مشروع القانون قالت حركة حماس إن التصديق عليه امتداد للنهج الصهيوني العنصري ومحاولة لتشريع القتل الجماعي ضد شعبنا، فيما قالت حركة الجهاد الإسلامي إنه تصعيد إجرامي خطير ضمن الإبادة والتطهير الممنهج بحق شعبنا الفلسطيني.
وحتى نهاية أكتوبر 2025 تجاوز عدد الأسرى والمعتقلين في السجون الإسرائيلية حاجز الـ 9250، غالبيتهم من الموقوفين والمعتقلين الإداريين وفق نادي الأسير الفلسطيني، ومن بين العدد الإجمالي، 1242 أسيرا فقط (نحو 13%) صدرت بحقهم أحكام، و3368 معتقلا إداريا (36%)، و1205 يصنفهم الاحتلال «مقاتلين غير شرعيين» بينهم معتقلون من لبنان وسوريا، وهذا العدد لا يشمل جميع معتقلي غزة المحتجزين في المعسكرات التابعة للجيش.
ووفق مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان ومقرها غزة، فإن سلطات الاحتلال الإسرائيلي مارست جريمة الإخفاء القسري منذ 7 من أكتوبر 2023 بحق معتقلي قطاع غزة حيث تقوم بنقلهم إلى أماكن مجهولة، وتمنع زيارتهم من قبل أي جهات حقوقية ودولية بما في ذلك اللجنة الدولية للصليب الأحمر..
وسبق أن صادق الكنيست في فبراير 2024 بالقراءة التمهيدية الأولى على حرمان معتقلي غزة من حقوقهم ومن أدنى ضمانات المحاكمة العادلة بتمثيل قانوني لهم حسب هذا الاقتراح.
من جهة أخرى، تواصل القاهرة اتصالاتها مع الأطراف الدولية، لدعم المشاورات الجارية في نيويورك والخاصة بنشر قوة دعم الاستقرار الدولية بقطاع غزة، وأكد الدكتور بدر عبدالعاطى وزير الخارجية والهجرة، أن مصر منخرطة فى هذه المشاورات، وأن مصر تتشاور في هذا الصدد مع الولايات المتحدة بشكل يومي، وأيضا هناك مشاورات مع كل أعضاء مجلس الأمن ومع المجموعة العربية من خلال الجزائر الشقيقة باعتبارها العضو العربي داخل مجلس الأمن، وقال: نأمل في أن يأتي القرار الأممي بالشكل الذي يحافظ على الثوابت الخاصة بالقضية الفلسطينية، وأيضا يتيح نشر القوة الدولية في أسرع وقت ممكن ولكن وفقاً لتحقيق التوافق، وبما يجعل هذا القرار من خلال صياغته المحكمة قابلاً للتنفيذ على أرض الواقع.
وأضاف عبد العاطى: نتحرك وهناك ملاحظات للعديد من الدول، وهم منخرطون في النقاش في نيويورك، ونأمل أن يتم التوصل إلى صياغات توافقية تعكس الشواغل وأولويات كل الأطراف ودون المساس بالثوابت الفلسطينية خاصة الحق الأصيل للشعب الفلسطيني في إقامة دولته على كامل التراب الوطني، وأيضا أن الجانب الفلسطيني هو الذي يتولى أموره، والعمل على تمكين السلطة الفلسطينية تمهيدا لنشرها، مضيفا أن أية ترتيبات ستكون بطبيعتها مؤقتة لحين المضي قدماً في الأفق السياسي وتجسيد حل الدولتين.
وأشار وزير الخارجية إلى أن التحضيرات مستمرة أيضاً لاستضافة مصر لمؤتمر التعافي المبكر وإعادة إعمار قطاع غزة نهاية نوفمبر الجارى، وقال إن كافة التحضيرات الموضوعية واللوجستية والمفاهيمية للمؤتمر تمت، وننسق مع كل الأطراف المعنية، وأشار إلى أن القاهرة تنسق مع واشنطن والدول الأوروبية والدول التي أعربت عن رغبتها الشديدة في أن تكون مشاركة في عقد هذا المؤتمر الهام وعلى رأسها ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا، وهناك أيضا الدنمارك واليابان والاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي ودول خليجية، والجميع طلب المشاركة في عقد وتنظيم هذا المؤتمر الهام جنباً إلى جنب الجانب المصري، بالإضافة إلى الشركاء الأساسيين وعلى رأسها الأمم المتحدة وسكرتير عام الأمم المتحدة أنطونيو جويتريش والبنك الدولي وكذلك الحكومة الفلسطينية.
جاء ذلك فيما قالت وكالة رويترز نقلا عن مسؤولين أن النقاشات الدولية حول مستقبل قطاع غزة تتضمن مقترحات تتعلق بتقسيم القطاع إلى منطقة تخضع لسيطرة إسرائيل وأخرى تبقى تحت حكم حركة حماس، ضمن تصورات أولية لم يتم الاتفاق عليها حتى الآن، موضحة أن نزع سلاح حركة حماس ورفض إسرائيل إشراك السلطة الفلسطينية في إدارة غزة يمثلان أبرز نقاط الخلاف بين الأطراف المعنية، وسط غياب توافق حول شكل الإدارة الأمنية والمدنية في المرحلة المقبلة.
ونقلت وكالة رويترز عن مصادر مطلعة أن عدة حكومات ما زالت مترددة بشأن إرسال قوات دولية إلى قطاع غزة، نظرا لتعقيد المشهد الأمني والسياسي وصعوبة تحديد مهام القوات ومدة انتشارها.
على صعيد آخر، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الولايات المتحدة تعمل على دفع مشروع إقامة قاعدة عسكرية في غلاف غزة بالتعاون مع الحكومة والجيش الإسرائيليين، في إطار خطة تهدف إلى الحفاظ على وقف إطلاق النار وإيواء آلاف الجنود، وأوضحت التقارير الإسرائيلية، أن الأمريكيين بدأوا فعلياً دراسة مواقع محتملة داخل قطاع غزة لإنشاء القاعدة العسكرية، التي من المتوقع أن تبلغ تكلفتها نحو نصف مليار دولار، مشيرة إلى أنها ستكون مخصصة لاستخدام القوات الدولية التي ستتولى مهام أمنية في القطاع ضمن الترتيبات الجديدة لما بعد الحرب.