نحو 350 مليون وظيفة يشملها القطاع..
السياحة العالمية تستعد لانتعاشة تاريخية: 2.1 تريليون دولار إيرادات متوقعة في 2025
الأربعاء، 19 نوفمبر 2025 11:32 ص
سلّط مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء الضوء على تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي حول الدور المتنامي لقطاع السياحة والسفر باعتباره أحد أهم محركات النمو العالمي وأدوات التنمية المستدامة في عالم تتزايد فيه التحديات وعدم اليقين.
وأوضح المركز أن القطاع، رغم التحديات المرتبطة بالاكتظاظ ونقص العمالة والضغوط البيئية، قادر عبر تبني نماذج مسؤولة ومنخفضة الانبعاثات وتعزيز الابتكار والشراكات، على دعم الرفاه الاجتماعي وبناء جسور ثقافية بين الشعوب.
السياحة قوة محركة للتنمية العالمية
أشار التقرير إلى ما طرحه المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس هذا العام من رؤية تعتبر السياحة نشاطًا اقتصاديًا واجتماعيًا مؤثرًا، وليس مجرد ترفيه. وقد تضمنت المناقشات عرض نماذج عملية تؤكد دور القطاع في دعم المجتمعات، مثل مشروع النزل البيئي في أمريكا اللاتينية الذي دعم قرية كاملة، إلى جانب استخدام التكنولوجيا الحديثة لحماية التراث الثقافي للأجيال القادمة.
وتبرز هذه التجارب أن السياحة أصبحت أداة لبث الأمل في عالم يشهد تقلبات اقتصادية؛ إذ يُتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 3% خلال 2025، وهو معدل يعكس مرونة نسبيّة، رغم أنه يقل عن مستويات ما قبل الجائحة. ولا تزال القطاعات الخدمية، وعلى رأسها السياحة والسفر، تشكل ثلثي الناتج المحلي الإجمالي العالمي وأكثر من نصف الوظائف المتاحة.
إيرادات قياسية في 2025: 2.1 تريليون دولار
توقع التقرير وصول إيرادات قطاع السياحة والسفر عالميًا إلى 2.1 تريليون دولار خلال عام 2025، وهو أعلى مستوى تاريخي يعكس حجم التحوّل الذي شهده القطاع بعد الجائحة. ويشير التقرير إلى أن القطاع يدعم أكثر من 350 مليون وظيفة حول العالم، مع توقع وصول العدد إلى 430 مليون وظيفة بحلول عام 2034، ما يجعله مصدرًا محوريًا لفرص العمل، خصوصًا للنساء والشباب في الدول النامية.
تحديات هيكلية تهدد استدامة النمو
أكد التقرير أن استمرار نمو القطاع يتطلب معالجة مجموعة من التحديات الجوهرية، أهمها:
قصور الأطر التنظيمية وعدم قدرتها على مواكبة المتغيرات المتسارعة.
الضغط على البنية التحتية والسكان في الوجهات الكبرى بسبب الاكتظاظ.
تقلب أسعار الطاقة ونقص العمالة الماهرة.
تفاوت مستويات الجاهزية الرقمية بين الدول.
كما أبرز التقرير تباطؤ نمو تجارة الخدمات عالميًا، إذ بلغ معدل نموّها 5% فقط مع بداية 2025، ما يُحتم تعزيز الابتكار والكفاءة داخل القطاعات ذات القيمة المضافة مثل السياحة والسفر.
السياحة المستدامة.. من تقليل الضرر إلى استعادة البيئة
وضع التقرير البعد البيئي في صدارة أولويات القطاع، مؤكدًا أن السياسات السياحية لم يعد يكفي أن تركز على تقليل الأضرار البيئية، بل يجب أن تتجه نحو استعادة النظم البيئية وحماية الموارد الطبيعية. وأشار إلى أن التحول لنماذج نمو منخفضة الكربون وإيجابية للطبيعة أصبح ضرورة استراتيجية لضمان استدامة الوجهات السياحية.
وتبرز تجارب عالمية هذا التحول، منها:
مبادرات السياحة المجتمعية في أمريكا اللاتينية التي تساهم في الحفاظ على التنوع البيولوجي.
الابتكارات الرقمية التي تفتح أسواقًا عالمية للشركات الصغيرة في آسيا.
الشراكات بين القطاعين العام والخاص في أوروبا لتحسين تجربة الزائر وحياة السكان المحليين.
تنمية متوازنة تتطلب تعاونًا دوليًا
أكد التقرير أن توسيع نطاق هذه التجارب يتطلب تعاونًا مؤسسيًا وشراكات عابرة للحدود، بحيث تتوافق سياسات التنمية السياحية مع الالتزامات المناخية وتضمن الشفافية في الإدارة. كما شدّد على أهمية إشراك المجتمعات المحلية في التخطيط والتنفيذ لتعزيز الثقة وتحقيق الاستدامة الحقيقية.
مستقبل السياحة: الازدهار مرتبط برفاه الإنسان واستدامة الكوكب
اختتم التقرير بالتأكيد على أن تقييم مستقبل السياحة لن يعتمد فقط على عدد الزوار أو حجم الإيرادات، بل على مدى قدرتها على دعم رفاه الإنسان وحماية البيئة. وأن القطاع، عبر الابتكار والمسؤولية المشتركة، قادر على أن يكون جسرًا للتفاهم وسُلّمًا للتقدم، يسهم في بناء تنمية أكثر توازنًا وإنسانية للعالم كله.