الحلم النووي صار حقيقة

السبت، 22 نوفمبر 2025 10:47 م
الحلم النووي صار حقيقة
طلال رسلان

تركيب هيكل الاحتواء لمفاعل الوحدة الأولى بمحطة الضبعة وتوقيع أمر شراء الوقود النووي

 

بعد سنوات من الحلم، أصبح مشوعو الضبعة النووي واقعاً على الأرض، بفضل الإرادة والعمل والإصرار، بعدما أعطى الرئيس عبدالفتاح السيسي، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، الأربعاء الماضى، إشارة البدء في تركيب هيكل الاحتواء لمفاعل الوحدة الأولى بمحطة الضبعة النووية، عبر تقنية الفيديوكونفرانس، بعدما أعلن الدكتور شريف حلمي، رئيس مجلس إدارة هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء، جاهزية تركيب وعاء الضغط للوحدة النووية الأولى، كما تم توقيع أمر شراء الوقود النووي، في خطوة محورية تُضاف إلى مسيرة استكمال مشروع محطة الضبعة النووية،

وتزامنت الفاعلية مع الاحتفال بالعيد المصري الخامس للطاقة النووية، الذي يوافق التاسع عشر من نوفمبر من كل عام، إحياءً لذكرى توقيع الاتفاقية الحكومية بين مصر وروسيا الاتحادية لبناء وتشغيل محطة الضبعة النووية، ويُعتبر يوماً رمزياً لانطلاق البرنامج النووي السلمي المصري.

ويمثل مشروع محطة الضبعة النووية إضافة استراتيجية تدعم خطط الدولة للتحول في قطاع الطاقة، ودعامة رئيسية لتحقيق التنمية المستدامة، فضلاً عن دوره في تطوير البنية التحتية للصناعة ورفع كفاءة الكوادر المصرية في مجالات التكنولوجيا النووية السلمية.

تجدر الإشارة إلى أن هذا التقدم يمثل امتداداً لمسار التعاون المصري - الروسي الذي بدأ بتوقيع الاتفاقية الحكومية في 19 نوفمبر 2015، والتي أرست الأساس القانوني لإنشاء أول محطة نووية لإنتاج الكهرباء في مصر وتعزيز القدرات الوطنية في مجال التطبيقات النووية السلمية، حيث وقعت البلدان، اتفاقية حول التعاون المشترك لإنشاء محطة للطاقة النووية في منطقة الضبعة المطلة على البحر المتوسط، شمالي مصر، ثم دخلت عقود المحطة حيّز التنفيذ في ديسمبر 2017، حينما كان بوتين، في زيارة رسمية للقاهرة.

وتضم محطة "الضبعة" 4 مفاعلات من الجيل "3+" العاملة بالماء المضغوط بقدرة إجمالية 4800 ميغاوات بواقع 1200 ميغاوات لكل منها، ومن المقرر إطلاق المفاعل الأول عام 2028.

وفي عام 2022، بدأ بناء الوحدتين الأولى والثانية من المحطة، بفارق 4 أشهر بين صبّ الخرسانة الأولى، وهو رقم قياسي في قطاع الطاقة النووية العالمي. وفي عام 2023، بدأ بناء الوحدة الثالثة، وفي يناير 2024، بدأ بناء الوحدة الرابعة.

وبدأت فعالية الأربعاء الماضى، بعرض فيلم تعريفي حول المشروع النووي المصري، أعقبه كلمة أليكسي ليخاتشوف، المدير العام لشركة “روس آتوم”، ثم كلمة المهندس محمود عصمت، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، تلتها كلمة مسجلة لرافائيل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وفي أعقاب ذلك، ألقى فلاديمير بوتين كلمته عبر تقنية الفيديو كونفرانس، حيث وجّه التهنئة لمصر بمناسبة تركيب وعاء ضغط المفاعل للوحدة النووية الأولى، مؤكداً أن التعاون القائم بين مصر وروسيا في بناء المفاعل بالوتيرة الحالية يُعد نجاحاً بارزاً، وأن المشروع سيوفر الكهرباء اللازمة لدعم الاقتصاد المصري المتنامي، كما أشار إلى أن الدعم المباشر والمتابعة الشخصية من جانب الرئيس السيسى كان لها دور حاسم في سرعة الإنجاز والوصول إلى مرحلة متقدمة من بناء محطة الضبعة النووية، موجهاً في الوقت ذاته التهنئة للرئيس السيسى بمناسبة يوم مولده.

وأكد بوتين أن روسيا تدعم طموحات مصر التنموية في إطار الشراكة والتعاون الاستراتيجي الممتد بين البلدين، مشيراً إلى أن العلاقات الثنائية بين مصر وروسيا راسخة وتعود لعقود طويلة شهدت مشاركة الخبراء السوفييت في بناء السد العالي وعدد من كبرى المصانع المصرية. وأكد أن هذه الشراكة مستمرة وتتجلى في ارتفاع حجم ومعدل التجارة بين البلدين، وتكثيف التعاون الصناعي، فضلاً عن مضي روسيا قدماً في إنشاء منطقة صناعية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، كما أوضح أن الكهرباء التي ستنتج عن محطة الضبعة النووية ستسهم في تعزيز أمن الطاقة في مصر، مشيراً إلى أن الشركة الروسية المنفذة تعتمد أحدث التقنيات التكنولوجية مع الالتزام الكامل بالمعايير البيئية، وأن الجانب الروسي يقدّم برامج تدريب وتأهيل للكوادر المصرية العاملة في المجال النووي، مع إمكانية توظيف العلوم والتكنولوجيا النووية كذلك في مجالات على غرار الطب والزراعة. واختتم الرئيس بوتين كلمته بتوجيه الشكر للعاملين في مشروع محطة الضبعة النووية من الجانبين المصري والروسي، مهنئاً مصر بعيد الطاقة النووية الخامس.

وأكد الرئيس السيسى، أن مشاركته مع بوتين فى هذه الفعالية التاريخية، "التى نشهد فيها، تركيب وعاء ضغط المفاعل للوحدة النووية الأولى، إلى جانب توقيع أمر شراء الوقود النووى، في خطوة محورية، تضاف إلى مسيرة استكمال مشروع محطة الضبعة النووية"، وقال: نسطر اليوم صفحة جديدة مضيئة، في مسيرة الوطن، فمنذ منتصف القرن الماضى، ظل حلم مصر النووي يراود أبناءها، وها نحن اليوم، نراه يتحقق على أرض الواقع، بفضل الإرادة والعمل والإصرار، وكذلك العلاقات بين جمهورية مصر العربية ودولة روسيا الاتحادية، التى تعد علاقات إستراتيجية راسخة، تمتد لتشمل كل المجالات، وتقوم على الاحترام المتبادل والتفاهم المشترك، مهما كانت التحديات الإقليمية والدولية".

وأشار الرئيس السيسى إلى أن هذا الحدث العظيم يعتبر امتداداً لمسيرة التعاون الثنائى المثمر بين مصر وروسيا، عبر مشروعات عملاقة، تركت بصماتها الواضحة على مسار التنمية والتقدم، بدءاً من تشييد السد العالى فى ستينيات القرن الماضى، وصولاً إلى المشروع القومى لإنشاء محطة الضبعة النووية، الصرح الوطنى العملاق، الذى يحمل فى طياته، قيمة إستراتيجية كبرى لمصر، ويبعث برسالة جلية، بأننا نمضى بخطوات ثابتة، نحو مستقبل أكثر تقدماً واستدامة، متجاوزين كل التحديات، بفضل العزيمة الصادقة والعمل الدءوب، حتى بلغنا هذه المرحلة المتقدمة فى تنفيذه، كما يعد ذلك برهانا عمليا، على أن شراكتنا لا تقتصر على التصريحات السياسية البراقة، بل تتجسد فى مشروعات واقعية، تترجم إلى تنمية حقيقية، تعود بالنفع المباشر على شعبينا.

وأكد الرئيس السيسى أنه "فى ظل ما يشهده العالم، من أزمات متلاحقة فى قطاع الطاقة، وارتفاع أسعار الوقود الأحفورى، تتجلى بوضوح أهمية وحكمة القرار الإستراتيجى، الذي اتخذته الدولة المصرية، بإحياء البرنامج النووى السلمى، باعتباره خياراً وطنياً، يضمن تأمين مصادر طاقة مستدامة وآمنة ونظيفة، دعما لأهداف رؤية مصر 2030، كما يعزز هذا القرار، مكانة مصر كمركز إقليمى للطاقة، ويواكب جهود الدولة، الرامية إلى تحقيق التنمية الشاملة"، موضحاً أن مشروع محطة الضبعة النووية يمثل "نقلة نوعية فى مسار توطين المعرفة، واستثمارا حقيقيا فى الكوادر الوطنية، إذ يشمل تعاونا واسعا، فى مجالات التدريب ونقل التكنولوجيا، ويتيح إعداد جيل جديد من الكوادر المصرية، فى تخصصات الطاقة النووية والتصنيع الثقيل، بل يضع مصر فى موقع ريادى، على خريطة الاستخدام السلمى للطاقة النووية، كما يساهم المشروع، فى توفير آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة دعما لمسيرة التنمية والازدهار".

وأكد رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل جروسي، أن محطة الضبعة النووية تعد أحد المشاريع الضخمة في مصر، مثمنا في الوقت ذاته جهود مصر الدؤوبة لضمان الاستخدام الآمن للطاقة النووية، وأشار إلى أن الاستثمارات المصرية فى قطاع الطاقة تمثل نقطة تحول لمصر والعالم أجمع، مشددا على أن هذا المشروع يمثل أحد أهم المشاريع القومية في مصر، كما قال إن هذا المشروع يؤمن توفير طاقة نظيفة منخفضة الانبعاثات، مؤكدا في الوقت نفسه أهمية الاستثمار في الطاقة النووية.

وقال الدكتور محمود عصمت وزير الكهرباء، أن مراسم وضع هيكل الاحتواء لمفاعل الوحدة الأولى بمحطة الضبعة النووية تمثل لحظة تاريخية في مسار المشروع، موضحاً أن محطة الضبعة النووية هي الأكبر في العالم، وما يحدث اليوم يعكس العمل الدؤوب والمكثف بين مصر وروسيا لضمان نجاح المشروع، مشيراً إلى أن مشروع محطة الضبعة النووية سيولد ما مجموعه 4800 ميجا وات من الطاقة الكهربائية، مما يعزز قدرة مصر على تلبية احتياجاتها من الكهرباء باستخدام مصادر نظيفة وآمنة.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة