وخلال المناقشة التي عقدت بقاعة المؤتمرات بالكلية، استعرضت الباحثة نتائج دراستها التي امتدت عبر ثلاثة فصول تناولت فيها التطور التاريخي لفن الحكواتي، وأثره في تشكيل بنية المسرح العربي المعاصر.
وتوقفت الدراسة مطوّلًا أمام الأسئلة المركزية التي حاولت الإجابة عنها، وفي مقدمتها:
كيف أثّر الحكواتي في المسرح العربي الحديث؟ وكيف تأثّر هو نفسه بالتحولات الزمنية والاجتماعية؟
إضافة إلى بحث أوجه التشابه والاختلاف بين الحكواتي التراثي والحكواتي المعاصر.
وتعرضت الباحثة لرحلة الحكاية العربية منذ جذورها في ما قبل الإسلام، مرورًا بالعصور المختلفة التي ازدهر فيها السرد الشعبي، وصولًا إلى لحظة تحوّل الحكواتي من "مدّاح" يسبّح بمآثر السلطان إلى راوٍ ينتقد السلطة ويحاكي قضايا الناس وهمومهم، ويتجول في الشوارع والميادين كصوت اجتماعي وثقافي مؤثر.
كما قدّمت الدراسة خريطة واسعة لانتشار الحكواتي في بلدان العالم العربي، موضحة وحدة النشأة وتعدد الممارسات بين مصر والشام والمغرب العربي، مع الإشارة إلى الفروق الدقيقة التي لا تمس جوهر هذا الفن.
وانتقلت الباحثة في فصل كامل إلى رصد مرحلة مسرحة الحكواتي، وعودة المسرح العربي إلى تراث السرد الشفهي، خصوصًا في السبعينيات، من خلال تجارب مسرحية بارزة في مصر، وفلسطين، وسوريا، ولبنان، والمغرب، والجزائر، وتونس.
كما تناولت الدراسة ظهور الظواهر المسرحية الفردية
المتأثرة بالحكي مثل:
– المونولوج
– عروض الشخص الواحد
– الستاند أب كوميدي
وما أحدثته من تناص مع فن الحكواتي، بصورة تسمح بردّ بعض عناصرها إلى جذور عربية واضحة.
وقد أولت الدراسة اهتمامًا خاصًا بتحوّل الحكواتي في العصر الرقمي، وانتقاله إلى الفضاء الافتراضي عبر منصات التواصل وفنون السرد المصوّر، مؤكدة أن الحكواتي نجح في إعادة اختراع نفسه وتوظيف التكنولوجيا كخشبة مسرح جديدة.
وفي ختام المناقشة، أكدت الباحثة في نتائجها أن:
• الحكواتي التراثي لم يختفِ، بل عبر الأزمنة وتحوّل واستمر، متأثرًا ومؤثرًا في المسرح العربي.
• التشابه بين الحكواتي القديم والمعاصر يفوق الاختلاف، فيما ظل جوهره السردي والبشري ثابتًا، رغم تغيّر الشكل والوسيلة.
• إن الحكي ظل أداة نقد اجتماعي وسياسي في فترات كثيرة، ووسيلة لمساءلة الواقع والسلطة.
واختُتمت الجلسة بإعلان نجاح الباحثة ومنحها درجة الماجستير وسط حضور كبير من الأدباء والنقاد وأصدقاء الباحثة ومحبي المسرح.
جهاد الديناري جهاد الديناري، كاتبة صحفية وإعلامية وباحثة في الأدب والدراما، درست التحول الرقمى والذكاء الاصطناعى وتخصصت في السوشيال ميديا وإدارة المنصات الإلكترونية، وحصلت على جائزة الدراسات النقدية بالمهرجان القومى للمسرح 2024.