مرحلة ثانية استثنائية في الانتخابات.. مشاركة كثيفة وفرز بلا شكاوى يكشفان مشهدًا نزيهًا وتقدّمًا لافتًا لمرشحين معارضين
الأربعاء، 26 نوفمبر 2025 02:29 م
رسمت المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025 صورة مختلفة وغير مسبوقة للمشهد الانتخابي، بعدما شهدت صناديق الاقتراع مشاركة واسعة، وإجراءات تنظيمية دقيقة، وانسيابية واضحة من لحظة فتح اللجان وحتى إعلان المؤشرات الأولية. يومان من التصويت داخل 13 محافظة و73 دائرة و5287 لجنة، بدت خلالهما التجربة الانتخابية أكثر انضباطًا واستقرارًا، مع حضور رقابي ورسمي عزز الثقة في مسار العملية برمّتها.
منذ الساعات الأولى للتصويت، ظهرت ملامح تنظيم مُحكم داخل المقار الانتخابية: تجهيزات لوجيستية مكتملة، مسارات دخول مخصصة لتسهيل حركة الناخبين، إجراءات تأمين واضحة، وتوفير خدمات لكبار السن داخل اللجان. هذا الانضباط انعكس على مشاهد الإقبال الكثيف، حيث توافد المواطنون من مختلف الفئات على التصويت، في حضور لافت للشباب والسيدات، الأمر الذي أضفى حيوية على العملية الانتخابية ومنحها زخمًا شعبيًا واسعًا.
وبالتوازي مع تدفق الناخبين، وصلت وفود المنظمات الدولية والإقليمية لمتابعة العملية الانتخابية، وعلى رأسها جامعة الدول العربية. تقارير المراقبة الأولية جاءت مشيدة بانسيابية التصويت وسلاسة إجراءات الاقتراع، مؤكدة أن اللجان تعمل وفق قواعد واضحة وأن البيئة الانتخابية مستقرة وآمنة.
ومع إغلاق الصناديق وبدء عمليات الفرز، برز وجه آخر للشفافية. الهيئة الوطنية للانتخابات أتاحت حضور مندوبي المرشحين داخل اللجان الفرعية، وسمحت لهم بالحصول على محاضر الفرز الرسمية، كما فُتحت أبواب المتابعة أمام الإعلام المعتمد، في خطوة عكست رغبة واضحة في إظهار العملية كما هي بلا حواجز. ومع مرور الساعات، خرجت النتائج الأولية من اللجان العامة بلا شكاوى مؤثرة أو مشكلات تعيق سير الفرز، ليظهر مشهد فرز هادئ دقيق يعكس ثقة واسعة في النظام الانتخابي.
المؤشرات التي تكشفت خلال عمليات الحصر الرقمي حملت عدة دلالات مهمة؛ أبرزها أن المنافسة لم تكن محصورة في مرشحي الأحزاب التقليدية، إذ تقدّم عدد من المرشحين المستقلين والمحسوبين على المعارضة، في دوائر نافست فيها قوائم كبرى وأسماء مخضرمة. المثال الأبرز كان في دائرة دار السلام والبساتين، حيث حقق إسلام أكمل قرطام تقدّمًا واضحًا بحصوله على ١٥٨٨٥ صوتًا متقدمًا على أقرب منافسيه بفارق كبير، وهو ما وضعه في مقدمة المرشحين المعارضين الذين حققوا نتائج لافتة.
الأمر ذاته انعكس على مؤشرات دوائر أخرى، التي شهدت تقدم أسماء معروفة بمعارضتها، مثل عبد المنعم إمام وضياء داود وأحمد فرغلي، إلى جانب مرشحين وصلوا إلى جولة الإعادة بأرقام قوية، ما يعكس أن التصويت جرى في بيئة مفتوحة لا تمنع صعود أي تيار، وأن الكلمة فعليًا كانت للصندوق.
وبانتظار الإعلان النهائي في الثاني من ديسمبر بعد ضم أصوات المصريين بالخارج، تبدو الصورة الأولية للمرحلة الثانية واضحة: انتخابات اتسمت بالشفافية، مشاركة شعبية واسعة، ونتائج تعكس ثقة الناخبين وتنوّع خياراتهم، في مشهد يرسّخ أن العملية الديمقراطية تمضي برصيد من الانضباط والوضوح يجعل كل صوت قادرًا على صناعة الفارق.