المجتمع لا ينهض بلا هيبة ولا ينصلح بلا عقاب

الجمعة، 28 نوفمبر 2025 02:37 م
المجتمع لا ينهض بلا هيبة ولا ينصلح بلا عقاب
شيرين سيف الدين تكتب:

في خضمّ موجة الانفلات الأخلاقي التي ضربت بعض مدارس مصر، بات لزامًا علينا—دولةً ومجتمعًا—أن نرفع الصوت عاليًا: لا إصلاح بلا ردع، ولا ردع بلا قوانين تُطبَّق بصرامة على الجميع، صغارًا كانوا أم كبارًا.
 
نعم، كما نطالب بأقصى العقوبات على كل مسؤول أو معلم يتجرّأ على انتهاك براءة طفل، أو يهمل في حماية أرواح الطلاب، فإننا—وبذات القوة—نطالب بعقوبات مغلظة على فئة من الطلاب الذين تجاوزوا كل حدود الأدب، واعتدوا على هيبة مدارسهم ومعلميهم، وتمادوا في سلوكيات هابطة لا تمتّ إلى التربية بصلة.
 
لقد شاهد المصريون مؤخرًا مقطعًا صادمًا من إحدى المدارس التجريبية في الإسكندرية؛ طلاب يلقون القمامة وسط الفصل على معلمتهم، ويتهكمون عليها أمام الكاميرا بوقاحة مدهشة، غير مبالين بوجودها، ولا بمكان العلم الذي يقفون فيه، ولا حتى بأدنى أساسيات الاحترام.
 
فأي خلل تربوي وصل بنا إلى هنا؟ وأي فيضان من اللامبالاة أصاب بعض الأسر حتى توقفت عن غرس القيم في أبنائها؟
 
نحن 120 مليون مواطن وأكثر ، ولا شك أن المسيئين نسبة محدودة، ولكن ترك هذه النسبة بلا علاج سيجعلها تتضخم حتى تطغى، فيتحوّل الخلل إلى قاعدة والسلوك المنحرف إلى مشهد مألوف. ولهذا، فإن إصلاحًا جذريًا لا بد أن يبدأ الآن… وبقوة.
 
ويجب أن تكون هناك عقوبات تربوية لا للانتقام بل لإعادة البناء ، وينبغي ألا تمرّ هذه الوقائع مرور الكرام، بل بات ضروريا اتخاذ إجراءات رادعة تُعيد الهيبة للمدرسة، والاحترام للمعلم، والنظام إلى المجتمع:
 
وقف فوري لهؤلاء الطلاب طوال العامد الدراسي ما داموا قد أهانوا المدرسة ومعلميها، فليعرفوا أن هذا السلوك يدفع ثمنه صاحبه.
 
إيداع المتجاوزين بدور أحداث مع العمل الشاق لا سجنًا بمعناه الجنائي، بل تأهيلًا تربويًا حقيقيًا يقوم فيه الطالب بتنظيف المبنى والحمامات ، والالتزام بأوامر الانضباط اليومية، ليتعلم قيمة الجهد واحترام المكان فمن ألقى القمامة على معلمته، فليتعلّم معنى النظافة والنظام بيده.
 
كما نحتاج لإنشاء معسكرات تأديبية تابعة لمؤسسات عسكرية ، معسكرات انضباط تُعيد تشكيل الشخصية بداية من الاستيقاظ فجرًا،
وأعمال نظافة يومية، وصولا لانضباط صارم، وتدريبات بدنية وتنظيمية ، ودورات تأهيل سلوك .
 
سواء كانوا فتيانًا أو فتيات، فالقيم واحدة والنتائج واحدة.
 
بالإضافة لإلزام الأهل بتحمل التعويضات المادية عن التخريب فمن لم يحسن تربية ابنه، فعليه أن يتحمل تبعات تقصيره ، مع حرمان من يتكرر منه السلوك من الالتحاق بأي مؤسسة تعليمية حكومية مستقبلا لأن المدرسة ليست مكانًا للبلطجة، بل للعلم.
 
أما الأهالي.. فبعضهم يحتاج إلى إعادة تأهيل
فحين يعجز بعض الأهل عن ضبط أبنائهم، ويُسهمون بجهلهم أو تهاونهم في صناعة جيل غير مهذب، فهنا يصبح من حق الدولة—بل من واجبها—أن تتدخل ،ولذلك يجب إلزام الأسر التي يُثبت تقصيرها بحضور دورات تربوية لدى مختصين في علم النفس والاجتماع على أن دورات حقيقية، لا شكلية تحت رقابة جهة صارمة ، يعقبها اختبارات جادة ، ولا يُسلّم الأبناء إليهم قبل اجتياز هذه الاختبارات ، وإن لم ينجحوا؟ فليبقَ الأبناء تحت رعاية مؤسسات منضبطة—مدارس عسكرية أو مراكز تأهيل—حتى يستقيم السلوك، لأن المجتمع لم يعد يتحمل مزيدًا من الفوضى.
 
كذلك المدارس الدولية والخاصة ليست خارج الإطار فس القواعد يجب أن تسري عليها ، من يعتدي على معلمه أو زميله يُعاقَب بما يناسب خطورة فعله ، ومن يخرب ممتلكات المدرسة يُحاسَب—وللإدارة الحق الكامل في فرض التعويضات والعقوبات المناسبة.
 
ما يحدث هذه الأيام من مهازل يعد ناقوس خطر فهل من مجيب؟.
 
ما نشهده مؤخرًا من سلوكيات غريبة عن مجتمعنا لا تشبه أخلاق المصريين، ولا تمتّ لأي دين بصلة ، ولا لأي منظومة قيم تربّت عليها الأجيال. لقد أصبح الأمر يمثل خطرا حقيقيا فإمّا أن نتحرك الآن، وإمّا أن ندفع الثمن جميعًا لاحقًا.
 
إننا—الشعب—سنقف خلف كل قرار يهدف لاستعادة الانضباط، وسيكون ذلك مصدر طمأنينة لآلاف الأسر التي باتت تشعر أنها تعيش في غابة، تخشى على أبنائها من الكبار والصغار على حد سواء. أصبحنا نرى معلمين يخشون طلابهم، وطلابًا لا يخشون أحدًا… وهذه المعادلة مدمرة إن لم تُكسر سريعًا.
 
ولهذا ندعو علماء النفس والاجتماع إلى تقديم خطة وطنية شاملة، تحتوي على أدوات ردع، وسياسات تربوية، وحلول واقعية قابلة للتطبيق، لتساعد الدولة على استعادة البناء الأخلاقي للمجتمع.
 
في النهاية نطالب بتغليظ العقوبات على كل منحرف على أرض الوطن فالإعدام هو المطلب الأساسي لكل من ينتهك براءة طفل ولكل متحرش مغتصب انعدمت الرحمة من قلبه ، كما نطالب بعقوبات تهذيبية ورادعة للأجيال الجديدة لتربية نشأ على قيم مجتمعية راقية فهؤلاء هم بناة المستقبل وحماة الوطن في السنوات القادمة .
 
فلا نهضة بلا أخلاق، ولا أخلاق بلا انضباط، ولا انضباط بلا قانون وهيبة واحترام.
 
حفظ الله مصر وشعبها دائما وأبدا

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق