الاقتصاد يحكم
الأحد، 14 ديسمبر 2025 09:00 ص
استراتيجية الأمن القومى الامريكى الجديدة ترفع شعار "مصلحتنا اولاً وأخيراً"
وثيقة الـ33 صفحة تطبق مبادئ ترامب وترسخ مفهوم السلام من خلال القوة وتعيد توزيع الأدوار دوليا لتحقيق أرباح اقتصادية لواشنطن
الهدف استعادة السيطرة على سلاسل الإمداد وحماية القاعدة الصناعية والتفوق في الذكاء الاصطناعي وتعزيز مكانة الدولار
الإدارة الأمريكية تعمل بسياسة "القيادة من وراء الستار" والمخرج الذي يوجّه حركة الممثلين الآخرين ويضبط الإيقاع من خلف الكواليس
تغيير في خريطة التحالفات الأمريكية.. دول الجوار مجال نفوذ حصري لواشنطن.. وأوربا تواجه "تدهورًا اقتصاديًا".. والشرق الأوسط أمام فرصة للتعاون
حولت إدارة الرئيس دونالد ترامب مبدأ "أمريكا أولاً" من مجرد شعار إلى استراتيجية كاملة للأمن القومى الأمريكي، في وثيقة نشرها البيت الأبيض في 4 ديسمبر تضم 33 صفحة وتُرسّخ للمبدأ الترامبى "أمريكا أولاً" ليكون الركيزة الأساسية للسياسة الخارجية الأمريكية، واللافت هنا أن البيت الأبيض في تقديمه للوثيقة قال إنها "خارطة طريق لضمان بقاء الولايات المتحدة أعظم وأنجح دولة في التاريخ البشري"، محافظاً على المبدأ الترامبى فى العلاقات الدولية، السلام من خلال القوة.
ورغم ما أثير حول الوثيقة من أحاديث وانتقادات وخلافات، كونها حملت تغيرات جذرية في الفكر والسياسة الامريكية، لكنها في حقيقة الأمر يمكن النظر إليها كونها تشرعن أقوال وأفعال إدارة ترامب، التي تختلف كلية مع كل الإدارات الامريكية السابقة في تحديد الأولويات وأيضاً التعامل مع القضايا الداخلية والخارجية، فإدارة ترامب تركز على الداخل والمحيط المجاور للولايات لمتحدة الامريكية، مع الاعتماد على الجانب الاقتصادى في أي صراع دولى.
وفي تغيير جذري عن إستراتيجية الأمن القومي الامريكى لعام 2022 التي دعت إلى تعزيز الديمقراطية في ظل النظام العالمي الحالي، تعتمد وثيقة "ترامب" على عدم التدخل، والبحث عن تحقيق مصالح اقتصادية من وراء كل صراع، والبحث عما يمكن وصفه بالمشتركات للوصول إلى حلول.
وتصدر كل إدارة أمريكية تقريبا إستراتيجية للأمن القومي، تعد بمثابة البيان الأشمل الذي يُعرف كيف ترى الولايات المتحدة العالم، وما تعتبره تهديدا أو فرصة، وما الأدوات التي تعتزم استخدامها لحماية مصالحها، ويعود هذا التقليد إلى قانون الأمن القومي لعام 1986، الذي ألزم البيت الأبيض بتقديم وثيقة دورية إلى الكونجرس تشرح التوجهات الكبرى للسياسة الخارجية والدفاعية، وتعتبر مرجعا لتحديد أولويات الإدارة الامريكية، سواء بما يتعلق بتحديد الخصوم أو شكل استخدام القوة العسكرية أو دور التحالفات، ولا يعد إصدار إستراتيجية جديدة أمرا روتينيا بالنسبة إلى الإدارات الامريكية، بل تكشف عن التحول في نظرة الولايات المتحدة لطرق صياغة مكانها في النظام العالمي.
والجديد في وثيقة 2025 أنها تعيد إحياء "مبدأ مونرو"، الذي أعلنه الرئيس جيمس مونرو عام 1823، ونصّ على رفض أي تدخل أو توسع للقوى الأوروبية في الأمريكتين، مقابل امتناع الولايات المتحدة عن التدخل في الشؤون الأوروبية، فإدارة ترامب عمليا تفعل هذا المبدأ من خلال التأكيد للجميع على أن الامريكتين "الشمالية واللاتينية" مجال نفوذ حصري لواشنطن لا تُقبل فيه أي قوة عسكرية أو اقتصادية منافسة، ومن هنا أنطلقت الاستراتيجية الجديدة إلى الدعوة لإعادة تنظيم الوجود العسكري الأمريكي في نصف الكرة الغربي لمواجهة الهجرة وتهريب المخدرات وما يصفه بصعود القوى المعادية في المنطقة، حيث تحدد الاستراتيجية خططًا لتواجد أكبر لخفر السواحل والبحرية في المنطقة، وعمليات نشر "لتأمين الحدود وهزيمة الكارتلات، بما في ذلك استخدام القوة المميتة عند الضرورة"، كما تنص على أن "الولايات المتحدة يجب أن تكون متفوقة في نصف الكرة الغربي كشرط لأمننا وازدهارنا - وهو شرط يسمح لنا بفرض وجودنا بثقة أينما ومتى احتجنا إلى ذلك في المنطقة".
وتزامنت الاستراتيجية مع الحملة التي تشنها إدارة ترامب ضد قوارب المخدرات المزعومة في المياه الدولية، والتي أسفرت حتى الآن عن تدمير ما لا يقل عن 23 قاربًا ومقتل 87 شخصًا، وامتداداها إلى التدخل في فنزويلا، وكذلك التأثير على الناخبيين في عدد من الدول اللاتينيية لانتخاب رؤساء موالين فكرياً لترامب، وهو ما حدث مع الرئيس الأرجنتينى وما يحدث اليوم في الانتخابات بهندراوس.
وربما يكون وجه الانتقاد الرئيسى لهذه الوثيقة يتمثل في ترتيب الأولويات وأيضا وضع أوربا، وكذلك الشرق الأوسط، حيث يمثل القسم الخاص بأوروبا في الاستراتيجية تصعيدًا أكثر دراماتيكية، محذرًا من أن الدول الأوروبية تواجه "تدهورًا اقتصاديًا" قد "يطغى عليه احتمال حقيقي وأكثر وضوحًا لمحو الحضارة"، وتشير الوثيقة إلى أنه "على المدى البعيد، من المرجح جدًا أن تصبح أغلبية بعض أعضاء الناتو غير أوروبية في غضون بضعة عقود على الأكثر"، مما يثير ما وصفه بـ"سؤال مفتوح" حول ما إذا كانت تلك الدول ستواصل النظر إلى تحالفها مع الولايات المتحدة بنفس الطريقة.
كما تؤكد استراتيجية الإدارة أن "حرب أوكرانيا كان لها أثر عكسي في زيادة اعتماد أوروبا، وخاصة ألمانيا، على الخارج"، وتزعم أن "أغلبية أوروبية كبيرة تريد السلام، إلا أن هذه الرغبة لا تُترجم إلى سياسات، ويعود ذلك إلى حد كبير إلى تقويض تلك الحكومات للعمليات الديمقراطية"، وهنا أكدت الوثيقة ضرورة التخلي عن اعتبار الناتو حلفا يتوسع إلى ما لا نهاية، وأنه على أوروبا أن تضطلع بالمسؤولية الأساسية عن حماية أمنها، وجاء بها أنه "يجب أن تنص أولويات سياستنا تجاه أوروبا على وقف تصور الناتو تحالفا يتوسع باستمرار"، وكذلك "يجب أن تعطي سياستنا العامة تجاه أوروبا الأولوية لمنح أوروبا القدرة على الوقوف بثبات على أقدامها والعمل كمجموعة متماسكة من الدول ذات السيادة، بما في ذلك من خلال تحمل المسؤولية الأساسية عن دفاعها الذاتي".
وهنا أشير إلى ما قاله وزير الحرب الأمريكي بيت هيجسيث، بعد نشر الوثيقة بيومان، حينما اكد أن الولايات المتحدة لن تسمح بعد الآن لحلفائها باستغلالها والتدخل في شؤونها، وقال في منتدى رونالد ريجان للدفاع الوطني في كاليفورنيا: "لن نتسامح بعد الآن مع الاستغلال"، وأكد أن الأمريكيين "يشعرون بالإحباط بسبب سنوات من استغلال حلفائهم لهم".
توزيع الأدوار والأعباء
يتضح عند هذه النقطة تحديداً ملامح التحوّل الأوسع في الاستراتيجية الجديدة للأمن القومي الأمريكى، فالبعض يرى أنها تشهد انسحاباً أو تراجعاً امريكياً من بعض الساحات خاصة الاوربية، لكن حقيقة الأمر أننا أمام إعادة توزيع مدروسة للأدوار والأعباء، فالشواهد كلها تشير إلى أن واشنطن تريد أن تظل مركز ثقل النظام الدولي، لكنّها في الوقت نفسه تريد أن يدفع الحلفاء، في أوروبا والشرق الأوسط وآسيا، التكلفة الأكبر، خاصة أذا كانت مادية أو بشرية أذا تطور الأمر في اتجاه الحرب او المواجهات العسكرية، أو بمعنى ادق، تبقى واشنطن مسيطرة وصاحبة اليد العليا خاصة في الجانب التقنى والتكنولوجى، وكذلك الاقتصاد، فيما يتحمل الباقيين المسئولية الكاملة عن الامن والحماية، اى ان إدارة ترامب تريد تغيير المفاهيم التقليدية في الحروب والمواجهات، فلا وجود لقوات وقواعد عسكرية ثابتة ومجانية في الوقت نفسه، بل تغيير هذه القواعد بحيث يكون الانتشار عند الحاجة.
وهنا يتحدث البعض عن بداية مرحلة أمريكية جديدة عنوانها "القيادة من وراء الستار"، حيث تنتقل الولايات المتحدة من دور الممثل الرئيسي الذي يحتكر كلّ الحوارات ويتحمل كلّ الأدوار، إلى دور المخرج الذي يوجّه حركة الممثلين الآخرين، ويضبط الإيقاع من خلف الكواليس، وربما يكون هذا التشبيه دقيقاً.
ولكى نفهم آلية التفكير المسيطرة في الوقت الراهن على البيت الأبيض، علينا ان نقرأ نقطة مهمة في الوثيقة وهى تلك التي تنتقد إدارات سابقة بدعوى إهدار الموارد الأمريكية في حروب لا تنتهي ومشاريع بناء الدول، خاصة في الشرق الأوسط، وتضع بدلاً من ذلك أولويات مثل حماية الحدود، والندية الاقتصادية، وتقاسم الأعباء مع الحلفاء، واعتماد سياسة عسكرية انتقائية تركز على الردع بدل التدخل.
هذه النقطة تشير إلى ما يمكن وصفه بإعادة تعريف الأولويات الأمريكية، اى أن واشنطن فى طريقها لتبنّى معادلة جديدة، قوامها الرئيسى التركيز على الداخل، ثم الجوار المباشر، ثم المنافسة مع القوى الكبرى المناوئة، بينما يتحول الشرق الأوسط إلى ساحة لا تتصدر الاهتمام، وإن بقيت مهمة من زاوية الرغبة فى الحفاظ على الشراكات التقليدية والمصالح الاقتصادية، وكل ذلك يؤكد أننا لسنا أمام لحظة أنسحاب أمريكى من المنطقة، وإنما لحظة إعادة توزيع للموارد والسياسات، أخذا في الاعتبار أن إدارة ترامب تنظر دوما للتكلفة الاقتثصادية لاى تحرك لها ومن سيتحمل هذه التكلفة.
ولأن الحديث في منطقتنا كثير هذه الأيام عن هذه الاستراتيجية والنظرة الامريكية للشرق الأوسط، فمن المهم إعادة التأكيد وفق الاستراتيجية أن واشنطن لم تعد تنظر للمنطقة كونها ساحة منافسة بين القوى الكبرى، بل تحولت إلى مكانًا للشراكة والصداقة والاستثمار ومحورًا لفرص اقتصادية في مجالات الذكاء الاصطناعي والطاقة والتجارة، لا مستنقعًا لالتزامات عسكرية واسعة، وهو أمر يفيد في مستقبل المنطقة، لأنه يشير إلى التركيز الأمريكي على إنهاء أسباب الصراع بالمنطقة، وفى القلب منها القضية الفلسطينية، بإيجاد حل سياسى لها، لأن المنطقة تمثل المستقبل.
ترتيب الأولويات الجغرافية
فالقضية الرئيسية في العقلية الأمريكية حالياً، ليست ترتيب الأولويات الجغرافية فقط، وإنما نقل مركز الثقل الاستراتيجى إلى الجوار الأمريكيى وتحديداً أمريكا اللاتينية، التي تراها واشنطن أنها مصدر التهديدات الأكثر اتصالًا بأمنها الداخل، وهو أمر مفهوم في إطار التفكير الأمريكي الراهن الذى يقدم تصورًا مختلفًا لطبيعة التهديدات لأمنها القومى؛ فالهجرة غير الشرعية عبر حدودها الجنوبية، وشبكات الجريمة العابرة للدول، وتنامى نفوذ قوى دولية منافسة فى أمريكا اللاتينية، كلّها تُعرض فى الوثيقة بوصفها تهديدات تتجاوز السياسة الخارجية إلى كونها تهديدات مباشرة للأمن القومى الأمريكي، لذلك، تُعامل المنطقة الجنوبية من نصف الكرة الغربى باعتبارها المجال الأكثر حساسية، والأقرب إلى الداخل الأمريكى، والأكثر استحقاقًا لتعبئة الموارد والسياسات.
وبجانب حماية الأمن القومى الداخلى والمحيط الجغرافى للولايات المتحدة، فإن الجانب الاقتصادى بمفاهيمه الواسعة يسيطر على الوثيقة الأمريكية الجديدة، وهو ما يبرز من خلال الإشارة إلى حالة "الإرهاق الإمبراطورى"، أي الإقرار بأن مشروع السيطرة الشاملة بعد الحرب الباردة أرهق القاعدة الصناعية الأمريكية، واستنزف الطبقة الوسطى، وأغرق بالبلاد في حروب لا رابط مباشرًا بينها وبين المصلحة القومية كما تُعرّفها إدارة ترامب، وهذا ما يمكن النظر إليه على أنه تأسيس نظري لتحوّل في تعريف الأمن القومي نفسه، ومن هنا تتبنى الوثيقة مفهوم جديد وهو القدرة على التأثير عن بُعد، أي أن بقاء الولايات المتحدة "الأغنى والأقوى والأكثر نفوذًا" لا يعني أن تكون حاضرة ماديًا في كلّ ساحة نزاع، بل أن تمتلك مفاتيح الاقتصاد، والتكنولوجيا، والمال، والتحالفات، بما يكفي لتوجيه مسار الأزمات من دون الانخراط المباشر في تفاصيلها.
ومن هنا فإن الوثيقة وهى تعيد تعريف الأمن القومي الأمريكي، فإنها تضع أولويات محدّدة، وهى تحصين الداخل وحدوده، استعادة السيطرة على سلاسل الإمداد، حماية القاعدة الصناعية، تأمين التفوق في الذكاء الاصطناعي والتقانة المتقدمة، وتعزيز مكانة الدولار والنظام المالي الأمريكي كعمود فقري للاقتصاد العالمي. وهنا تريد إدارة ترامب، التحول إلى القوّة الإمبراطورية المتمركزة في ذاتها، والتي تحافظ على تفوقها من خلال أدوات غير مباشرة، تحديداً الاقتصاد، التمويل، الفضاء السيبراني، والمعايير التكنولوجية وخاصة الذكاء الأصطناعى، بدلاص من الانخراط المباشر في الأزمات الدولية ومناطق النزاع.
حتى في الحديث عن الأعداء، يسيطر الفكر الاقتصادى على الوثيقة، فعلى سبيل المثال تحدد الاستراتيجية نهجا مزدوج المسار تجاه الصين، حيث تدفع لاحتواء نفوذ بكين العالمي مع الحفاظ على العلاقات الاقتصادية والحفاظ على الوضع الراهن في تايوان، وتؤكد أن "ردع أي نزاع بشأن تايوان، من خلال الحفاظ على التفوق العسكري، يمثل أولوية"، كما تؤكد الخلاف مع الصين "لا يعني هدر الدماء والأموال للحد من نفوذ جميع قوى العالم العظمى والمتوسطة"، داعية في الوقت نفسه حليفتيها اليابان وكوريا الجنوبية للمساهمة أكثر لضمان قدرة تايوان على الدفاع عن نفسها أمام الصين.
كما تدعو الوثيقة إلى "الحفاظ على علاقة اقتصادية متبادلة المنفعة بشكل حقيقي" مع الصين من خلال إعطاء الأولوية "للمعاملة بالمثل والإنصاف" وتقليل اعتماد الولايات المتحدة على هذا البلد. وبحسب الوثيقة، فإن إعادة ضبط تلك العلاقات ضروري لاستدامة النمو في الولايات المتحدة من "اقتصاد بقيمة 30 تريليون دولار في عام 2025 إلى 40 تريليون دولار في ثلاثينيات القرن الحادي والعشرين".
كما وثيقة الاستراتيجية، إعادة تنظيم الإدارة للسياسة الخارجية الأمريكية، وتقول إن الدول الأوروبية تعتبر روسيا "تهديدًا وجوديًا"، لكنها تُصوّر الولايات المتحدة على أنها تلعب دورًا هامًا في الدبلوماسية لإعادة "ظروف الاستقرار داخل أوروبا والاستقرار الاستراتيجي مع روسيا".
وهذه النظرة الأمريكية لروسيا تختلف عما كانت عليه في وثيقة الأمن القومي لعام 2022 في عهد الرئيس السابق جو بايدن التي أشارت إلى أن روسيا تُشكّل "تهديدًا مباشرًا للنظام الدولي الحر والمفتوح، وتنتهك بتهور القوانين الأساسية للنظام الدولي اليوم، كما أظهرت حربها العدوانية الوحشية على أوكرانيا".
بالتأكيد فإن هذه التغيير في المفهوم الامريكى، لن يمر مرور الكرام على الساسة الأمريكيين خاصة الديمقراطيين الذين يناصبون ترامب العداء أينما ذهب، وظهر ذلك جلياً من تصريحات بعض نواب الكونجرس منهم السيناتور الديمقراطى مارك كيلي، عضو لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، الذى قال إن استراتيجية دونالد ترامب للأمن القومي تفضل مصالح عائلته وأصدقائه التجارية مع خصوم أمريكا، مثل روسيا والصين، على وعودها لحلفائها. وحذر كيلى من أن هذه الاستراتيجية، فى حال تطبيقها، ستُضعف نفوذ الولايات المتحدة حول العالم وتقوض أمنها القومى. وكذلك السيناتور الديمقراطى كريس فان هولين، عضو لجنة العلاقات الخارجية الذى قال إن الاستراتيجية تتخلى تمامًا عن فكرة الدفاع عن الحرية وحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم. وبدلًا من ذلك، تلقي محاضرات على حلفاء واشنطن الأوروبيين، وتحتضن ما وصفه بالقادة الاستبداديين "الذين يُثرون عائلة ترامب وأصدقائهم المليارديرات".
لكن الأكيد أن الاستراتيجية أحدثت تفاعلاً دولياً، عبر عنه على سبيل المثال المتحدث باسم قصر الرئاسة الروسي "الكرملين" دميتري بيسكوف، الذى قال إن التعديلات التي أجرتها إدارة ترامب على استراتيجية الأمن القومي، والتي لم تُدرج روسيا ضمن "التهديدات المباشرة"، تُعد خطوة إيجابية في مسار العلاقات الثنائية بين البلدين، مضيفاً: "نعتبر أن هذا تطور إيجابي"، إلى أن الرسائل التي توجهها الإدارة الأمريكية الحالية فيما يتعلق بالعلاقات الروسية - الأمريكية تختلف بشكل واضح عن نهج الإدارات السابقة، وتابع:" بشكل عام، هذه الرسائل تختلف تمامًا عن مواقف الإدارات السابقة".
وكذلك كايا كالاس، الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ونائبة رئيس المفوضية الأوروبية، التي قالت إن الولايات المتحدة لا تزال "أكبر حليف للاتحاد الأوروبي"، "بالطبع، هناك العديد من الانتقادات، لكنني أعتقد أن بعضها مُبرر"، وأضافت: "الولايات المتحدة لا تزال حليفنا الأعظم، لم نتفق دائمًا على مواضيع مُعينة، لكن المبدأ الأساسي يبقى كما هو.. نحن أعظم حلفاء، ويجب أن نبقى مُتحدين".