أوروبا بلا أطفال.. أخطر أزمة ديموجرافية منذ الطاعون الأسود والحوافز المالية تفشل
الثلاثاء، 16 ديسمبر 2025 11:17 ص
هانم التمساح
تواجه أوروبا واحدة من أخطر الأزمات الديموجرافية في تاريخها الحديث، مع اقتراب القارة من أول تراجع سكاني منذ الطاعون الأسود في القرن الرابع عشر، نتيجة الانخفاض الحاد والمستمر في معدلات الخصوبة، رغم إنفاق مليارات اليوروهات على برامج الدعم الأسري.
وتشير بيانات حديثة إلى أن عدد سكان الاتحاد الأوروبي يقترب من ذروته قبل أن يبدأ مسارًا طويل الأمد من الانكماش، في ظل تراجع معدلات الإنجاب إلى مستويات غير مسبوقة، ما يهدد بتقلص القوى العاملة، وارتفاع أعباء الشيخوخة، وزيادة الضغوط على أنظمة التقاعد والرعاية الصحية، فضلًا عن تباطؤ محتمل في النمو الاقتصادي.
ورغم لجوء الحكومات الأوروبية إلى حزم واسعة من الحوافز، شملت إعفاءات ضريبية، وإجازات مدفوعة، وقروضًا سكنية ميسرة، فإن النتائج جاءت محدودة. وتُعد المجر مثالًا بارزًا على ذلك، إذ أنفقت نحو 5% من ناتجها المحلي الإجمالي على دعم الأسر، بما في ذلك إعفاءات ضريبية مدى الحياة للأمهات وإجازات مدفوعة للأجداد، إلا أن معدل الخصوبة تراجع مجددًا ليصل إلى 1.39 طفل لكل امرأة، قريبًا من متوسط الاتحاد الأوروبي.
ويرجع خبراء فشل هذه السياسات إلى عوامل هيكلية واجتماعية معقدة، أبرزها ارتفاع تكاليف المعيشة والسكن، وتأخر سن الزواج، وتغير أنماط العلاقات، إلى جانب توسع تعليم النساء واندماجهن المتزايد في سوق العمل، ما جعل قرار الإنجاب مسألة شخصية يصعب التأثير فيها عبر الحوافز المالية وحدها.
وتؤكد الأزمة أن أوروبا باتت بحاجة إلى إعادة النظر في نماذج العمل والسكن والتوازن بين الحياة المهنية والأسرية، في وقت تستعد فيه القارة لمواجهة واقع "القارة الشائخة "، وسط تساؤلات متزايدة حول قدرتها على إقناع الأجيال الجديدة بالإنجاب، أو التكيف مع مستقبل يتراجع فيه عدد السكان وتتغير معه ملامح المجتمع الأوروبي.