مقابر أغنياء مصر «موتة تفرح».. «ريسبشن» بمقابر القاهرة.. أعمدة رومانية وزخارف إسلامية على المداخل.. «البهجة والطبيعة» الطابع الغالب بمقابر قنا..«الميت أغلى من الحي» بكفر الشيخ.. «فنادق الموتى» بالمنيا
السبت، 20 فبراير 2016 12:27 م
أبواب مطلية بماء الذهب.. إضاءة شبه معتمة.. حدائق تتوسط المكان.. زجاج شفاف يمكّنك من رؤية المناظر البديعة وأنت جالس بداخله على تلك الكراسي الجرانيتية، وهي الشيء الوحيد في المكان الذي يذكرك بالوجود في «مصر».
إذا كنت تعرف هذه التفاصيل، فلابد أنك زرت «مقابر الأثرياء» في مصر من قبل، وإذا لم تكن تعرف فهي مكان للأغنياء فقط، يتمنى الفقير المرور بمحاذتها فقط.
تختلف مدافن العائلات والباشاوات في مصر عن مدافن البسطاء، فبينما لا يتعدى مدفن المواطن البسيط سوى بعض الأحجار الصغيرة، ولوحة صغيرة خطت عليها حروف «الملكية»، ورخامة أعلى المدفن فقط؛ تجد العائلات والباشاوات اختاروا لأنفسهم مدافن تحفظ مكانتهم الاجتماعية حتى بعد الموت.
أصبح الفقير ضيفًا ثقيلًا على مقابر الصدقة، في حين ترقد جاثمين آخرين من طبقة الأغنياء في مقابر أشبه بالقصور، تضم استراحات مكيفة لاستقبال الضيوف، وحدائق غناء وديكورات فخمة.
فلم يصبح المستوى الاجتماعي فقد هو المسيطر على الحياة، بل أصبح الموت في مصر أيضًا «درجات»، فهناك مقابر للغلابة ومقابر لـ«أولاد الأكابر»، المال فقط هو من يحدد درجتك قبل وبعد الموت.
وتفتح «صوت الأمة»، في هذا التقرير، ملف «مقابر الأغنياء في مصر»، في الوقت الذي أصبح فيه الفقير عندما يرحل من الدنيا لا يجد «تربة» مترا في متر..
«مقابر القاهرة».. الفقراء يمتنعون
تحولت المقابر في محافظة القاهرة، لقصور يسكنها الأموات، فأسعار المقابر ارتفعت كثيرًا وتختلف مقابر كبار العائلات ورجال الأعمال والفن والسياسة في القاهرة، تمامًا، عن مقابر الفقراء ومحدودي الدخل، فهي أشبه بفنادق الـ«5 نجوم»، فالجدران وأحواض الزهور بالجرانيت والرخام المستورد، والأبواب مطلية بماء الذهب، ومربع القبر الواحد بالحديقة يصل إلى 500 متر مربع، أما الأسعار فهي تتراوح الآن بين 300 ألفًا و500 ألف جنيه للمقبرة الواحدة.
ومن أشهر مقابر الأغنياء في العاصمة، مقابر «مدينة نصر»، ومقابر «الكومنولث» بمصر الجديدة، فهي مقابر «سوبر لوكس» للأغنياء فقط، فمعظمها مقابر تشطيب سوبر لوكس، تضم شبابيك و«مصاطب» من الرخام، ومدخل المقبرة من الطوب الحراري، والشبابيك من الجرانيت أو الزجاج المزخرف، وباب حديدي وزهور مختلفة الأشكال والأنواع.
وتنتشر في القاهرة مقابر «الكامباوند»، وهذا النوع الجديد من المقابر انتشر في الأحياء الجديدة مثل مدينة نصر والقاهرة الجديدة، وتعد مقابر القطامية، التي تقع على طريق التجمع الخامس بالقاهرة الجديدة، من أرقى مقابر مصر، ففيها توجد أحواش خاصة بالوزراء، والأدباء، ورجال الأعمال، وقيادات القوات المسلحة، ومشايخ الأزهر، ومفتي الجمهورية، ورجال الأعمال والشخصيات العامة.
ويتوقف السعر على تشطيبات المقبرة من الداخل، من حيث نوع الرخام الذي يغطي الأرضية، فهناك المصري والمستورد، وغالبًا تزين تلك المقابر بأجود أنواع الرخام من الأبستر والبلتورو والأسباني أو السيراميك الملون، بالإضافة إلى الكتابات القرآنية المذهبة على «العين» ما يجعلها أشبه بالمقابر الملكية.
وتُبنى هذه المقابر على هيئة فيلا صغيرة تزين من الخارج بأندر أنواع الزهور والنباتات، بل إن سور السلم المؤدي إلى المقبرة يتم تصميمه بدقة وعناية من الطوب الحراري أو الرخام، وتصل المغالاة في عدد من المقابر إلى تزيين مداخلها بالأعمدة الرومانية أو زخرفة أسوارها بزخارف إسلامية، تجعلها تشبه القلاع.
قنا.. «مقابر البهجة»
ولم يختلف وضع مقابر الأغنياء في محافظة قنا عنه في القاهرة، فتوجد بالمحافظة بعض المقابر مرصعة بالألوان والزخارف، ولعل قرية «هو» بقنا، نموذج غريب وسط الفقر المدقع، فأهالي القرية يدفنون موتاهم في مقابر مزخرفة بالألوان، باعتبار أن الميت يحيا حياة أبدية جديدة، مليئة بالألوان الطبيعية، ويقوم أهالي القرية بتلوين جميع المقابر الموجودة بجبل القرية، واستخدام أشكال وألوان تدل على البهجة.
المنيا.. «فنادق الموتى»
أما مقابر كبار العائلات ورجال النفوذ في المنيا، فهي «شكل تاني»، فمعظمها يتواجد بقرى شرق النيل، تلك المقابر التي تختلف كل الاختلاف عن مقابر الغلابة، ولا يفرق بينهما سوى أمتار قليلة، فهي أشبه بالفنادق، تحيطها أحواض الزهور والرخام وأبوابها ضخمة، وتقسم إلى 4 أدوار علوية.
ومن المتعارف عليه أن الدور الأرضي في مقابر المحافظة، مخصص لكبار العائلة «الجد الأول والثاني»، ودائمًا ما يكون الدور الرابع والثالث لـ«شباب العائلة»، تتراوح مساحتها ما بين 150 إلى 300 متر، وتتراوح أسعارها بين 100 و234 ألف جنيه.
الدقهلية.. «مدافن الحدائق»
وتتجسد مظاهر العظمة والأبهة في مقابر الأغنياء بمدينة «دكرنس» التابعة لمحافظة الدقهلية، وبجانبها تجد مقابر الفقراء مقابر خاوية من الزوار، تنتشر حولها الحدائق والتماثيل وصور شخصية، هذا هو الحال في مقابر الأغنياء بدكرنس.
وكذلك تحولت المدافن بمقابر «العيسوي» في محافظة الدقهلية، إلى أبراج متعددة الطوابق، وصلت في بعض الأحيان إلى 4 أدوار، ويرى القائمون عليها أنها وسيلة مبتكرة لحل مشكلة ضيق المساحة المخصصة لبناء المقابر وغلاء أسعارها.
البحيرة.. «تشطيب لوكس»
في محافظة البحيرة.. تباع الشقق بأسعار مختلفة وفقًا لوجهات الشوارع المجاورة لها، وكذلك الحال مقابر الموتى في منطقة الزاوية بمدينة دمنهور، فلها أسعارها المختلفة.
وتتكون مقابر الأثرياء في المحافظة من غرفة مساحتها 2 متر في 3، ويوجد أعلاها غرفة تسمى بـ«المعظمة»، وهي التي يتم وضع عظام المتوفين بها بعد التحلل، لتوسيع المكان للمتوفين الجدد، كما يتسلمها المالك بتوضيب «سوبر لوكس»، من دهان الرش وباب حديدي للمقبرة، ووجهة مبلطة بالسيراميك، ورود أمام القبور، وألوان مبهجة.
كفر الشيخ.. «مقابر راقية»
«الحي أبقى من الميت»، كلمات نسمعها دائمًا عند تعرض أسرة لموت ذويهم أو فقدان أحد من الأصدقاء، غير أن هذه المقولة انعكست وأصبح «الميت أغلى من الحي» بمقابر محافظة كفر الشيخ، فقد سيطر الأغنياء على الدنيا والآخرة بأموالهم وامتلكوا أرقى المقابر.
وأصبجت أسعار المدافن أو المقابر في المحافظة، تفوق أسعار الوحدات السكنية، فلم يكن هنا الحي أبقى من الميت، خاصة بعد ارتفاع أسعار الأراضي الزراعية، وضيق المساحات الصحراوية المخصصة للمدافن.