رئيس القابضة للتأمين.. وسبوبة إعادة التأمين
الأربعاء، 02 مارس 2016 11:38 م
سنة ٢٠١٢ تسلم أسامة صالح، وزارة الاستثمار، وورث بهذا رؤساء الشركات القابضة التابعة للوزارة، من ضمن هؤلاء كان الدكتور محمد يوسف رئيس الشركة القابضة للتأمين الذي كان قد تم تصعيده لرئاسة الشركة بعد استقالة رئيسها السابق محمود عبد الله، صاحب الإنجاز الضخم بتنظيم و اعادة هيكلة قطاع التأمين الحكومي.
لم يكن محمد يوسف اختيار أسامة صالح، ومع الوقت بدأت تظهر دلائل أن الوزير غير راضٍ عن أداء الرجل، وكان لزاماً علي يوسف أن يبحث عن وسيلة لارضائه، فتفتق ذهنه عن اعلان تبنيه مشروع إعادة انشاء شركة لإعادة التأمين، وأخد يروج لها كمشروع قومي مصر في حاجة اليه خصوصاً بعد أن واجهت الشركات المحلية صعوبات لإعادة تأمين أعمالها مع الشركات العالمية بعد ثورة يناير.
ورغم أن نغمة المشروع القومي أثارت دهشة الكثير من المراقبين، الذين تساءلوا أيضاً عن جدوي انشاء شركة كمجرد رد فعل لعدم قبول معيدو التأمين العالميين مخاطر الشركات المصرية.
وجد محمد يوسف ضالته في هذا المشروع و بات من خلاله ضيفاً دائماً علي الصفحات الأولي في الصحف. ثم رحل أسامة صالح و جاء الوزير الاخواني يحيي حامد و عاش محمد يوسف أزهي أيامه اذ كان من المقربين من الوزير الجديد و من المحظيين عنده. لكن شهر العسل لم يستمر طويلاً، فالشعب ثار في ٣٠ يونية ٢٠١٣ و أسقط حكم الاخوان، و عاد أسامة صالح وزيراً للاستثمار، و عاد يوسف لتلميع نفسه بالمشروع القومي، ملتمساً به تجميع النقاط عند الوزارة.
وهكذا، بمعدلات زمنية متقاربة عاد لتغذية الصحف بأخبار اجتماعاته المكثفة حول الشركة الجديدة، وإرسال التقارير للوزارة مبشرة بهذا المشروع القومي، بينما ظلت التساؤلات حائرة حول قوميته وجدواه، و مع مرور الوقت حول موقف المشروع: فلماذا لا يتحول الكلام المستمر عنه الي أفعال؟.
يرحل أسامة صالح و يأتي منير عبد النور، والمشروع القومي علي حاله، كلام في الصحف، كلام في تقارير للوزارة، كلام في جمعيات الشركة القابضة، كلام في المؤتمرات التي تنظمها الوزارة. ثم يأتي أشرف سلمان.
وزير ذو خبرة عملية ويعلم متطلبات و خطوات انشاء شركة و الدخول للسوق بنشاط جديد، ويشعر محمد يوسف أن الاستمرار في الكلام لم يعد مستساغاً مع هذا الوزير، فينتقل أخيراً الي دراسة المشروع. لكنه لا يفعل هذا باستخدام الخبرات المتراكمة في السوق المصري، و لا يلجأ لخبراء التأمين المصريين المتميزين، بل يسعي للأضواء والعناوين البراقة، فيفرض علي المجموعة المصغرة التي أوكلت بتفعيل خطوات دراسة انشاء الشركة الجديدة، و تولي يوسف رئاستها، يفرض عليها استجلاب عروض الدراسة من شركات أجنبية، قدمت عروضاً بأتعاب باهظة نظير اعداد الدراسات.
ثم انبري لتحميل الشركة القابضة للتأمين و شركاتها التابعة نصف تكاليف المرحلة الأولي من الدراسة، بينما تحمل النصف الثاني "كل" الشركات الأخري العاملة في السوق، من خلال الاتحاد المصري للتأمين!! قرابة "نصف مليون جنيه" من المال العام تحملتهم الشركة القابضة، ارضاءً لمساعي رئيسها للظهور بمظهر جيد أمام وزير الاستثمار، تحسباً للسؤال الذي كان الوزير بالتأكيد سيسأله: ماذا فعلت في مشروع شركة اعادة التأمين الذي وعدت به كل وزراء الاستثمار منذ توليك رئاسة الشركة القابضة؟.
ماذا عن الموقف الآن؟ عام كامل مر منذ أنهت الشركة الأجنبية المرحلة الأولي من الدراسة وسلمتها وحصلت علي أتعابها، و مع هذا لم يحقق "المشروع القومي خطوة واحدة للأمام، البعض يفسر هذا بأن الدراسة جاءت نتائجها عامة ولا تثير شهية أي مستثمر، و يضيفون أن هذا كان متوقعاً و لم يكن يستحق اهدار كل هذه الأموال. و البعض الآخر يَرَوْن أن كل ما في الأمر أن محمد يوسف عاجز عن إنجاز أي شئ، وأن الدراسة كانت مجرد مرحلة كسب وقت، وعندما انتهت عادت الأمور لما كانت عليه، مجرد كلام في كلام.
نحن لا ندعي العلم و المعرفة لذلك لن نلجأ للتفسيرات. فقط نقرر حقيقة واقعة سبوبة إعادة التأمين التي استخدمها محمد يوسف علي مدار ما يقرب من ثلاث سنوات مع أسامة صالح ثم مع يحيي حامد ثم مع منير عبد النور وبعدهم أشرف سلمان، مرشحة لأن يستمر في استغلالها الي ما شاء الله ما لم يتدخل أحد ليسائل هذا الرجل عما يفعل، أو بالأحري ما لا يفعل!.