«شركات الصرافة» حصان طروادة لـ«الإرهابية» .. رئيس بنك الأسكندرية: الجماعة استخدمتها كسلاح فى مواجهة الإقتصاد.. أبو على: قرارات المركزى ضخمت دورها.. ورئيس الشعبة: البنوك لا تستطيع وحدها إدارة السوق

الأربعاء، 30 مارس 2016 10:38 ص
«شركات الصرافة» حصان طروادة لـ«الإرهابية» .. رئيس بنك الأسكندرية: الجماعة استخدمتها كسلاح فى مواجهة الإقتصاد.. أبو على: قرارات المركزى ضخمت دورها.. ورئيس الشعبة: البنوك لا تستطيع وحدها إدارة السوق
صورة ارشيفية
هشام صلاح

«لا بد من مواجهة الفساد في أي إدارة أو مؤسسة، عينك ما تشوف الغلط وتسيبه، حرام عليك لو شوفته وسكت، القواعد اللي معمول بيها مش هتنفع معانا، تصدوا بجدية وفاعلية ومسئولية وفهم وإخلاص وأمانة وشرف للمشكلات».. هذه الكلمات صاغها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى إحدى خطاباته فى سياق تعليقه على ضرورة مساهمة الوطنيون بدورهم فى كشف الفساد بمؤسسات الدولة الإقتصادية، واتخاذ المسؤولين قرارات في الاتجاه الصحيح لإصلاح وعلاج الأوضاع داخلها.

ويرصد التقرير التالى ملفات الفساد المتعلقة بتجارة العملة، وأزمة نقص الدولار فى مصر، ويغوص فى أعماق الأزمة لتطرح تساؤلات مزعجة ومؤلمة تكشف معلومات رهيبة عن هذا السوق الموازى.

-الصرافة.. الفتى المدلل

على الرغم من النظر لأسواق المال والصرافة كونها الفتى المدلل، والقطاع الأقل فسادا بالإقتصاد المصرى مقارنة بباقى القطاعات، إلا إننا بحاجة ماسة لفتح ملفات الفساد المتعلقة بسوق الصرف فى زمن تجارة العملة، بخاصة فى الوقت الذى تحاصر فيه علامات الإستفهام متخذى القرار فى مصر حول انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار.

أراء خبراء اللإقتصاد حول أزمة نقص الدولار، وارتفاع قيمته، تباينت حول فرضية تورط بعض الأفراد فى افتعال الأزمة لأهداف سياسية وإقتصادية، ولكنها اتفقت على أن الأزمة اديرت بعقلية تقليدية شأنها شأن إدارة ملف الإقتصاد.

-إغلاق شركات الصرافة

سلب ونهب وخداع ودعم الإرهاب، فضلا عن السيطرة- منذ نشأتها- على سوق العملات الأجنبية فى مصر، دفع البعض وعلى رأسهم الخبير المصرفى، جمال محرم، رئيس الغرفة الأمريكية المصرية، إلى المطالبة بإغلاق شركات الصرافة المخالفة. «لأنهم استغلوا ضعف الرقابة وحققوا ثروات طائلة، ولضمان السيطرة على سوق الصرف المصرى» يقول محرم.

ويضيف: «عمل بعض شركات الصرافة فى مصر أقرب ما يكون لحصان طروادة متغلغل فى كيان الإقتصاد الوطنى، مطالبا البنك المركزى المصرى بزيادة الإجراءات الرقابية لمواجهة المفسدين من ملاك شركات الصرافة للإصلاح ما أفسدته داخل سوق النقد الأجنبى فى مصر، والحد من ارتفاع قيمة الدولار مقابل الجنيه.

ويشير الخبير المصرفى، إلى أن البنوك برعاية البنك المركزى قد حدت بالفعل من مزايدات تجار الصرافات على الدولار، وقلصت إلى حد كبير الفارق بين سعر الدولار والجنية فى البنوك وشركات الصرافة، لكنها فشلت فى القضاء كليا على السوق السوداء للدولار.

وساخرًا من تصريحات محافظ البنك المركزى التى تؤكد بأن زمن تجارة العملة قد أنتهى، يقول محرم: بعض الإجراءات التى اتخذها المركزى كانت جيدة ولكنها عبارة عن مسكنات، فضلا أنها لم تعكس توافقا عاما بين المصرفيون وخبراء الإقتصاد.

ويؤكد الخبير المصرفى، على أن الحل الوحيد هو التحرك بخطوات جذرية على رأسها ضخ السيولة الدولارية الكافية فى البنوك وشركات الصرافة الملتزمة، وإغلاق المخالفة منها، ودفع عجلة الإنتاج ودعم الصادرات، بالإضافة إلى تقلص العجز فى الميزان التجارى للتحكم فى سعر صرف العملات الصعبة.

«أمل أن تضع الدولة تصور مستقبلى لتنمية سوق النقد الأجنبى خلال الفترة المقبلة» يقول محرم.

-حرب إخوانية

«أزمة نقص الدولار فى السوق المصرى ليست سوى حرب إقتصادية من قبل جماعة الأخوان الإرهابية لإعاقة خطط الدولة فى مجال الإصلاح الإقتصادى والمالى» هكذا يرى الدكتور محمود عبد اللطيف، رئيس بنك الإسكندرية السابق، والخبير البنكي، والرئيس التنفيذى لصندوق تحيا مصر أزمة الدولار الطاحنة.

ويؤكد على أن عملية نقص الدولار فى السوق ليست نتيجة لخلل فى سياسات البنك المركزى النقدية، لكنها بحسبه كانت نتيجة لجهود بعض القوى المتربصة بمصر متمثلة فى جماعة الإخوان الإرهابية التى قاد أعضاءها العديد من المضاربات على الدولار، فى الوقت الذى تحتاج فيه الدولة للعملة الصعبة، وبالتالى أدى ذلك إلى الإضرار البالغ بالجنيه المصرى، ونقص المعروض من الدولار فى السوق وزيادة قيمته السوقية.

ويضيف: الجماعة قد اتخذت من الدولار سلاحا فى مواجهة إقتصاد الدولة بغية إعاقة جهود الحكومة المصرية فى مجال الإصلاحات الإقتصادية، وكذا نقص السيولة المطلوبة من العملات الأجنبية لتنفيذ المشروعات القومية الكبرى.

عبد اللطيف شدد على أن العنصر الإخوانى يسيطر على النسبة الأكبر من شركات الصرافة فى مصر، مؤكدا أنهم أشد خطرا على الدولة من منفذى العمليات الإرهابية، لأن من يسيطر على سوق الدولار يتحكم بالضرورة فى مفاصل الإقتصاد المصرى، مطالبا الدولة بضرورة الرقابة الصارمة على أنشطة مثل هذه الشركات.

ويرى عبد اللطيف أن «الحل الأمثل للأزمة» يتمثل فى طرح البنك المركزى لعطاءات دولارية دورية، وتوفير سيولة دولارية للبنوك وشركات الصرافة الملتزمة، لضرب السوق السوداء ودفع المضاربين بضخ الاموال فى القنوات الرسمية، وبالتالى تهبط أسعار الدولار.

مضيفا إلى أن أهم أسباب الازمة بجانب ما تم ذكرة هى الإشاعات، والعمليات الإرهابية التى تضرب مصر بين الحين والأخر، مشيرا إلى أن القيادة السياسية عازمة على محاربة الأزمات الأقتصادية بوسائل غير تقليدية ستضح ملامحها فى القريب العاجل.

- نعم للرقابة ولا للإغلاق

من جانبه أكد محمد الأبيض، رئيس الشعبة العامة للصرافة، على ضروة فرض رقابة صارمة على أنشطة شركات الصرافة من قبل البنك المركزى، لكنه رفض بشدة النغمة السائدة فى الوسط الإقتصادى حول إغلاقها أو اتهامها بدعم الإرهاب من خلال افتعال أزمات أقتصادية، حيث يرى أن هذه الشركات هى السند والمعين الأقوى للبنوك لتيسير حركة سوق الصرف، كما أن لها دورا بارزا كأحد قطاعات سوق النقد الهامة، مؤكدا أن البنوك لا تستطيع وحدها إدارة سوق الصرافة المصرى، نظرا للحجم الضخم الذى تمثلة هذه السوق.

الأبيض أكد أن ملاك شركات الصرافة ضحية من ضحايا الأزمة وليسوا سببا فيها، موضحا أن البنوك هى التى دفعت المستثمرين للتعامل مع القنوات الغير شرعية التى لا تمثلها شركات الصرافة – بحسبه- لتدبير الدولار نتيجة لعدم قدرة البنوك على توفير النقد الأجنبى فى الوقت المناسب لتيسيير أعمالهم.

ورفض رئيس الشعبة العامة للصرافة، وضع البنك المركزى لسقف محدد للإيداع النقدى للدولار، مؤكدا أن «القرار أصاب حركة الصرافة فى مقتل، لأن هذا القرار وأن كان قد قلص الفرق بين الجنية والدولار فى البنوك وشركات الصراف، إلا أنه سيتحول إلى أكبر طارد للإستثمار الأجنبى، فضلا عن تعنت البنوك فى تعاملها مع هذه الشركات».

الأبيض أنهى كلامه بأن البنك المركزى لابد أن يقوم بتوفير السيولة النقدية من العملة الصعبة، للبنوك والشركات والأفراد والرقابة عليها، دون أتخاذ اليات من شأنها الإضرار بالإقتصاد الوطنى.
«أرفض إغلاق شركات الصرافة لأن ذلك يهدد الإقتصاد» بهذه الكلمات بدأ دكتور محمد النشرتى، أستاذ الإقتصاد بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، حديثه، موضحا أن النظام المصرفى مصر لا يستطيع تحمل حركة الصرافة إلا فى تواجد شركات الصرافة جنبا إلى جنب مع البنوك، وذلك أمر متبع فى جميع دول العالم.

وأكد أستاذ الإقتصاد بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، على أن الصرافة سوق مثل غيرها من الأسواق عرض وطلب، وعندما يزداد الطلب مثلًا على الدولار يرتفع سعره تلقائيا. النشرتى وصف الترويج بأن شركات الصرافة هى سبب الأزمة بأنه كلام عار تماما من الصحة، مؤكدا أن الأوضاع السياسية وسوء إدارة الأزمة من قبل البنك المركزى هى المتسبب الحقيقى فى الأزمة.

-قرارات خاطئة

الدكتور على لطفى، رئيس الوزراء الأسبق، أكد أن الحديث عن تورط شركات الصرافة من عدمه فى نقص الدولار فى السوق النقدى المصرى مجرد استنتاجات لا ترقى إلى درجة التأكيد،على الرغم من أن تاريخهم يثبت ملكيتها لبعض عناصر التيارات الإسلامية المتعاطفة مع جماعة الأخوان الإرهابية.

وحذر لطفى بقوله: لا يجب إلقاء التهم جذافا لأن ذلك يضر بسوق النقد وكذا الإقتصاد، مؤكدا أن أزمة نقص الدولار، وارتفاع قيمته مقابل الجنيه المصرى لها العديد من الأسباب، منها على سبيل المثال لا الحصر، قوة الدولار فى السوق العالمى، وتفوقه عن سلة العملات الأخرى، مضيفًا أن فساد البورصة المصرية، وتراجع الدولة عن فرض ضرائب للإرباح الرأسمالية على الأموال أوالإستثمارات الساخنة فى البورصة، سيؤدى إلى استنزاف الإقتصاد المصرى، موضحا أن الأموال الساخنة هى ببساطة أرباح ضخمة فى البورصة، تخرج للخارج بسرعة مخلفة وراءها خسائر رهيبة للمستثمر المصرى، مشيرًا إلى أن هذه الأموال الساخنة، تسببت فى العديد من السلبيات منها تحويل الدولارات إلى الخارج دون أى عائد للإقتصاد، وأثر ذلك سلبا على قيمة الجنية مقابل الدولار، لافتا إلى أن قوانين الإستثمار والبورصة والعقارات، بجانب شركات الصرافة متهمون بالضلوع فى هذه الأزمة.

الدكتور سلطان أبو على – وزير الإقتصاد الأسبق، كان أكثر صراحة من لطفى حيث قال: أن القرارات الأخيرة للبنك المركزى المتعلقة بالسيطرة على سوق الصرف، ستؤدى إلى زيادة الطين بله، لأنها – بحسبه- ستؤدى إلى صعوبة تدفق الإستثمارات الأجنبية، لأنها وضعت القيود وفى نفس الوقت لم توفر الدولار للبنوك وشركات الصرافة، مضيفا أن تقصير المركزى فى مجال توفير العملة الصعبة، جعل العملاء يلجأون إلى مصدر بديل للعملة – شركات الصرافة- لمزاولة أعمالهم دون الإنتظار فى قوائم البنوك.

أما فيما يتعلق بالسوق السوداء، أكد أبو على أن البنك المركزى لابد أن يراقب السوق ويوفر العملة للبنوك والصرافات، دون أن يتدخل فى أسعار الفائدة للجنية لجذب الإستثمارات الأجنبية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق