خبير آثار يطالب بإحياء جسري التواصل الحضاري بين مصر والسعودية
الخميس، 07 أبريل 2016 11:43 ص
قال الدكتور عبدالرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية بوزارة الآثار: إن التواصل الحضاري والعلاقات التجارية بين مصر والسعودية امتد عبر تاريخ دولة الأنباط منذ القرن الرابع قبل الميلاد ودرب الحج المصري القديم، مطالبا بإحيائها وعودتها لسابق عصرها من أنشطة تجارية مزدهرة.
وأضاف - في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الخميس- أن لهذين الطريقين محطات تضم قلاع وموانئ وأودية تضم نقوشًا صخرية فى مصر والأردن والسعودية يمكن استغلالها في السياحة الثقافية والسفاري وحياة مجتمع البادية والسياحة العلاجية لما تحويه أوديتها من نباتات طبية وربط الطريقين برحلات سياحية مشتركة لتنشيط السياحة العربية.
وعن الأنباط، قال ريحان: إن سبب تسميتهم بذلك لاستنباطهم ما فى باطن الأرض وقد ظهروا لأول مرة فى القرن السادس (ق.م) كقبائل بدوية في الصحراء الواقعة شرق الأردن، ثم استمروا كذلك حتى القرن الرابع (ق.م) واتخذوا البتراء - بالأردن الآن - عاصمة لهم في القرن الرابع قبل الميلاد، وبنهاية القرن الثاني قبل الميلاد أصبح لهم نشاط بحري وقوة بحرية عظيمة وكان لهم سفن خاصة بهم، بالإضافة لاستئجار سفن أخرى، ومنذ القرن الأول قبل الميلاد أسس الأنباط جيشًا وكان لهم شبكة طرق تتوفر فيها مصادر المياه وبنهاية القرن الأول قبل الميلاد كان لهم إنجازات عظيمة فى مجال البناء والنحت وإنتاج الفخار واستخراج المعادن.
وأضاف أن هناك طريقا تجاريا للأنباط عبر السعودية والأردن إلى مصر ومنها لأوروبا ضمن شبكة كبرى بين المحيط الهندي والبحر المتوسط فكانت بضاعة الهند تأتى إلى اليمن عن طريق عدن وكان أهل اليمن ينقلونها مع محاصيلهم إلى الحجاز وكان الأنباط ينقلونها من الحجاز إلى البتراء، ومن هناك تتفرع إلى مصر بطريق البتراء وطريق الأنباط بسيناء من البتراء يخترق صحراء النقب إلى العريش.
وتابع قائلًا: "إن هناك طريق آخر من أيلة (العقبة حاليًا)على رأس خليج العقبة إلى ميناء دهب ومنها يتوغل لداخل سيناء برًا إلى وادي فيران مارا بجبل موسى ومن وادي فيران إلى وادي المكتب ثم سرابيت الخادم، ومنه عبر عدة أودية إلى عيون موسى إلى ميناء القلزم (السويس) ثم برا حتى نهر النيل ومنه للإسكندرية ومنها لأوروبا، وكان الأنباط يجلبون القار من البحر الميت والعطور من حضرموت والتوابل من الهند والحرير من الصين والقطن من الهند وسيلان والأخشاب من أفريقيا واستخرج الأنباط النحاس من وادي النصب بسيناء، وللأنباط آثار هامة بشمال السعودية وهي مدائن صالح والمسجلة كتراث عالمي بمنظمة اليونسكو".
وبالنسبة لدرب الحج المصرى القديم، أوضح الدكتور عبد الرحيم ريحان أنه كان ينقسم لأربعة أجزاء: الأول من صحراء القاهرة إلى عقبة أيلة، والثاني من عقبة أيلة إلى قلعة الأزلم بالسعودية، والثالث من قلعة الأزلم إلى ينبع، والرابع من ينبع إلى مكة المكرمة، وأما الجزء الخاص بطريق الحج بسيناء فينقسم لثلاث مراحل تتقارب في مسافاتها إلى حد كبير، فالأولى من بداية الطريق عند العاصمة وحتى عجرود قرب السويس وطولها 150كم، والثانية من عجرود إلى نخل بوسط سيناء وطولها 150كم، والثالثة من نخل إلى عقبة أيلة وطولها 200كم، وكانت تقطع كل مرحلة من هذه المراحل الثلاث في نحو 3 أيام بالسير بقوافل الحجيج.
وأشار إلى أن درب الحج المصرى القديم لم يكن قاصرًا على خدمة حجاج مصر فى ذهابهم وعودتهم وإنما كان يخدم حجاج المغرب العربي والأندلس وحجاج غرب أفريقيا، لافتا إلى أن أهمية هذا الدرب تزايدت خاصة مع قيام دولة سلاطين المماليك.
وأضاف، أن قافلة الحج إلى مكة المكرمة كانت بمثابة انتقال مجتمع بأكمله يضم الأمراء والجند والأئمة والأدلاء ورجال الإدارة والمؤنة والطبيب والقاضي والمختص برعاية الدواب والشعراء الذين كانوا يترنمون بالأشعار الدينية فى جو البادية، كما أن محطات هذا الطريق كانت أسواقا تجارية تحوي منتجات من مصر والشام والجزيرة العربية، أي سوقًا عربية مشتركة منذ خمسة عشر قرنًا من الزمان بمحطات الطريق الحيوية فى بركة الحاج بالقاهرة بداية الطريق وقلعة نخل بوسط سيناء وقلعة العقبة والقلاع الحجازية.