عقب براءة «الجميل وفودة».. «صوت الأمة» ترصد قوانين «سيئة السمعة» تحتاج لتعديل.. أبرزها «الإرهاب».. المادة «107» رخصة لفساد الموظفين.. والغضب الشعبي يُجبر البرلمان على رفض «الخدمة المدنية»
الإثنين، 11 أبريل 2016 05:10 م
عقب صدور حكم البراءة، أمس الإثنين، على كل من رجل الأعمال أيمن الجميل ومحمد فودة، في قضية فساد وزارة الزراعة، لاعترافهم بالواقعة، والحكم بالحبس المشدد 10 سنوات على وزير الزراعة صلاح الدين هلال ومحيي الدين قدح، وتغريمه مليون جنيه ومساعده 500 ألف جنيه، استنادًا للمادة «107» من قانون الإجراءات الجنائية، والذي ينص على «إعفاء الراشي والوسيط من العقاب، إذا اعترف في أمر وإحاطة هذه الميزة التي منحها للراشي والوسيط في حالة الاعتراف بالجريمة»، أثار ذلك استياء المستشار أسامة المرشدي، رئيس محكمة جنايات القاهرة، من المشرع بضرورة إعادة النظر في المادة «107».
وانتقد «المرشدي»، تلك المادة واصفًا إياها بـ«رخصة لإفساد الموظفين العمومين»، قائلًا: «أنه وبعد أن بان جليًا في السنوات الأخيرة أن هذا الإعفاء قد أصبح بمثابة رخصة ووقاية لطبقة جديدة من المجرمين ممن امتهنوا إفساد الموظفين العمومين كبيرهم وصغيرهم فاحترفوا جريمة الوساطة في الرشوة وهم على يقين أن طوق النجاة لهم مهما ارتكبوا من آثام هو الاحتماء بالمادة 107 مكررًا من قانون العقوبات، والاعتراف بالجرم وهو بالنسبة لهم ليس فضيلة ولا قرارًا بذنب أو تحقيقًا العدالة، فليس أهون عليهم من التضحية بشركائهم في الجريمة والاعتراف بها طلبًا للنجاة».
رصدت «صوت الأمة» عدد من القوانين التي يطلق عليها مصطلح «سيئة السمعة»، والتي أثارت جدلًا كبيرًا في الرأي العام.
- القانون رقم 94 لسنة 2015 لمكافحة الإرهاب، والذي يعد أكثر القوانين جدلًا في حزمة قوانين الإرهاب.
كان الرئيس عبد الفتاح السيسي، قد صدق عليه في منتصف أغسطس من العام المنصرم، برغم العديد من الاعتراضات التي طالت عددًا من مواد مشروع القانون، وعلى سبيل الحصر المادة رقم «8»، والتي تنص على أنه «لا يسأل جنائيًا القائمون على تنفيذ أحكام هذا القانون إذا استعملوا القوة لآداء واجباتهم، أو لحماية أنفسهم من خطر محدق يوشك أن يقع على النفس أو اﻷموال، وذلك كله متى كان استخدامهم لهذا الحق ضروريًا وبالقدر الكافي لدفع الخطر»، وفسرها الخبراء على أنها تتيح للضابط قتل من يقابله دون خوف من أية مسؤولية جنائية.
كما ضمت تلك القوانين، ما يتعلق بالسجون والمحاكمات والمواد المتعلقة بالتأمين الخاص للمنشآت العسكرية، والتي تنص على اختصاص القضاء العسكري بنظر قضايا الاعتداء على المنشآت العامة والحيوية، وهو ما يحاكم على إثره العديد من النشطاء بمحاكم عسكرية، ليفتح ذلك الباب أمام عددًا من المنظمات الحقوقية، لرفع دعاوى قضائية للطعن على دستورية هذا القانون، لعدم السماح لقوات الشرطة باستخدام الرصاص الحي في فض التظاهرات، والتعدي على الحريات داخل السجون، والقبض العشوائي على الشباب المعارض.
-قانون التظاهر
يضاف إلى ذلك، قانون التظاهر، الذي يحاكم بموجبه العشرات من الشباب أعضاء الحركات الثورية، وشكّل فتنة كبيرة المدى بين النظام الحالي وبعض القوى الثورية والشبابية والأحزاب أيضًا، والتي أقرت جميعها رفضها لذلك القانون، بعد تطبيقه فعليًا على عدد كبير من الشباب الثوري، الذي روج للتظاهر سواء ضد النظام أو للتضامن مع المقبوض عليهم، ورفض بعض الإجراءات الخاصة التي تقوم بها الدولة.
كما يقضي كلًا من «أحمد ماهر، محمد عادل» مؤسسي حركة شباب 6 إبريل، و«أحمد دومة، وعلاء عبدالفتاح» اللذان تم القبض عليهم في «أحداث مجلس الشورى»، مدة عقوبتهم بتهم خرق قانون التظاهر، وعددًا آخر من الشباب الإخواني المتهم بالمشاركة في التظاهرات التي يدعو لها أنصار جماعة الإخوان في مسيرات متفرقة بأنحاء الجمهورية.
-قانون الخدمة المدنية
أما قانون الخدمة المدنية والعدالة الاجتماعية، يعد من أكثر القوانين التي أثارت جدلًا في الشارع المصري، على الرغم من رفض مجلس النواب له، ليكون بمثابة محاولة لكسب رضا الشارع عن البرلمان ونوابه، بعد الانتقادات والهجوم الذي وجهه الموظفون والعاملون في قطاعات مختلفة من الدولة برفضه.
وعقب رفضه من البرلمان، تم رفع القانون مرة أخرى إلى الوزارات المعنية لتعديله، وعرضه مرة أخرى على المجلس وتمريره بعدها، وهو الأمر الذي أثار غضب الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي عبر عنه في العديد من الخطابات والمؤتمرات التي ظهر فيها، ليعبر عن أسفه لعدم موافقة مجلس النواب على ذلك القانون الذي من شأنه تعديل منظومة العمل.
وكان من أبرز التعديلات التي طالت القانون، تعديل الأحكام العامة والتي تشمل الدرجات الوظيفية التي ينطبق عليها القانون، والمحددة بالوظائف التخصصية والفنية والكتابية والحرفية والخدمات المعاونة، ليضاف إليهم لأول مرة: «أصحاب الأعمال من الدرجة الأولى بوظائف الإدارة العليا والتنفيذية كالمديرين ورؤساء القطاعات الكبرى».
كما اشتملت على تعديل آخر في المادة الخاصة بإمكانية ترقي أي من الموظفين المحالين إلى المحاكمة حال ثبتت تبرئته، وعدم إقصائه أو الإطاحة به، وإنما منحه أجره الوظيفي على الدرجة المرقى إليها، وهى الوارد في المادة 63 من الباب السابع الخاص بالسلوك الوظيفي والتأديب، والثالث خاص بالخصومات من الأجر، التي كانت تنص سابقًا على أنه 20 يومًا في السنة بواقع 10 أيام في المرة الواحدة، وهو ما تم تخفيفه إلى 3 أيام في المرة الواحدة.
ذلك بالإضافة إلى إدخال تعديل على المادة الخاصة بالجزاءات التأديبية، التي كانت في السابق تقتصر على الإنذار والخصم والوقف عن العمل، أضيف إليها: «الخفض لدرجات وظيفية أقل مع الاحتفاظ بالأجر المقرر، أو الخفض لدرجات وظيفية وخفض الأجر أيضًا لما كان عليه قبل الدرجة الوظيفية الحالية»، لتقوم التنسيقية الرافضة لقانون الخدمة المدنية بالعديد من الفعاليات التي ترفض ذلك القانون حتى بعد تعديله، وتهدد الحكومة والدولة بتنظيم فعاليات تصعيد ضد في حال عدم موافقتهم على التعديلات التي من شأنها أن تقوم بها الحكومة لإرضاء جميع الجهات لخروج القانون بشكل أمثل يوافق عليه الجميع دون اعتراض.
- قانون إعفاء المسئولين بالهيئات والأجهزة الرقابية من مناصبهم
وضمت جملة هذه القوانين، القانون الخاص بإعفاء المسئولين بالهيئات والأجهزة الرقابية من مناصبهم، وذلك الذي أصدره الرئيس عبدالفتاح السيسي في يوليو الماضي، والذي يجيز له إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية، إذا قامت بشأنه دلائل جدية على ما يمس أمن الدولة وسلامتها، وإذا فقد الثقة والاعتبار، وإذا أخل بواجبات وظيفته، بما من شأنه الإضرار بالمصالح العليا للبلاد، أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة، وإذا فقد أحد الشروط الصحية للمنصب الذي يشغله لأسباب صحية.
جاء ذلك بالتزامن مع ما صدر من الجهاز المركزي للمحاسبات برئاسة المستشار هشام جنينة، بشأن كشف وقائع فساد مالي وإداري بعدد كبير من الوزارات المعنية والمسئولين المتهمين في تلك الوقائع، وبناءًا على ذلك تمسك بعض النواب بضرورة أن يكون للبرلمان حق الموافقة على عزل رؤساء هذه الهيئات، دون أن يكون حق أصيل لرئيس الجمهورية فقط، وخاصة أن الدستور منح للبرلمان ضرورة الموافقة بأغلبية ثلث أعضائه على تعيين رؤساء هذه الهيئات، لينتفض عدد من النواب ضد هذا القانون.