الغضب الشعبي الفرنسي يتصاعد رغم التحسن الاقتصادي
الجمعة، 29 أبريل 2016 05:32 م
تؤشر الاحتجاجات التي خرجت ضد اصلاحات منبثقة من فلسفة ليبرالية وتخللتها اعمال عنف، الى الغضب الاجتماعي العميق في فرنسا، فيما يؤكد الرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند ان وضع البلاد «أفضل» بدعم من تقدم محرز في مجال التوظيف والنمو.
سحب من الغاز المسيل للدموع، متظاهرون ملثمون، سيارة من طراز بورش تحترق. هذه الصور للإشتباكات التي دارت الخميس في مدن فرنسية عدة على هامش التظاهر ضد تعديل قانون العمل، عبرت جليا عن هذا الغضب ومن المتوقع خروج تظاهرات اخرى الاحد في الاول من مايو وكذلك الثلاثاء عندما تبدأ مناقشة نص الاصلاحات في البرلمان.
وإذا كانت أعمال العنف سببها مجموعة من المشاغبين، على حد تعبير وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف، فانها تبقى احد اعراض التوتر الشديد في البلاد، وهو ما اقرت به الحكومة الفرنسية.
وقال رئيس الوزراء مانويل فالس في مقابلة مع مجلة «سوسايتي» الجمعة: لقد قللنا من تقديرنا لمدى تصدع المجتمع الفرنسي" الذي قال انه كان معرضا "لمزيد من الضغوط".
هذه الاحتجاجات ليست الاولى في بلد يسارع فيه الموظفون والطلاب الجامعيون والثانويون للنزول الى الشوارع. لكن الاحتجاجات الخميس كانت عنيفة، خصوصا في ضوء اصابة 78 من افراد الشرطة بجروح، ثلاثة منهم باصابات بالغة في باريس، في وقت اصيب متظاهر بجروح بالغة.
واوقفت السلطات 214 شخصا الخميس، ليرتفع عدد الموقوفين منذ بدء التظاهرات ضد قانون العمل قبل شهرين الى 961 شخصا، وفق ما اوضح كازنوف، مشددا على ان "اعمال العنف غير مقبولة. لن يكون هناك ابدا اي تهاون من جانب الدولة.
بعد عدة سنوات من الازمة الاقتصادية وارتفاع معدلات البطالة، يبدو ان الكثير من الفرنسيين فقدوا قدرتهم على الاحتمال، وهو ما يظهره انتشار التحركات الاجتماعية والصعود المطرد لليمين المتطرف في الانتخابات.
وما زاد سخط الفرنسيين هو الاعلان في فبراير عن مشروع لتعديل قانون العمل يعطي مزيدا من المرونة للشركات خصوصا من حيث تنظيم دوامات العمل، ويحدد أسس التسريح من العمل لاسباب اقتصادية.
لكن هذا المشروع يشكل عامل عدم امان بالنسبة الى الموظفين، في بلد تبلغ نسبة البطالة فيه 10 في المئة وحيث شاب من اصل اربعة عاطل عن العمل.
- تردي نوعية الحياة -
شهدت فرنسا تعبئة متعددة الاوجه: عرائض منشورة على الانترنت، اغلاق مدارس، احتجاجات متكررة، في وقت تحشد حركة "الوقوف ليلا" (نوي دوبو) الاحتجاجية كل ليلة عدة مئات من الاشخاص وسط ساحة الجمهورية في باريس ومدن فرنسية اخرى.
وحاول هولاند الطمأنة قائلا ان فرنسا "تتحسن"، عازيا ذلك الى الاعلان هذا الاسبوع عن نمو بنسبة 0،5 بالمئة في الربع الاول وانخفاض 1،7 بالمئة في معدل البطالة في اذارمارس. وقال وزير ماليته ميشال سابان "عملنا يؤتي ثماره"، متحدثا عن نمو قوي.
تشير هذه الارقام الى تحسن اقتصادي، وكان من شأنها ان تريح الحكومة، لكن يبدو انها لن تهدئ غضب الشارع.
وقال جيروم سانت ماري، رئيس شركة الابحاث والاستشارات "بولينغ فوكس" "ان شهر (شباطفبراير) شهد تحسنا كبيرا، لكنه شهر واحد فقط".
واضاف ان "خروج 60 الف شخص من طوابير العاطلين عن العمل لا ينبغي ان يحجب الصورة العامة حيث لدينا 800 الف عاطل عن العمل مسجلين منذ بداية" عهد هولاند في عام 2012.
وتابع: «لدينا بطالة مرتفعة متجذرة، ولن تتغير الأمور أو يتبدل الإنطباع في شهر».
واذا كانت الارقام تظهر تحسنا عاما، فانها تؤشر ايضا الى زيادة في عدد الوظائف غير المستقرة، وهذا بالضبط ما يندد به المتظاهرون على حد قوله.
للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية، تواجه الاجيال الجديدة احتمال تردي نوعية حياتها مقارنة بمستى معيشة اهاليهم.
واعتبر سانت ماري ان مظاهر الفقر تطاول مزيدا من الناس، بدءا بابناء الطبقة الوسطى.
وتابع: «ليس هناك التزام بالوعود التي قطعت بتحقيق تقدم اجتماعي"، مشيرا الى ان "ذلك يؤجج غضبا اكبر يزداد مع الشعور بخيانة الوعد بالدفاع عن هذا التقدم، وهو ما يتوقع عادة من اليسار ان يلتزم به».