شاهندة مقلد.. فلاحة بدرجة «ثورية»- بروفايل
الخميس، 02 يونيو 2016 09:13 م
«الفلاحة الفصيحة.. الحرة.. المناضلة الثورية النادرة».. هكذا يطلقون على الكاتبة شاهندة مقلد، التى ولدت فى قرية كمشيش، بمحافظة المنوفية، وهى أبنه لأب يعمل ضابط شرطة، ويمارس هوايته فى العزف على أوتار العود، لتبدأ ملامح شخصيتها تتكون منذ نعومة أظافرها، وهي تلميذة في ثالثة اعدادي بمدرسة شبين الكوم.
وفى شبين الكوم التقت بمدرسة يسارية هي «أبلة وداد متري» والمدرسة اليسارية تفيض حماسا وحيوية، شاهندة أحبت أبلة وداد، لكن همسات من زميلاتها تقول «ابلة وداد شيوعية»، هذا ما جعل شاهندة تتعلق بها وتطاردها لتعرف ما هي الشيوعية؟، اعطتها أبلة وداد كتاب «أصل العائلة» لكنها لم تفهم حرفا من الكتاب المعقد فأعطتها كتابا آخر أكثر تعقيدا، ولاحظ صلاح عيسى ذلك فاعطاها كتاب الاقتصاد السياسي من تأليف ليونيتيف، واستطاعت أن تقرأ وتفهم.
ومع اقترابها من عالم الكتب الاشتراكية، بدأ تحولها الفكرى يكتمل، لتعلن تمردها على عائلتها، التى رفضت ارتباطها بزوجها صلاح حسين، المناضل الاشتراكي، وتهرب من منزلها، ليضع الموت نهاية لقصة زواجهما عقب مقتل زوجها على يد «عائلة الفقي» فى الستينيات.
النشأة
كانت أسرة الكاتبة شاهندة مقلد ذات غنية، فجدها لأبيها هو الشيخ علي مقلدعمدة كمشيش، وجدها لوالدتها البكباشي محمد خالد الضابط في سلاح الحدود، والأب القائم مقام مثقف علي عادة ضباط هذا الزمان، يقرأ كثيرا، ويتحدث في السياسة دون خوف، ولا يخفي احترامه لحزب الوفد وسياساته، وهو عاشق للموسيقي وعازف ممتاز علي العود.
بداية النضال
تفتح إدراك شاهنده علي حرب فلسطين عام 1948، وشاركت فى المظاهرات بحماس عندما الغي النحاس باشا معاهدة 1936، وكانت تلاحظ أنه عندما تلتهب اي مظاهرة يقوم «البيه المأمور» برفع سماعة التليفون لكي لا يتلقي اي اوامر بفض المظاهرة.
وعندما قامت ثورة 23، تحرر الأب بعض الشيء من قيود الوظيفة ووجه برقية إلي محمد نجيب يقول فيها «مادام الدستور رائدكم، وصالح الأمة مقصدكم فإلي الإمام والله يرعاكم. بكباشي عبد الحميد مقلد «مأمور مركز سمنود».
وعندما خاضت الثورة معركة الإصلاح الزراعي كان أول من أيدها من ضباط البوليس فنقل مأمورا لمركز طلخا حيث أعتي الأسر الاقطاعية «البدراوي باشا وسراج الدين باشا»، ويظل الضابط الثائر علي علاقة بكمشيش فهي بلدته لكنها ايضا بلدة أسرة من كبار الاقطاعيين عائلة الفقي واستنادا إلي علاقة الأسرة بأنور السادات استطاعت عائلة الفقي تهريب مساحات كبيرة من الأرض من الإصلاح الزراعي عبر عقود بيع وهمية.
استشهاد الزوج
اصبحا صلاح وشاهندة ماركسيين علي الطريقة الكمشيشية أي يعيشان مع فلاحي كمشيش ويناضلان معهم يوما بيوم، والتهب النضال الفلاحي ضد عائلة الفقي ودوي الرصاص وسقط ثلاثة بلطجية استأجرتهم عائلةالفقي قتلي، ومرة أخري يظهر السادات ويقرر اعتقال 27 فلاحا وأن ينفي صلاح والفقي إلي الاسكندرية، وعائلة الفقي لا تسكت.. بعد سلسلة من المعاركيسقط صلاح شهيدا، ويشعل استشهاده معركة تصفية الاقطاع، أما شاهندة فقد جعلت من كمشيش رمزا للنضال الفلاحي ومن يوم اغتيال صلاح عيدا سنويا يؤكد تواصل النضال الفلاحي،ويعلو صوت شاهنده ليجتذب الكثيرين.
وتقرر لجنة تصفية الاقطاع استعادة الأرض المهربة وفرضت الحراسة علي أملاك عائلة الفقي وتم القبض علي كبارها، الأرض وزعت علي الفلاحين وقصر الفقي صودر وأصبح قصرا للثقافة ومركز اعلاميا، وسلمت شاهندة مفاتيح بيتها إلي لجنة من الفلاحين ليستخدمهالفلاحون متي شاءوا واسموه بيت الشعب، وتمتد سيرة كمشيش عابرة للقارات وفي 1966 يزور جون بول سارتر مصر ويطلب زيارة كمشيش ويذهل من وعيالفلاحين ويصرح سارتر وهو يغادر مصر قائلاً: «أغادركم وقد تأثرت بفلاحي كمشيش وعمال مصنع كيما»، وتمضي شاهندة لتجعل من ذكري استشهاد صلاح عيدالليساريين فتمتلئ كمشيش بزائرين شعراء ومسرحيين وموسيقي وأغاني وندوات.وفي خطاب عبد الناصر في عيد أول مايو 1967 قال «صلاح حسين استشهد بعد 14 سنة من الثورة وده معناه أن لسه فيه رجعية».
قرار بإبعادها
وإذ تأتي النكسة لتشكل شاهندة كتيبة بـ50 من فلاحي كمشيش، وسافرت معهم إلي بورسعيد، وبعد رحيل عبد الناصر يأتي السادات، ويقرر الانتقام من كمشيش ويحاصر القرية، وهدم النصب التذكاري لصلاح حسين، وصدر قرار من وزير الداخلية بابعاد20 شخصا منهم ثلاث نساء وعلي رأس الجميع «شاهندة مقلد» إلي خارج القرية، ويبقي المبعدون مشتتين لخمس سنوات حتي صدر حكم من محكمة القضاء الإداري بعدم دستورية قرار النفي.
اعتقال ابنها
وفي 1975 وعقب المظاهرات الشهيرة اعتقلت شاهندة وتتوالي مرات الاعتقال ثلاث مرات وفي المرة الرابعة هربت شاهندة، وكرد علي هروبها يعتقل ابنها الأكبر ناجي لكنها تواصل نضالها وهي هاربة، ومع تأسيس التجمع تأتي شاهندة ومعها كمشيش، وتصبح شاهندة أول أمينة للحزب في المنوفية، وتواصل شاهندة معارك الفلاحين في صفوف اتحاد الفلاحين ومعاركها في صفوف حزب التجمع.
السرطان
أمر الرئيس عبدالفتاح السيسي بتقديم العلاج اللازم على نفقة الدولة للمناضلة شاهنده مقلد بعد ثبوت اصابتها بسرطان الكبد، وتم إجراء الفحوصات والتحاليل اللازمة بمستشفى المعادي للقوات المسلحة طوال الأسبوع الماضي تمهيدًا للعملية الجراحية الدقيقة التي ستجرى لشاهندة مقلد غدًا بالمركز الطبي العالمي، وقدمت شاهندة شكرا خاص لكل من الرئيس عبدالفتاح السيسي ووزير الصحة أحمد عماد.