خبير بالبنك الدولي: الالتزام بهدف قومي أول خطوات النجاح
الأربعاء، 01 يونيو 2016 02:36 م
قال المدير الإقليمي للبنك الدولي في مصر واليمن وجيبوتي الدكتور أسعد عالم: إن التأمل في تجربة جنوب إفريقيا في إصلاح الاقتصاد والمجتمع والمؤسسات يمكن أن يقدم الكثير من الفائدة لمصر وغيرها، موضحًا أن أول عنصر للنجاح في جنوب إفريقيا كان الالتزام بهدف قومي متوافق عليه، والشعور بأهمية العدالة، وعدم النظر إلى الوراء، كما أن القيادة والشعب كانا شغوفين بالمستقبل، وحريصين على أن تكون الدولة لجميع أبنائها.
وأوضح عالم -الذي عمل من قبل في جنوب إفريقيا لمدة 3 سنوات- أن جنوب إفريقيا التي عانت في الماضي من التفرقة العنصرية والاحتراب الأهلي والفوارق الطبقية الأعلى في العالم تمتلك اليوم قصص نجاح مذهلة، مبينًا أن جنوب إفريقيا أعادت تقديم نفسها للعالم، واستطاعت في مجال اللامركزية أن تقدم نموذجا رائدا، حتى أن نصف الإنفاق يتم بقرارات من المحليات، ويخضع لشفافية الموازنة العامة؛ بما جعلها في المقدمة على المؤشر العالمي الخاص بذلك.
ولفت المدير الإقليمي للبنك الدولي – خلال ندوة عقدها المركز المصري للدراسات الاقتصادية، اليوم الأربعاء - إلى أن عدد دافعي الضرائب في جنوب إفريقيا يبلغ 16.8 مليون مواطن، من بين 50 مليونا هم تعداد السكان؛ ما يدل على تطور كبير في الالتزام المجتمعي، والإيمان بعدالة القانون وأهمية الإصلاح المالي، علاوة على أنه يتم نشر البيانات المالية على أوسع نطاق، وتحفيز الطلبة في الثانوية والجامعات على مناقشتها، كما تم تطوير النظم الإحصائية بطريقة راقية للغاية؛ لتخدم عمل المسوح المطلوبة على كل المستويات، وتدعم اتخاذ القرار السليم.
وقال عالم إن جنوب إفريقيا تعلمت من الآخرين، ولم تقلدهم، واستفادت من الدستورين الهندي والأمريكي، لكنها صنعت طريقها الخاص، وأقامت توافقات فعالة بين مناطق وطوائف المجتمع، وقد كان للقيادة الأسطورية لنيلسون مانديلا دور كبير في ذلك، منوهًا بأن تلبية حاجات الشعب كانت الهدف الأول للسياسات العامة منذ اللحظة الأولى، ورغم الاحتياج الواسع إلى نظام دعم عيني في البداية، إلا أن الجنوب إفريقيين نجحوا في إلغاء هذا النوع من الدعم تماما، وأصبحت أسعار المواد الغذائية والطاقة والخدمات خاضعة للعرض والطلب، لكن يتم دعم غير القادرين بأسلوب التحويلات المشروطة وبكافة أشكال الدعم النقدي.
وأضاف المدير الإقليمي للبنك الدولي في مصر واليمن وجيبوتي أن جنوب إفريقيا استعانت في مراحل مختلفة بالخبرات الأجنبية، لكن القيادة كانت للوطنيين طوال الوقت، كما تم تعزيز آليات مختلفة للرقابة والمتابعة والمساءلة وكبح الفساد، وأصبح الجميع يعلم من يقوم بماذا، ومن المسؤول عن ماذا، وتم قطع خطوات ضخمة على طريق ترسيخ الحكم الرشيد والنزاهة بعد أن كان الفساد متفشيا على نطاق واسع، كما تم ابتداع نظم وطنية لتطوير التعليم بالمناطق المختلفة والخدمات الصحية، مع التوسع في استخدام تكنولوجيا المعلومات في تقوية الرقابة المجتمعية على أعمال السلطة التنفيذية، وتيسير تقديم الخدمات للجميع بأسرع وقت.
من جانبها، قالت رئيس المجلس الاستشاري التخصصي للتنمية الاقتصادية التابع لرئاسة الجمهورية الدكتورة عبلة عبداللطيف: إن من الأهمية بمكان البحث بعمق في مصر عن الذي تفتقده، وما الذي يجب القيام به لتحسين الأوضاع، وكيف يمكن أن تتم المتابعة والمراقبة.
وأكدت عبداللطيف، على أن ما يضمن النجاح هو وجود هدف قومي واضح يلتزم به الجميع، وإذا كان الدستور قد حدد معالم الهدف أو الطريق، لكنه يترجم بعد ذلك إلى تفاصيل، مشيرة إلى أن رؤية مصر 2030 هي نقطة بداية يجب البناء عليها وتطويرها، وهناك اتفاق على ذلك مع وزير التخطيط، ومساع للمضي قدما نحو الخطوة التالية، وهي إقامة أوسع حوار وطني ومجتمعي حولها حتى يشعر الجميع أنهم شركاء في صناعتها، وبالتالي يصيرون مسؤولين عن إنجاحها.
وشددت على أن النقد البناء والنزيه للأوضاع الحاليّة واجب على الجميع، كما أنه الوسيلة الصحيحة لتشخيص ما هو قائم، ووضع الخطط العملية لتغييره وإصلاحه، سواء كان الإصلاح ثوريا أو تدريجيا بحسب الحال، مشيرة إلى أن القيادة ترحب بذلك، ولديها التزام قوي بتحقيق التحول، داعية إلى إصلاح شامل للجهاز الحكومي، وتحقيق تحول ناجع الى اللامركزية، والتأسيس لعدالة اجتماعية حقيقية، ووضع آليات ملزمة للتنسيق بين الوزارات، مع إعلان جدول زمني لكل ذلك.
واختتمت رئيس المجلس الاستشاري التخصصي للتنمية الاقتصادية بالقول إن الواقع يوضح أنه لا يمكن إصلاح الاختلالات كلها في وقت واحد، ومن هنا تأتي ضرورة البدء بمحركات التغيير، لذلك فإن إصلاح قواعد البيانات والمعلومات وربطها ببعضها البعض، ونشر الشفافية والمشاركة في اتخاذ القرارات، وإعادة وضم القطاع غير الرسمي، جميعها أمور لها أولوية عالية.