مصر بين فيلات الـ«trio» وتبرعات علاج المرضى
الجمعة، 08 يوليو 2016 09:09 م
«وجع القلوب، بالفقر والحاجة والعوذ اختلطت بالرفاهية والحياة الرغدة».. هكذا أجتمع النقيضان فى دقيقة واحدة على شاشة التليفزيون وخلال بث مسلسلات دراما رمضان، فى الأيام الماضية.
لكن هنا أتحدث عن الإعلانات التى انتطلقت نحو المشاهد كوابل من الرصاص تصيب من تصيب بالاكتئاب أو الامل والسعادة
هكذا جاءت الاعلانات المتناقضة فى شهر الصيام هذا العام بكثافة عن الأعوام السابقة حملت استفزازا كبيرا للمشاهد المصرى البسيط «الغلبان» قبل أى شريحة أخرى.
وعكست تلك الإعلانات حالة المصريين على أرض الواقع حيث أنقسموا لفريقان واحد فى السماء، وآخرين مازالوا يبحثون عن المواطنة، وأنسحقت الطبقة المتوسطة بينهما، حيث انجذب 90 % منها لطبقة الفقرا و10% لطبقة الأغنياء.
هكذا أثارت إعلانات شهر رمضان المتناقضة حفيظة المصريين الذين، والتى تنقسم لنوعين الأول هو الذى يقوم فيه المعلن بالإعلان عن منتج خاص لأصحاب الثروات الطائلة فى مصر، وهو عبارة عن فلل فى كمباوندات، أشبه بالمنتجعات السياحية وهى اعلانات شركة تدعى «trio»، والتى تطرح عرضا «ليك أنت وأخواتك أو أنت وأصحابك عشان متزعلوش من بعض».
وهى عبار عن ثلاث فيلات بثلاث حدائق وظهر فى هذا الإعلان ثلاثى باسم يوسف وآخر للنجم حسين فهمى، ورغم حالة السخرية التى انطلقت من المصريين البسطاء على هذا الإعلان، إلا أن كثير منهم المح ببغض، عما إذا كانت شركات العقارات المعلنة واصحابها يملكون قلوبا بين ضلوعهم أم قطعة حجر.
ففى الوقت الذى يتنازع فيه افراد الاسرة الواحدة على مكان للنوم ومنهم من بقطن العشوائيات وفريق ثالث ينام فى العراء ويذاع هذا الاعلان فى وطن 40 بالمائة من ابناءه تحت خط الفقر الذين رغما عنهم سيحقدون على الاثرياء من ابناء مجتمعهم ويشعرون بالطبقية البالغة تجاههم.
على نفس الخط نجد إعلانات «ماونت فيو» ببطلاها أحمد عز وماجد الكدوانى ويظهر هذا الإعلان شقق وفيلات ماونت فيو، على أنها احدى بقاع الجنة وأن تلك الرقعة ليست فى مصر ولا حتى لندن، ناهيك عن اعلانات اخرى عن العقارات تقول لك: «أدفع مقدم 430 الف جنيه بس وقسط الباقى على 8 سنين».
وعلى الخط الموازى لإعلانات الأثريا تجد نوع آخر مهمته جمع التبرعات عبر ابتزاز المشاعر والمتاجرة بعاطفة المصريين الرقيقة والحساسة جدا، تجد مثلا جمعية الاورمان وبنك الطعام وبنك الشفاء ومستشفيات السرطان بأنواعها والتى تدفع ملايين طائلة فى الانفاق على الحملات الإعلانية خاصة فى شهر الخير رمضان وهم لا ينفقون الملايين إلا إذا كانت ستاتى لهم باضعاف كثيرة فقد المنافسة بلغت للضرب تحت الحزام فتجد مثلا فى مستشفى 500 500 الخاصة لعلاج السرطان تقول فى إعلانها عبر اظهار المرضى بشكل غير إنسانى إحنا بنعالج كل الحالات ردا على مستشفى 57357 يوالذى يشاع أنه يعالج فقط المرضى المتوقع شفائهم بنسبة 70 بالمائة.
صارت المنافسة على من يطرح فى فى إعلانه مرضى يستحوذون اكثر على عاطفة المشاهد وليحترق المريض ولا يهم حالته النفسية وهو يتحدث بدافع الحاجة لعلاج أبنه او أبنته او أيا من ذويه، لا يهم ان يفضحه الإعلان على الملأ ليعرف الجميع انه يتسول العلاج ولا يجد قوت يومه ويكشف عوراته علانية.. المهم التبرعات على جثة اى أحد.
قبل عام كنت قد ألتقيت الكاتب الكبير وحيد حامد، وقال لى كلام هام وخطير للغاية حينما فتح هذا الملف فى سلسلة مقالات لم تكتمل ببعض الصحف بعد ان كتب يفضح هؤلاء بالمستندات وقال لى فى سياق الحوار: «هؤلاء يأكلون مال الله، ولقد تعرضت لضغوط شديدة لعدم الكتابة فى هذا الموضوع– على حد قوله.
ولما سألته لماذا لم تستأنف قال: «أنا مش ناقص قضايا انا بقيت مريض ومش قد الناس دى».