عمال النظافة والمقشة والجروف قصة حب "مجبورة "لاتنتهى واحلام مكسورة لا تتحقق

السبت، 09 يوليو 2016 04:54 م
عمال النظافة والمقشة والجروف قصة حب "مجبورة "لاتنتهى واحلام مكسورة لا تتحقق
سمر القديري - محمود فكري

في شوارع مصر وحواريها تجدهم منتشرون يحملون "المقشة والجروف والغلق"الذى يُصنع من الجلد ،يستيقظون مبكراً ليجمعون "قمامة البشر"،يرسمون ألحاناً خاصة بهم تسمعها عندما تجد الشارع التى تقطن فيه نظيفاً. لم تفارق الابتسامة وجوههم رغم ما تحمله قلوبهم من أحزان وعقولهم من هموم ، ظلوا يعملون في صمت وبتفاني رغم ادواتهم المتهالكة ورواتبهم الضعيفة ،مكنسة منحوته وعربة مكسورة وكرتونة سميكة هذه هي أدواتهم الذين يحملونها كل يوم من السادسة صباحاً حتى الثانية ظهراً دون تذمر أو قول لا.




لاشيئاً أخر سوى الرضا ،الابتسامة،الصبر والتحمل إنتظاراً لفرج الله سبحانه وتعالى ،هذه هى مفرداتهم وإيقاع حياتهم اليومى،فلا يكاد يعرفون إجازة حتى في الأعياد و يعرفهم أهل الشارع كما لا يعرفون بعضهم.



الرضا بما قسمه الله لهم ،يبدوا واضحاً على وجوههم لأنهم يسعون لكسب أرزاقهم وتوفير قوت يومهم لهم ولأولادهم ،يبذلون جهوداً كبيرة دون شكوى أو تظلم ،ينتظرون ساعة الصفر التى يُعلن فيها الحاكم أنهم من أهم فئات المجتمع كما يتعامل أمثالهم فى الدول الأوروبية.



الإبتسامة التى لاتفارق وجوههم هى عنواناً لهم ،يحبها الصغار قبل الكبار ،بها يكسبون قلوب الناس التى يقول بعضها بعض كلمات الشكر والتشجيع لهم رغم عدم إنتظارهم ،فهم ينتظرون الأجر من الله .



الصبر والتحمل،معان يتسمون بها ومهارات إكتسبوها على مدار قرون كثيرة ،فبهما يسعون وراء أرزاقهم ،يتحملون التعب ويصبرون على القدر من أجل توفير لقمة العيش لأولادهم دون ملل ،الثقل يتعب ظهورهم التى لم تٌرفع إلا مع الإنتهاء من نظافة الشارع أو المنطقة .


الأحوال الجوية السيئة لا تحيل دون اتمام هؤلاء العمال لعملهم .واصابتهم بالمرض اوتعرضهم لظروف خارجة لا تشفع لهم بالتغيب يوما دون الخصم ...ظروف معيشية سيئة واجور معدومة وحقوق مهدرة وأمراض اقتحمت أجسادهم لكن لسان حالهم صامدون .


انتظار الفرج في مفهومهم لا يعنى التوقف عن السعى، إنما يعنى لديهم الحب والإتقان فى العمل ،فيسعون فى الشوارع ينظفون وينسقون ويصلحون ما أفسده الأخرون ،يسيرون كالرسام الذى يسير بريشته على الالواح الزجاجية ليُخرج أجمل البورتيريهات ،هكذا يكونوا فنانون مبدعون يرسمون الشوارع المصرية ب"مقشة وجروف"التى تُمثل بالنسبة لهم حكاية حب وعشق لا تنتهى ،ليكثوها فى النهاية بثوب العفة .

يحملون "المقشة الجروف والغلق ،يسيرون فى الشوارع ،يرفعون مخلفات المنازل وقمامة البشر،فى رضا تام ،مقابل جنيهات معدومة ،أحلامهم مكشورة ،فرصهم فى حياة أفضل ضائعة،فلا حياة ولا تأمينات ولا زيادة مرتبات ،لكن كل هذا قد يتحول لأمل جديد فى أن يصبحون أحسن ويحققون أحلاماً باتت مستحيلة فى دولة لاتعترف إلا بكبار القوم ولا تعترف بالعدل والمساواه .

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق