خدعوك فقالوا

الثلاثاء، 16 أغسطس 2016 03:41 م
خدعوك فقالوا
كمال الهلباوي يكتب


خدعوك فقالوا إن قروض صندوق النقد الدولى أو أى قروض مماثلة، هى شهادة من تلك المؤسسات على متانة إقتصاد الدولة المستدينة أو المقترضة ، وهذا الاقتراض إذ يتم هو مما يدل على ثقة تلك المؤسسات العالمية فى مستقبل إقتصاد الدول المستدينة، والحقيقة هى مؤسسات غربية جوهرا وعالمية شكلا.


تسعى مصر اليوم للاقتراض من صندوق النقد الدولى 12 مليار دولار. وأقل ما يقال فى تلك القروض أو الديون عموما، أنها مذلة بالليل ومهانة بالنهار ، فالطفل اليوم فى مصر يولد مديونا حتى ترد مصر هذا القرض والديون الأخرى وفوائدها، أو ينهار الاقتصاد الوطنى وتصبح مصر من الدول الفاشلة - لا قدر الله ذلك - بعد أن كانت محل ثقة الصندوق ، وهى تحصل على القرض.


أخر الدواء – كما يقول العرب - هو الكى، وآخر الحلول الاقتصادية إن صح هو القرض، وبحيث يكون للاستثمار عائده بما يكفى لرد القرض ورد الفوائد المترتبة عليه.


القروض ليست حلاً للتحديات والمشكلات اللاقتصادية ، ولكن القروض قد تحل أزمة مؤقتة ثم تتفاقم تلك الازمة ولو بعد حين فى معظم حالات الاقتراض. قصة الاقتراض لمن لا يدقق جيدا فيها وفى آثارها تذكرنا بالرجل الذى وعد الأمير بأنه يستطيع أن يجعل الحمار يتكلم بعد 30 سنة أو يقتله الأمير. وعندما سأل الناس الرجل لماذا تضع نفسك فى هذا الموقف الصعب وتعرض نفسك للقتل فالحمار لن يتكلم أبدا . قال لهم الرجل غير عابئ إما أن يموت الحمار أو يموت الأمير أو أموت أنا.


وقد أعجبنى كثيرا بيان الحزب الاشتراكى المصرى الذى حذر فيه الحزب من بيع الأصول المنتجة أو الانسياق لشروط صندوق النقد الدولى وقد رأيت أن نشر البيان فى هذا المقام مهم جدا حتى لو نشره الاعلام عدة مرات . يقول البيان".


"تابع"الحزب الاشتراكى المصرى"، ببالغ الانتباه، وقائع المفاوضات التى تجريها فى مصر بعثة "صندوق النقد الدولى"، للبت فى شأن طلب الحكومة المصرية الحصول على قرض قيمته 12 مليار دولار، على امتداد السنوات الثلاث القادمة، إضافة إلى 7 مليارات دولار، ستحصل عليها من مصادر أخرى، "للمساهمة فى سد عجز الموازنة، وبناء الثقة فى أوضاع الاقتصاد المصرى، مما يدفع الاستثمارات الخارجية إلى التدفق"، حسب التصورات الرسمية !..


ومعروف للجميع الدور الذى لعبه، ويلعبه، "صندوق النقد الدولى"، و"البنك الدولى"، كأداتين من أدوات الدول الغربية الكبرى، والولايات المتحدة، والاحتكارات الرأسمالية العظمى، لتطويع الإرادة الوطنية للدول التى تطلب مساعداتهما، وقد برز هذا الدور فى أزمة اليونان الأخيرة، حيث فُرض عليها بيع مؤسسات عامة أساسية، والتخلى عن ملكية وإدارة مرافق كبرى فى البلاد، بعد أن غرقت فى مستنقع الديون، كما أن لمصر تجربة مريرة حينما قاد إسراف "الخديو اسماعيل" إلى الإفراط فى الاقتراض، الأمر الذى أدى إلى وقوع مصر بين براثن الاحتلال البريطانى لمدة ثلاثة أرباع القرن!.


ويرى "الحزب الاشتراكى المصرى" أن التوسع فى الاستدانة، لم يصلح على مدى العقود الأربعة الأخيرة، منذ أن انتهج النظام المصرى سياسة "الانفتاح الاقتصادى"، ولن يصلح الآن، كسبيل لسد عجز الموازنة المستديم، وتحريك الاقتصاد العاجز، وإخراج البلاد من عثرتها، ويلفت النظر إلى أن مصر استقبلت نحو ضعف الرقم، الذى تتفاوض مع الصندوق بصدده، فى أعقاب 30 يونيو 2013، من السعودية والكويت والإمارات، دون أن يحقق إنجازاً يُذكر، كما أن إضافة هذا الرقم إلى مايقرب من 2.7 تريليون جنيه (حجم الدين المحلى)، و54 مليار دولار، (حجم الدين الخارجى)، يُشير إلى اندفاع البلاد إلى منطقة بالغة الحرج ، ينبغى التروى الشديد تحسباً لنتائجها الخطيرة !.


إن المخرج الوحيد، فى رأى "الحزب الاشتراكى المصرى"، لا يجب أن يمر عبر منزلق بيع الأصول المنتجة من أجل الاستدانة وسداد فوائد القروض، إنما يتأتى من اتباع سياسات مغايرة تماماً لنهج الاقتراض المفرط من الخارج، الذى يهدد الاستقلال الوطنى، كما يُكبد البلاد أعباءً هائلة لخدمة الدين، فضلاً عن سداد الدين نفسه، وهذه السياسات المطلوبة تنهض على تعزيز التوجه للاعتماد على الذات، والحد من الاستيراد إلا للضرورة القصوى، وتفعيل التوجهات الإنتاجية فى الصناعة والزراعة، وإطلاق المبادرات الوطنية فى كل المجالات، وخاصةً فى مجال الاقتصاد، ومساعدة المشروعات الإنتاجية المتعثرة حتى تنهض من كبوتها، وتحميل الطبقات الغنية نصيبها من الأعباء الاقتصادية (ضرائب متصاعدة، ضرائب البورصة، حد أقصى للأجور، ...)، ومحاربة شبكة الفساد الأخطبوطية التى تعوق مسيرة التقدم، وحفز روح المقاومة والتحدى لدى أبناء الشعب المصرى،... وعلى هذا فإن"الحزب الاشتراكى المصرى" يُحذّر، من النتائج السلبية الكبيرة التى تهدد استقرار البلاد، من جرّاء الانزلاق إلى الاستجابة لشروط الصندوق، ومنها إعفاء مليونى موظف من أعمالهم، وتعويم الجنيه المصرى، وفرض ضرائب جديدة، وبيع بنوك وشركات عامة، .. إلخ، وهو ما يعنى مُجدداً، تحميل الطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل، عبء سياسات "الإصلاح الاقتصادى" التى يشترطها البنك، ويُنذر بأزمات أكبر، وانفجارات أشمل،ق د تؤدى إلى مسارات لاتحتملها أوضاع البلاد. القاهرة فى 7 أغسطس 2016".إنتهى البيان المهم.


جاء بالبيان بعض الحلول العامة كمحاور دون تفصيل، وهذا إسهام جيد من الحزب الاشتراكى المصرى، ويظل السؤال قائما، لماذا لا تجتمع الاحزاب السياسية فى مصر وتقدم حلا موحدا موسعا ومفصلا للاصلاح، وأنا على اليقين أن الشعب والحكومة والبرلمان سيرحبون كلهم بهذه المقترحات وقد يأخذون بمعظمها أو بعضها ، وهذا المقترح قد يستحث الاحزاب على الاستيقاظ من النوم العميق أو من الاسترخاء الصيفى الذى طال. وللحديث صلة وبالله التوفيق.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق