مستقبل لبنان بين رئاسة «ميشيل عون» ومخاوف من الانهيار
الخميس، 27 أكتوبر 2016 04:12 م
فراغ رئاسي عانت منه لبنان على مدار ما يقرب من عامين ونصف، فمُنذ مايو 2014 حيث انتهاء ولاية الرئيس، ميشيل سليمان؛ فشل البرلمان اللبناني في انتخاب رئيسًا جديدًا للبلاد، بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني، نظرًا لاختلافات وعدم توافق، أرجع سببها بعض المُراقبين والمُحللين السياسيين إلى جماعة «حزب الله».
لكن يبدو أن هناك نوع من التوافق تم بين التيارات اللبنانية البرلمانية المُختلفة، خلال الشهور الماضية، لحسم إشكالية الفراغ الرئاسي الذي تُعاني من لبنان، حيث أعلن رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رئيس تيار المستقبل، سعد الحريري؛ دعمه لانتخاب «عون» بالانتخابات المُقررة بنهاية الشهر الجاري؛ مُحاولة منه بحسب العديد من السياسيين لإنهاء ما تُعانيه لبنان من عدم استقرار سياسي، وخاصة في ظل أحداث المنطقة من حولها، والتطورات التي تشهدها الساحة السورية، إضافة إلى تأييد «عون» من قِبَل جماعة «حزب الله»، إلى جانب إعلان زعيم حزب «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، ومنذ شهور دعمه للمُرشح ذاته.
بعض الأصوات العربية ولا سيما الخليجية تنتقد موقف «الحريري» وخاصة أنها ترى أن «عون» هو مُرشح «حزب الله»، في حين يرى آخرون أن ذلك الأمر يُعد شأن لبناني داخلي، ومن ثم فاللبنانيون هم من يُقررون مصير بلادهم، دون غيرهم.
ديمقراطية مُقنعة
الكاتب والمحلل السياسي اللبناني، سليمان بختي، يرى أن ما يحدث على الساحة اللبنانية ما هو إلا إنعكاس لموازين قوى على المستوى الإقليمي، ومن ثم فلبنان تحتاج إلى الاستقرار الداخلي وخاصة في ظل التطورات السياسية والعسكرية التي تشهدها سوريا، مُشيرًا إلى أن التحالف الإيراني السوري الروسي فرض نفوذ بالساحة اللبنانية، تم ترجمتها إلى ما أسماه بـ«رئيس انتداب» له.
وأكد «بختي»، أن لبنان تحتاج الكثير لكي تُحقق الإستقرار، ويأتي في المقدمة استقرار الأوضاع في المنطقة، إلى جانب مشروع سياسي جيد تقوده القوى بالداخل اللبناني وليس خارجه، حتى لا يُفتَح المجال لكثير من المشاكل، مشيرًا إلى أن علاقات لبنان مع العالم العربي تحتاج إلى مزيد من التفعيل، إضافة إلى إيجاد حلول لمشاكلها الاقتصادية.
وعن الجدل الدائر حول إعلان «الحريري» عن دعمه للجنرال «عون»، فأوضح السياسي اللبناني لبوابة «صوت الأمة»، أن لبنان تبحث عن الاستقرار النسبي، وتحوّل موقف «الحريري» يهدف لتحقيق ذلك الاستقرار، إضافة إلى مكاسب سياسية له على المدى البعيد، هذا إلى جانب أن هناك أغلبية راجحة تجاه «ميشيل عون».
وقال: «لا أتصور أن تلك الانتخابات هي ما سيُحقق مستقبل زاهر للبنان، ولكنها على الأقل جزء من نقلة سياسية لفترة مُحددة، وأعتقد أن الديمقراطية المقنعة أفضل من الفراغ السياسي الذي تشهده الساحة اللبنانية لسنوات».
فيما أكد المحلل السياسي البحريني، عبد الله الجنيد، ضرورة ترك القوى السياسية اللبنانية لاختبار إرادتها، وقال لبوابة «صوت الأمة»: «لبنان الحاضر هو إرث كل العالم السياسي وقواه السياسية القائمة هي جزء من ذلك الإرث، لذلك من الجور النسبي أن نقرأ التحوّل في موقف تيار المستقبل من معطياته العامة لا الخاصة، فإن كانت كل القوى فشلت في إيجاد مخرج للأزمة الرئاسية فيتوجب البحث عن مخارج غير تقليدية، قد تقود لتأهيل لبنان لتحولات مستقبلية أكثر موائمة مع الطبيعة اللبنانية».
وتابع: «الموقف يحتمل القراءة متجاوزًا الفردية في ترشيح الجنرال «عون» إلى ما يُشبه التوافق بين أكثر من طرف داخل تيار المستقبل»، مُشيرًا إلى أن افتراض كون ذلك التوافق من ضمن الملحقات الجديدة لاتفاق الطائف، يُعد أقرب للافتراض منه للواقع.
انتقادات خليجية
وأعرب «آل الشيخ» عن أمله في أن تتغير المواقف خلال الأيام المُقبلة، وقُبيل الانتخابات، وخاصة أنه يرى أن جماهير أهل السُنة، خاصة أهل طرابلس يرفضون «عون» وبقوة، مُشيرًا إلى رؤيته بمُجازفة «الحريري» بميراث والده السياسي، خاصة في حال عدم حصول «عون» على النسبة المطلوبة لفوزه بالانتخابات، موضحًا أنها ستكون خسارته الثانية بعد مُجازفته بميراث والده التجاري والمُتمثِل في شركة «سعودي أوجيه»، والتي وصفها «آل الشيخ» بأنها جنازة تُهيئ للدفن.
وقال رئيس تحرير جريدة «السياسة الكويتية»، أحمد الجار الله، في مقال بعنوان «لبنان.. ورؤساء الوقت الضائع»: «مبادرة رئيس تيار المستقبل سعد الحريري الأخيرة، لم ولن تنتهي إلى نتيجة لأن حزب الله، لن يقبل التخلي عن سلطة الأمر الواقع، التي جعلت بيروت كما قال وزير الإستخبارات الإيراني السابق، حيدر مصلحي، واحدة من العواصم الأربع التي تُسيطر عليها طهران وتتحكم بها، وهي دمشق وبغداد وصنعاء وبيروت»، مُتسائلًا: «هل يعتقد الحريري أن من لديه هذه القوة سيقبل بعودة الروح إلى المؤسسات الدستورية، أو أقله القبول بوجود رئيس جمهورية صوري، كميشيل عون؟».
مخاوف مستقبلية
كما أعرب «الجسر» عن مخاوفة في حال عدم وصول «عون» للرئاسة، قائلًا: «حينها قد لا تكون المشكلة داخلية فقط؛ بل إقليمية، فما لم تُحسَم معركة المعارك في سوريا، وما لم تتخل إيران عن مشروعها السياسي – المذهبي في المنطقة، وما لم تفتح صفحة جديدة من الحرب الباردة بين موسكو وواشنطن حول الشرق الأوسط وتحسم الحرب على الإرهاب؛ فإن لبنان سيبقى ضحية لكل تلك النزاعات المُحتدمة فوقه وحوله وعليه أيضًا».