بعد الفضائح والتسريبات.. كيف يرى العالم أمريكا؟
الأحد، 06 نوفمبر 2016 10:42 ص
مُخطئ من يعتقد بأن الإنتخابات الأمريكية شأنًا داخليًا وليس أكثر، فالعالم يقف صامتًا منتظرًا، بفارغ الصبر، ما سوف يُسفِر عنه السباق الرئاسي الأمريكي في هذه المرة، هكذا استهلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تقريرًا لها حول تداعيات الحدث الأمريكي.
في الهند، يصلي الهندوس اليمينيين من أجل فوز "ترامب" حتى يتمكن من هزيمة المتطرفين الإسلاميين، أما خبراء الاقتصاد في المكسيك يتوقعون انخفاض قيمة عملتهم في حالة فوز المرشح ذلك الجمهوري، بينما يبقى الشغل الشاغل لليابانيين هو ضمان استمرار الحماية العسكرية الأمريكية لبلادهم، في حين أن الأمر في السعودية بلغ مداه، عندما تصادم أحد أمراء المملكة مع "ترامب" عبر حساباتهم الرسمية، على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر".
انتخابات الفضائح
ولكن بغض النظر عن نتيجة الإنتخابات، بحسب الصحيفة الأمريكية، فإن الحملات الإنتخابية لمرشحا الرئاسة في الولايات المتحدة، قد شابها الفضائح والعنف السياسي وشبهات الفساد، بالإضافة إلى مخاوف كبيرة من احتمالات تزوير النتيجة، ما أدى في النهاية إلى تشويه صورة أمريكا أمام شعبها والعالم.
الإنتقادات دائمًا ما كانت تطال الولايات المتحدة فيما يخص سياساتها الخارجية، خاصة إبان الحرب الأمريكية في العراق، إلا أنه من النادر أن يتعرض النظام السياسي الأمريكي إلى هذا الكم من الازدراء أو السخرية على نطاق واسع.
مفارقة وتحولات
ولعل المفارقة التي ترصدها "نيويورك تايمز" في هذا الإطار أن الحملات الإنتخابية الحالية، والتي أظهرت أقبح ما في الولايات المتحدة، تأتي بعد 8 سنوات من الإشادة الكبيرة التي حظيت بها تلك الأمة بعد أن تغلبت أخيرًا على أحد أعمق صور الإجحاف والتمييز التي عاشتها أمريكا لسنوات طويلة، وذلك بانتخاب رئيس أسود لأول مرة في تاريخها.
ان التحول الكبير في النظرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية بات واضحًا بصورة كبيرة، فالسائحين الأمريكيين الذين كانوا يشعرون أنهم محل للحسد من قبل مواطني الدول الأخرى باتوا يشعرون بالحرج، بينما الشركات التي كانت تضع رموزًا أمريكية على منتجاتها لتسويقها، نصحت مؤخرًا بتجديد الحملات الإعلانية التي يقدمونها.
حتى دبلوماسيو الولايات المتحدة، والذين كانوا يتلقون الدعاوى من أجل التوسط في النزاعات بين الدول الأخرى، أصبحوا يدعون من أجل الدفاع عن الديمقراطية الأمريكية في مواجهة مزاعم تدور حول احتمالات التلاعب في نتائج الإنتخابات.
يقول الدبلوماسي الأمريكي نيكولاس بيرنز "أعتقد أن الإنتخابات الأمريكية هذه المرة ساهمت بصورة كبيرة في تغيير الصورة التي ينظر بها الناس إلينا. حيث أنهم لم يتوقعوا أن يحدث ذلك بيننا، خاصة وأننا دائمًا ما كنا نرصد الأحداث الإنتخابية التي تحدث في البلدان الأخرى".
مُثير للاشمئزاز
إلا أن رؤية الدبلوماسي الأمريكي امتدت إلى خارج الحدود الأمريكية، حيث أصبح الناس في جميع أنحاء العالم يرون أن الولايات المتحدة لم تعد النموذج الاستثنائي.
ويقول ليال ميرسر، العضو المنتدب لأحد شركات العلاقات العامة بأستراليا، أن "غالبية دول العالم لم يعد لديها الرهبة من الولايات المتحدة." وأضاف أن مشرعي ولاية سيدني اتخذوا قرارًا بالإجماع يصفون فيه المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية بـ"المثير للاشمئزاز".
وأضاف أن مثل هذا القرار ربما لا يستهدف الولايات المتحدة، وإنما شخصًا من المحتمل أن يكون رئيس أمريكا المقبل، وهو ما يعكس أن هناك تناقص في الرهبة أو حتى الإحترام تجاه أحد أهم وأكبر الحلفاء.
سخرية عربية
وفي الوطن العربي، تتواتر الإنتقادات للولايات المتحدة حول سياساتها في منطقة الشرق الأوسط، خاصة منذ الغزو الأمريكي للعراق في عهد الرئيس السابق جورج بوش، أو الإنفصال عن المنطقة في عهد الرئيس الحالي باراك أوباما، إلا أنه بالرغم من ذلك هناك من كان يتطلع للولايات المتحدة باعتبارها النموذج المثالي الذي يجب أن يحتذى به، ولكن يبدو أن هذا الأمر تغير بصورة كبيرة.
يقول الإعلامي اللبناني هشام ملحم "العرب صاروا متشككين في قدرة الولايات المتحدة على تعزيز الديمقراطية في بلدانهم، خاصة بعدما أثير مؤخرًا من فضائح أخلاقية وتسريبات إليكترونية مشينة حول مرشحي الرئاسة في الولايات المتحدة، حيث تحول الأمر من الاعجاب بالنموذج الديمقراطي في أمريكا إلى حالة من السخرية".
دعوات لوساطة إفريقية
أما في إفريقيا، والتي تعاني انقسامات سياسية مصحوبة بصراعات عرقية، فهي الأخرى قد وجدت في السخرية من الولايات المتحدة طريقًا للتوحد، حيث أطلقوا هاشتاج ساخر على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، طالبوا خلاله الإتحاد الإفريقي بالتوسط من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية في الولايات المتحدة.
وتقول ريفا ليفنسون والتي تقود أحد الشركات الاستشارية الدولية والتي يقع مقرها في واشنطن، أنها بينما كانت في رحلة عمل في غانا، أعرب المواطنون هناك عن حالة من الغضب حول ما اعتبروه عدم عدالة الحزب الديمقراطية أثناء الإنتخابات التمهيدية، والتي جمعت بين "كلينتون" والسيناتور بيرني ساندرز، وأضافت " الناس يقولون هناك أن أمريكا ليست مملكة، ورئاستها لا ينبغي أن تكون بالوراثة سواء للابن أو الزوجة".
انهيار صخرة الاستقرار
بينما في أوروبا، يقول مركز "بيو" للدراسات، في استطلاع منشور على موقعه الإليكتروني، أن 85% من الأوروبيين لا يثقون في "ترامب"، من حيث قدرته على إدارة الشئون الدولية، موضحًا أن الشعبية الكبيرة التي حظى بها المرشح الجمهوري ساهمت في تشويه صورة الولايات المتحدة أمام العالم.
فعلى الرغم من أن أوروبا تعاني من شعبة اليمينيين في المرحلة الراهنة، بحسب الباحث السياسي جيريمي شابيرو، إلا أن الغالبية العظمى من الأوروبيين يتوقعون أن تكون أمريكا صخرة الإستقرار يمكن الاعتماد عليها.