«الليبيون».. كلمة السر في انتعاش القطاع العقاري وركوده في تونس

الإثنين، 07 نوفمبر 2016 12:34 م
«الليبيون».. كلمة السر في انتعاش القطاع العقاري وركوده في تونس
ثورة الياسمين التونسية

منذ إندلاع ثورة الياسمين التونسية في الأيام الأخيرة من عام 2010، وما تلاها من أحداث أقليمية مماثلة، دخلت قطاعات الاقتصاد التونسي في حالة من التراجع الحاد، باستثناء قطاعات محدودة تباين أدائها بين التعافي تارة والركود تارة أخرى، تمثل أبرزها في القطاع العقاري الذي تأثر بنزوح مئات الألاف من الليبين أكثر من تأثره بالأوضاع الداخلية التونسية.

وقد فطنت الحكومة التونسية لاستغلال النزوح الليبي إلى أراضيها باصدار قرار قبل أيام بتيسيير إجراءات تملك الليبيين للعقارات على الأراضي التونسية، بجانب الجزائريين والمغاربة والفرنسيين أيضا وذلك بدلا من الإجراءات المعقدة سلفا، لكن القرار ربما يهم الليبيين بشكل أكبر الذين باتوا يقطنون في الأراضي التونسية بشكل دائم ما ساهم في ارتفاع اسعار العقارات سواء بغرض التمليك او الايجار باكثر من 5 أمثال ما كانت عليه قبل 2010.

خبراء ووسطاء عقاريون تونسيون قالوا لموفد وكالة أنباء الشرق الأوسط في تونس، إنه لا يمكن لأحد أن ينكر أن القطاع العقاري قد انتعش في تونس بفضل الليبيين الذين اتوا محملين بعشرات الملايين من الدولارات والعملات الأوروبية التي ساهمت بكل تأكيد في زيادة موارد الدولة من النقد الأجنبي والعملة الصعبة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي عانتها تونس بعد الثورة.

ويقول هيثم الغرياني المسئول بأحد مكاتب الوساطة العقارية والمقاولات في تونس.. إن النزوح الليبي إلى الأراضي التونسية أدى إلى مضاعفة حجم الطلب على الوحدات السكنية سواء بغرض التميلك او الأيجار وأن كانت الغالبية في بداية الأمر للايجار وهو ما ساهم في تضاعف أسعار الشقق السكنية في بعض المناطق مرتين وثلاث مرات خاصة المدن الرئيسية والساحلية.

وأضاف الغرياني، أن المستفيد الأكبر من التدفق الليبي إلى الأراضي التونسية كانت الحكومة التي انتعشت خزينتها من الدولارات والعملات الصعبة وأيضا سماسرة العقارات والمضاربين وأصحاب الشركات العقارية، مشيرا إلى أن شركته ومنذ عام 2012 قامت بمضاعفة نشاطها في البناء في المناطق التي يزداد عليها الطلب الليبي للوحدات السكنية حول العاصمة تونس.

وأشار الى انه وصل الأمر أنه من بين 18 وحدة سكنية كان يديرها فإن أكثر من ثلثيها كان يقطنه ليبيون يستأجرونها وقليل من الليبين في البداية كان يطلب وحدات سكينة بغرض التمليك، لافتا إلى أن تضاعف الطلب الليبي أدى الى انهاك القوى الشرائية للمواطن التونسي الذي لم يستطع مجاراة ارتفاع الاسعار خاصة مع ارتفاع المواد الخام للبناء والأراضي وبعد ستة اعوام من الثورة بدأ الطلب الليبي يتراجع حيث أن عمليات النزوح قد تقلصت لتبدأ حركة البيع والشراء في التراجع لكن كانت الأسعار قد تضاعفت ما أدى إلى خلق حالة من الركود التضخمي بالسوق العقاري التونسي.

وأوضح أن كثرة أعداد الليبين الوافدين إلى تونس لم ينعكس فقط على أسعار العقارات وإنما أيضا على كل مناحي الحياة في تونس حيث ارتفعت جميع الأسعار بضعفين أو أكثر مع تراجع الإنتاج.

وتشير التقديرات الحكومية الرسمية في تونس إلى أن عدد الليبين المقيمين داخل الأراضي التونسية بلغ نحو 2.67 مليون ليبي، وذلك بحسب بيان صدر لوزارة الداخلية التونسية قبل أشهر.

من جانبها، قالت سلمى الحارثي التي تعمل وسيطا عقاريا بتونس، إن الشهور الأخيرة أظهرت تراجع في الطلب على العقارات مع استقرار أعداد الليبيين أو تراجع عددهم وهو ما أدى إلى بدء موجة الأسعار في التراجع أيضا لكن الركود بدأ يظهر بقوة داخل القطاع في الأشهر الأخيرة بعد شهور عديدة من الانتعاش كان اغلبها بسبب النزوح الليبي إلى تونس.

وأضافت أن شركات المقاولات قامت بعمليات بناء كبيرة بعد عام 2012 مع زيادة أعداد الليبيين في الأراضي التونسية وكان القطاع يدخله نحو 80 ألف وحدة سنويا، وتراجع حجم المخزون العقاري المعروض من 400 ألف شقة سنويا إلى 250 ألف شقة، لكن ذلك لم يدم طويلا مع تراجع الطلب وارتفاع الأسعار فوق قدرة الشريحة العريضة من الشعب التونسي.

بدوره، يري الخبير العقاري سفيان سلامة، أن مساهمة القطاع العقاري في الناتج المحلي الإجمالي التونسي قد تراجعت من 12 في المائة قبل عامين وهو العام الذي يتزامن مع وصول معدلات النزوح الليبية إلى أعلى معدلاتها إلى 9 في المائة حاليا، وتراجع أيضا حجم المبيعات بشكل لافت للنظر.

وأشار إلى أن القطاع بدأ يدخل في دوامة التضخم لارتفاع الأسعار التي زاد فيها متوسط سعر المتر من 1200 دينار الى 4500 دينار في المدن الرئيسية ومن 500 دينار إلى 1100 دينار المدن الداخلية، حتى وصل الأمر الى بدء البنوك في فرض قيود إضافية على منح القروض في مجال الاستثمار العقاري نتيجة عدم قيام بعض المستثمرين بسداد اقساطهم.

وقالت إيمان الحامدي الخبيرة الاقتصادية في تصريح، لمراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط، إنه على الرغم من الأزمة الاقتصادية، التي مرت بها تونس عقب ثورة 2011، ظل القطاع العقاري على امتداد السنوات الأربع الأخيرة، من أكثر القطاعات انتعاشا، وجعلت الأسعار المتزايدة للعقارات في تونس، القطاع هو الأكثر جذبا للاستثمارات وحتى عمليات غسيل الأموال مع نزوح أموال ضخمة من ليبيا وتبعات الثورة التونسية.

وأضافت أن الليبيين يحتلون المرتبة الأولى في طلبات امتلاك العقارات في تونس، ويأتي بعدهم الجزائريون ثم يأتي الفرنسيون في المرتبة الثالثة، لافتة إلى أن القطاع العقاري في تونس بدأ ومنذ مطلع العام الحالي 2016 يسجل ركودا واضحا بعد وصوله الى البالونة التي كانت قد قاربت على الانفجار بسبب ارتفاع الأسعار.

مشيرة إلى أن القطاع الأن بات في أزمة حقيقية ربما اكبر من الركود مع ارتفاع الأسعار إلى معدلات مبالغ فيها ساهم فيها زيادة الطلب الأجنبي خاصة الليبي في فترة من الفترات إلى تراجع حاد في معدلات الشراء الأن نتيجة ارتفاع الأسعار لكن يبقى الطلب موجودا وغير قادر على الشراء.

من جانبها.. توقعت شركة ألفا مينا المختصة في التحاليل الإقتصادية في تونس أن تواصل أسعار العقارات في تونس في السنوات المقبلة تراجعها بنسبة لا تقل عن 15 بالمائة، مشيرة إلى أن شقة من بين كل ثلاث شقق لا تجد مشتريا وأن حجم ديون الشركات العقارية ارتفع بنسب وصلت إلى 130 بالمائة.

لكن الحكومة التونسية سارعت لانقاذ الموقف باعلانها الأسبوع الماضي بإعلانها منح مواطني المغرب العربي، الجزائر والمغرب وليبيا بجانب فرنسا الحق في امتلاك العقارات في تونس .

وقال مدير إدارة الملكية العقارية بوزارة أملاك الدولة التونسية جمال العياري إن مواطني المغرب الأقصى لهم امتيازات اضافية في الحق في امتلاك العقارات في تونس مثلهم مثل التونسيين وأن للتونسيين نفس الحقوق والامتيازات في الأراضي المغربية نافيا في الوقت نفسه أن يكون لمواطني دول الخليج العربي اتفاقيات مماثلة في تونس.

وأوضح أنه بخصوص المواطنين الليبيين ، فلهم الحق في امتلاك عقارات داخل التراب التونسي، وفق اتفاقية مبرمة في 14 يناير 1961 ومصادق عليها بالقانون عدد 1 المؤرخ في 9 يناير 1962 التي تمنح لليبيين ما تمنحه من حقوق وواجبات للتونسيين.

واعتبر الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان، قرار تمليك الأجانب للعقارات من شأنه أن يخلق نشاطا كبيرا داخل القطاع، مشيرا إلى أن المسثتمر الأجنبي سواء الليبي أو الجزائري أو الفرنسي الذي سيشتري عقارا سيدفع ثمنه وسيدخل العملة الصعبة التي تحتاجها البلاد وشرائه هذا العقار يعني أنه سيزور تونس مرارا الأمر الذي سيؤثر إيجابا على السياحة ويخلق حراكا اقتصاديا كبيرا، مطالبا بتعميم القرار على كافة الجنسيات.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة