ما مصير القضايا الخلافية بين أنقرة وواشنطن في ظل نتائج الانتخابات الرئاسية؟
الثلاثاء، 08 نوفمبر 2016 12:09 م
اهتمت الصحافة العالمية بمتابعة مجريات عملية الاقتراع الخاصة بالانتخابات الرئاسية التي انطلقت اليوم بالولايات المتحدة، في ظل تنافس شرس بين مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون، والمرشح الجمهوري دونالد ترامب، وهما الأكثر حظا لخلافة باراك أوباما في رئاسة البيت الأبيض، بينما يأتي من خلفهما مرشحين آخرين أقل حظا هما مرشح حزب "الليبرتاري" غاري جونسون، ومرشحة "حزب الخضر" جيل ستاين.
وركز الإعلام التركي على تحليل النتائج المتوقعة للانتخابات الأمريكية وتداعياتها على القضايا الخلافية الراهنة بين واشنطن و"أنقرة" الشريك الأهم في منطقة الشرق الأوسط.
أجاب البروفسور التركي مدحت بايدور، أستاذ السياسة الدولية، في لقاء تليفزيوني أن القضايا الخلافية القائمة بين واشنطن وأنقرة تتلخص في "موقف واشنطن من مشاركة تركيا في العمليات العسكرية للتحالف الدولي في الموصل والرقة، والدعم الأمريكي للجماعات الكردية في سوريا، فضلا عن رفض إدارة أوباما طلب الجانب التركي بشأن تسليم زعيم حركة الخدمة فتح الله جولن المقيم في ولاية بنسلفانيا الأمريكية".
"قضية جولن"
أوضح بايدور، أن ترامب قد يكون الأقرب لوجهة النظر التركية إزاء قضية رغبة أنقرة في استعادة فتح الله جولن، الذي توجه إليه حكومة العدالة والتنمية الكثير من الاتهامات بشأن تشكيل كيان موازي داخل الدولة، وإدارة تنظيم إرهابي، والتخطيط لإزاحة "أردوغان".
وأشار إلى آراء ترامب إزاء تركيا وأحداث يوليو الماضي، والتي تناولتها صحيفة نيويورك تايمز وشبكة الجزيرة، إذ أكد على احترامه وتفهمه لممارسات الحكومة التركية، ورغبته في عدم التدخل في الشؤون الداخلية. بينما في الجانب الآخر تأتي هيلاري كلينتون، المدعومة من جماعة الخدمة في الولايات المتحدة، والتي تبرعت بنجو 3.5مليون دولار لصالح الحملة الرئاسية للمرشحة الديمقراطية في إشارة واضحة للتقارب والتفاهم بين الجانبين.
منطقة آمنة
وحول مصير المطلب التركي بشأن إنشاء منطقة آمنة محظورة للطيران شمالي سوريا، فإن آراء أوباما وكلينتون وترامب لم تختلف حول قبول ودعم المطلب التركي، إلا أن الأمر لم يتخطى الخطابات والتصريحات.
وقالت كلينتون في المناظرة الرئاسية التي عقدت في 20 من أكتوبر الماضي، "سأواصل دعمي لمجهودات إنشاء منطقة آمنة وحظرا للطيران داخل الأراضي السورية. وهذا ليس بغرض حماية السوريين ووقف تدفق اللاجئين السوريين على تركيا فحسب، بل أيضا من أجل التصدي للنفوذ الروسية وحكومة الأسد في سوريا، وحثهما لبدء مباحثات سياسية جادة لإنهاء الصراعات الدائرة في سوريا".
وخلال نفس المناظرة، انتقد ترامب تعامل إدارة أوباما مع قضية المنطقة الآمنة، رافضا إبداء رأيه في هذه القضية بزعم "إرباك مخططات العدو في سوريا"، مشددا على أن محاربة تنظيم داعش أولوية بالنسبة له في كل وقت.
أكراد سوريا
قضية الدعم الأمريكي لقوات حماية الشعب الكردي والأكراد عامة في سوريا رغم الرفض التام من الجانب التركي، كانت مسألة خلافية بين أنقرة وواشنطن أوضح المرشحين الرئاسيين موقفهما منها.
وقال ترامب في حوار مع صحيفة (نيويورك تايمز) في يوليو الماضي، إن "نحن ندعم القوات الكردية بشكل كبير لمواجهة تنظيم داعش في سوريا، إلا أن ذلك الدعم يثير حفيظة تركيا، فكلاهما هام استراتيجيا بالنسبة لنا في المنطقة، ولذلك علينا العمل على المصالحة بين الجانبين وتقريب وجهات النظر، للحفاظ على الحلفاء الإقليميين".
أما كلينتون التي أعلنت صراحة الدعم الأمريكي لمقاتلي الأكراد والعرب في سوريا، خلال مناظرتها الرئاسية الثانية، فأوضحت أن "الأكراد في سوريا والعراق يعدا أفضل شريط إقليمي بالمنطقة، وأعلم أن ذلك يسبب إزعاج شديد لبعض الدول (في إشارة إلى تركيا)، إلا أننا نعتقد أن دعمهما بالسلاح والعداد أمرا هاما للقضاء على داعش في العراق والرقة بسوريا"، ووصفت الرئيس التركي آنذاك بـ"قليل الخبرة السياسية".
حروب المنطقة
وتناول مقرر صناديق مارشال الألمانية في أنقرة أوزجور أونلوحصارجيكلي، تأثير نتائج الانتخابات الأمريكية على حروب الشرق الأوسط، وخاصة دول جوار تركيا (سوريا والعراق)، مشيرا إلى أن فوز المرشحة الديمقراطية سيكون الأفضل بالنسبة لتركيا بشأن الحروب الدائرة على حدودها الجنوبية، إذ أن كلينتون هي الأقدر سياسيا على تولي ملفات المنطقة خلفا لأوباما الذي فشل في إدارة هذه الملفات من وجهة نظر حكومة العدالة والتنمية.
وأضاف أن كلينتون شخصية سياسية مخضرمة تولت من قبل منصب وزيرة الخارجية، وعلى دراية جيدة بالملفات الخارجية، ولن تلجأ إلى التدخل العسكري كحل أولى في القضاء على اضطرابات المنطقة، بينما المرشح الجمهوري خلفيته السياسية ضعيفة، وقد يلجأ إلى استخدام السلاح والتدخل العسكري كحل لمعظم مشاكل المنطقة.
تداعيات اقتصادية
أكد الكاتب التركي سرحات جورليان، على تداعيات نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقرر عقدها اليوم الثلاثاء على مؤشرات الاقتصاد التركي، مشيرا إلى احتمالية تأثر الصادرات التركية سلبا بشكل غير مباشر حال فوز المرشح الجمهوري ترامب، في ظل احتلال الولايات المتحدة المرتبة الخامسة في قائمة الصادرات التركية خلال التسعة أشهر الأولى من عام2016، فضلا عن احتمالية تراجع حجم تدفق رؤوس الأموال الأجنبية.
بينما في حال فوز المرشحة الديمقراطية كلينتون، فمن المتوقع ارتفاع مؤشرات الأسواق الناشئة مدعومة بالقدرة على التنبؤات السياسية قصيرة الأجل، ليتراوح سعر الليرة التركية مقابل الدولار ما بين 3.08- 3.10، ويتراجع معدل الفائدة على سندات الديون المحلية للحكومة لأقل من 10 بالمئة.