«رئيسًا لكل الأمريكيين».. هل يقدر ترامب على إنهاء الانقسام

الأربعاء، 09 نوفمبر 2016 03:44 م
«رئيسًا لكل الأمريكيين».. هل يقدر ترامب على إنهاء الانقسام
ترامب
بيشوى رمزي

"سأكون رئيسا لكل الأمريكيين"، ربما هي الجملة الأهم التي يمكن استخلاصها من خطاب النصر الذي ألقاه الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، بعد صراع طويل أمام منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون التي كانت التوقعات تصب في صالحها لأشهر طويلة، إلا أن فرصتها في تحقيق حلم الدخول إلى البيت الأبيض يبدو وأنها قد تأثرت كثيرا بعد ظهور تطورات جديدة في قضية استخدامها للبريد الإليكتروني الشخصي قبل انطلاق الحدث الانتخابي بحوالي أسبوع.

إلا أن الملفت أن شعار "رئيسا للكل" هو أنه دائما ما يرتفع في العديد من المناسبات المشابهة، والتي يترتب عليها غالبا حالة من الانقسام داخل المجتمع، وهو الأمر الذي شهده ليس فقط المجتمع الأمريكي، ولكن الداخل الحزبي في الأحزاب الرئيسية في الولايات المتحدة، وخاصة الحزب الجمهوري، والذي لم يشهد حالة انقسام مماثلة للحالة التي وصل إليها إبان الانتخابات التي أعلنت نتائجها صباح الأربعاء، بسبب التصريحات التي أدلى بها من جانب أو الفضائح التي أثيرت حوله إبان حملته الانتخابية.

تصريحات ترامب الانتخابية كانت مثيرة للجدل، وكانت المساهم الأكبر في إشعال حالة الانقسام الحالية، وهو الأمر الذي أكسبه عداء فئات كبيرة في المجتمع الأمريكي، سواء المسلمين أو المرأة أو الأمريكيين ذوي الأصول اللاتينية، أو المهاجرين أو حتى مؤسسات الدولة والإعلام التي كان يتهمها بأنه قد تتجه إلى تزوير النتائج، وهو الأمر الذي يطرح تساؤلا حول إمكانية أن يفي ترامب بوعده ليكون رئيسا لكل الأمريكيين.

المصلحة الأمريكية
يقول الخبير السياسي عمرو عبد العاطي، الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، فوز ترامب جاء بسبب قدرته على مخاطبة فئة مجتمعية داخل الولايات المتحدة تبدو الأكثر تضررا من الجانب الاقتصادي، إلا أن الوضع سوف يختلف تماما بعد فوزه، حيث أنه سيحاول تطبيق سياسات معينة يحقق من خلالها رؤيته، والتي تهدف في الأساس إلى تحقيق مصلحة الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي من شأنه التفاف الجميع وراءه.


وأضاف عبد العاطي، في تصريح لـ"صوت الأمة" أن هذا هو جوهر الديمقراطية الأمريكية، فإذا لم ينجح في تطبيقها، فسوف يفشل وبالتالي سيستبعده الناخب الأمريكي بعد أربعة سنوات.

خطاب مختلف
إلا أن الرئيس الأمريكي الجديد فشل في توحيد الحزب الجمهوري خلفه، في ضوء قيام العديد من قيادات الحزب المحافظ في الإعلان عن نواياهم صراحة بعدم انتخابه منذ قبل بداية الانتخابات الأمريكية، ولعل أبرزهم الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش وزوجته لورا، حيث أنهما قاما بإبطال صوتيهما خلال الانتخابات الرئاسية أمس، في حين أن القيادي الجمهوري ليندسي جراهام اختار التصويت لمرشح مستقل، بالإضافة إلى عدد اخر ممن أبرز القيادات الذين تولوا مناصب قيادية سواء داخل الحزب أو في الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وهو الأمر الذي يثير الشكوك حول قدرته على توحيد الأمريكيين في المرحلة المقبلة>

يرى الخبير السياسي إيميل أمين، مدير مركز الحقيقة للسياسات الاستراتيجية، أنه "من المهم للغاية أن تختلف النظرة للمرشح الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عن نظرتنا للرئيس الأمريكي المنتخب بالفعل من قبل الشعب الأمريكي." وأضاف أن الخطاب الذي سوف يتبناه الرئيس الأمريكي ترامب سيختلف تماما عن خطابه الانتخابي.

إلا أن النقطة التي أثارها أمين، في تصريحه لـ"صوت الأمة" هي أن عدم خروج المرشحة الديمقراطية بخطاب تعلن فيه هزيمتها يثير تساؤلات عديدة، خاصة وأن الفارق بينها وبين المرشح الفائز كبير بدرجة لا تسمح لها بالتشكيك في نتيجة الانتخابات، أو القول بأنه تم التلاعب بها.

انقسام نخبوي
إلا أن السر وراء نجاح ترامب يبدو لغزا كبيرا، فقد أصبح الرئيس رغم تصريحاته التي كثيرا ما أثارت الجدل، ليصبح من وجهة نظر بعض المتابعين كاسرا لقواعد السياسة القديمة، ليبتكر قاعدته السياسية الخاصة، وهو الأمر الذي يساهم بصورة كبيرة في نجاحه في إنهاء الانقسام الحالي الذي تعيشه الولايات المتحدة ويتجه بها نحو التوحد.
يقول المحلل الأمريكي مارك فيشر، في تحليل منشور له بصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أن السر في نجاح ترامب تمثل في قدرته على استخدام المعطيات السيئة التي يجب أن تمثل عائقا كبيرا أمام وصوله إلى البيت الأبيض، ليحولها إلى أسلحة يحقق بها النصر في النهاية.

وأضاف أن الرئيس الأمريكي الجديد لم يكن مقبولا من جانب النخبة في الولايات المتحدة، إلا أنه أصبح مقبولا من جانب القاعدة العريضة، وهو الأمر الذي قد يساعده في أداء دوره في المرحلة المقبلة إلى حد كبير، حيث أنه تلامس مباشرة مع مخاوف المواطن الأمريكي وقلاقله، كالإرهاب والاقتصاد وتأثير العولمة، ليثبت أنه لم يكن مجرد ملياردير يعيش في البرج الذي يحمل اسمه في منهاتن، ولكنه استطاع النزول إلى أرض الواقع، وهو المنطلق الذي قد يتحرك منه في المستقبل ليكون رئيسا لكل الأمريكيين
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة