على خطى «الإرهابية».. لجان عسكرية لـ «النهضة» التونسية (تقرير)
السبت، 12 نوفمبر 2016 08:45 م
تفاصيل جديدة كشفها الأمين العام للمنظمة العمالية التونسية عن لجان عسكرية لـ«النهضة»..وقيادات من الحركة يتحدثون عن عمليات إرهابية في الثمانينات.. والحركة شكلت جناح مماثل للنظام الخاص الإخواني في مصر.
لم يكن كافيا أن تتبرأ حركة «النهضة التونسية» من جماعة الإخوان المصرية ليتأكد بذلك رفضها للعنف؛ فالحركة التي تتباهى بتجربتها كحركة إسلام سياسي معتدلة متفتحة تواجه هذه الأيام اتهامات بتكوين «لجان عسكرية» عقب الثورة التونسية، علاوة على اعتراف قيادات من داخلها بامتلاك الحركة لجناح سري في الثمانينات قام على تنفيذ عمليات إرهابية وشارك في انقلاب 7 نوفمبر 1987.
القصة بدأت من لقاء تليفزيوني يومي الاثنين والثلاثاء من الأسبوع الماضي، على القناة التاسعة التونسية الخاصة، ظهر فيه الصحبي العمري، أحد أفراد ما يعرف بـ«المجموعة الأمنية» وهي الجناح السري لـ«النهضة»، والعسكري السابق الصادق غضبان، أحد قيادات حركة الاتجاه الإسلامي التي تحولت في 1988 إلى حركة النهضة.
واثبت «العمري» في حديثه حقيقة امتلاك «النهضة» لجناح عسكري بحكم علاقته بقيادات الحركة، مشيرًا إلى تورط هذا الجناح في تفجيرات مدينتي سوسة والمنستير في شهر أغسطس 1987. وأضاف أن هذا الجناح الذي كان يتبع وقتها حركة الاتجاه الإسلامي مسؤول أيضًا عن التخطيط لمهاجمة السجون في مسعى لإطلاق سراح عدد من قادة الاتجاه الإسلامي كان منهم راشد الغنوشي زعيم «النهضة» الحالي.
فيما روى الصادق غضبان، كواليس ليلة الانقلاب على الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة بصفته قائدا للفرقة التي كانت مُكلفة باقتحام قصر قرطاج الرئاسي ليلة 7 نوفمبر من العام 1987، وأكد «غضبان» الذي كان أحد قيادات الاتجاه الإسلامي بجانب وظيفته العسكرية إلى أن حركة «النهضة» كان بإمكانها أن تتولي هي السلطة عقب الإطاحة بـ«بورقيبة» إلا أن الحركة فضلت الدفع بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي تجنبًا للدخول في فوضى، وبرر قدرة الحركة بالاستيلاء على السلطة بأن قياداتها كانوا منتشرين في وزارات أشرفت على الانقلاب.
في الجهة المقابلة كان نائب رئيس حركة «النهضة» عبدالفتاح مورو حاضرًا، لكنه تحفظ في الرد مكتفيًا بالحديث عن وجوده خارج البلاد في الفترة التي تسرد فيها الأحداث.
بعد ذلك بيومين كان اللقاء الإذاعي مع الأمين العام للمنظمة العمالية في تونس حسين العباسي، الذي تحدث عن «جناح عسكري» جديد لـ«النهضة» لكن تم استحداثه عقب الثورة التونسية.
وجاء ذلك عندما تحدث «العباسي» عن لجان مسلحة تم تكوينها بحجة حماية الثورة لكنها كانت تحمل فكر متطرف، مقرا بعلاقتها بـ«النهضة»، قائلًا: «ما عُرف بلجان أو روابط حماية الثورة، هي عبارة عن جناح عسكري موكول له تطبيق العنف على الأرض.. ولا جدال ولا نقاش أنّ النهضة كانت هي وراءها».
وتابع: «خطأ حركة النهضة يتمثل في عدم إدانة أعمال تلك اللجان أو اتخاذ أي إجراءات ضدّها»، مشيرا إلى أنه يعتبر أن لجان حماية الثورة مشروع جناح عسكري لفكرة حرب أهلية، كانت مبرمجة وأحبطت بالحوار الوطني، وهي الأمور التي ردت عليها «النهضة» على لسان المتحدثين باسمها، إذ قال المُكلّف بالمكتب الثقافي والإعلامي، العجمي الوريمي، في تصريحات نسبت له، إن زمن الأجنحة العسكرية انتهى، معدلًا إنه لم يكن موجود من الأساس.
ويعتبر أحد المؤشرات الرامية إلى تأكيد العلاقة بين «النهضة» والمسلحين، هو عدم إدانتها للممارسات العنيفة بحجة إنها لا تريد الصدام بأي من أطراف الساحة التونسية، ليذكرك ذلك بتجربة «الحرس الثوري الإيراني» الذي تأسس مع الثورة الإيرانية ويمثل قوى فاعلة في إيران حتى الآن.
«النهضة» على خطى «الإرهابية»
تتشابه تجربة اللجان المسلحة في «النهضة» مع نظيرتها الإخوانية في مصر عندما شكل حسن البنا ما يعرف في أدبيات الجماعة بـ«النظام الخاص»، وهو الجناح العسكري الذي اعتمدت عليه الجماعة في تصفية مخالفيها وتم كشفه نهاية الأربعينات، لينتهي مع ولاية المرشد الثاني للجماعة حسن الهضيبي، مع الوضع في الاعتبار تشكيك مراقبون في جدية إنهاءه.
بنفس المنطق يأتي الجناح العسكري لـ«حركة الاتجاه الإسلامي»، -النهضة حاليًا- عندما سلحت عناصر بداخلها وخطط لاقتحام سجون وتنفيذ انقلابات عسكرية.
ويدعم التشابه بين الإخوان المصريين والنهضة -رغم تحفظ الثانية على هذه المقارنة- رأي راشد الغنوشي في الرمز الإخواني الشهير سيد قطب، إذ اعترف الأول بتعلمه من «قطب» وانبهاره به في بداية التعرف عليه، قائلًا: «كنت أقرأ وأكاد أحفظ عن ظهر قلب الظلال لأنه عندما أقرؤه كان يملأني حماسًا، كنت أشعر بأنه يعطيني نظارات أنظر بها إلى هذا العالم، وأحلل به الواقع العالمي، ولكن ماذا يعطيني التحرير والتنوير غير ما يعطيني إياه الرازي وابن كثير؟ يعطيني مادة لغوية، يعطيني رؤية عن إسلام ليس هو الذي أعيشه، هذا قرآن معلق وليس قرآنًا يمشي على الأرض».
ورغم تخلي «الغنوشي» عن موقفه من «قطب»، بعد ذلك، خاصة إنه اتهمه بأنه وضع عقولهم في صناديق محكمة الإنغلاق إلا أن ذلك لا ينفي أن «قطب» بأفكاره الجهادية كان أحد المنظرين لحركة «النهضة» ما يفسر اتجاهها إلى تشكيل كيان مسلح.
ولم يتوقف «الغنوشي» عن تراجعه في أفكار «قطب» بل اتجه إلى المزايدة على إخوان مصر، واصفًا سياسات قياداتها بـ«المرتبكة والارتجالية والمتمردة والصبيانية»، الأمر الذي يحرجه عندما يتم مقارنة انتقاداته باتجاه حركته غلى نفس الخط الذي تبناه إخوان مصر وهو العنف.