توجهات «ترامب» تجاه سياسة الحماية مدفوعة الأجر تثير مخاوف «الناتو»
الإثنين، 14 نوفمبر 2016 06:27 م
بيشوي رمزي
ربما تكون "الحماية مدفوعة الأجر" مصطلحًا جديدًا، سوف تستحدثه إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب خلال المرحلة المقبلة، في ظل إصراره على ضرورة أن تتقاضى الولايات المتحدة أجرًا على تقديم الحماية لحلفائها سواء كانوا في منطقة الشرق الأوسط، أو في المناطق الأخرى من العالم، وهو الأمر الذي أثار قلقًا كبيًرا في العديد من الأوساط السياسية من جراء السياسة الجديدة التي قد تتبناها الولايات المتحدة في المرحلة المقبلة.
التهديد الذي تفرضه السياسة الأمريكية الجديدة تمتد إلى تحالفات ربما تبدو جزءًا رئيسيًا من بنيان النظام الدولي، حيث تمثل تهديدًا مباشرًا لحلف شمال الأطلسي "ناتو"، وهو الأمر الذي دفع قادة التحالف للإعراب عن قلقهم منذ الإعلان عن نتيجة الانتخابات الأمريكية الأخيرة، والتي صعد على أثرها المرشح الجمهوري إلى البيت الأبيض.
الاشتراك المالي
كان "ترامب" قد وصف التحالف بأنه أصبح قديمًا ومتجاوزًا خلال حملته الانتخابية، موضحًا أن الولايات المتحدة ستفكر كثيرًا قبل أن تهب لنجدة أي عضو في "الناتو"، خاصة إذا ما كان هذا العضو لا يدفع اشتراكه المالي، حيث تقوم رؤية الرئيس الأمريكي الجديد على أن الولايات المتحدة تبدو بمثابة الخاسر الأكبر بسبب تكبدها الجزء الأكبر من المسؤولية المالية والعسكرية من جراء وجود هذا الحلف، بينما تبقى هناك دولًا أخرى تتقاعس عن دفع اشتراكاتها المالية.
تصريحات "ترامب" تصب في المقام الأول في صالح الجانب الروسي، والذي يشعر أن توسع حلف "الناتو" في مناطق تنظر إليها موسكو باعتبارها عمقًا استراتيجيًا لها، يمثل تهديدًا صارخًا للأمن في روسيا، وهو الأمر الذي دفع أمين عام حلف "الناتو" ينس ستولتنبرج، إلى التأكيد، في تصريحات صحفية أمس، على أن التصرف المنفرد ليس مطروحًا سواء على مستوى أوروبا أو الولايات المتحدة، معتبرًا أن وصول "ترامب" إلى البيت الأبيض بمثابة أكبر تحد يواجهه الغرب منذ عقود.
يقول الكاتب الكندي روبرت هانتر، في مقال منشور له على صحيفة "الجارديان" البريطانية، أن التخلي عن حلف "الناتو" يبقى مستبعدًا رغم تصريحات "ترامب" الرافضة لوجود هذا التحالف، حيث أن التهديدات الأمنية لا تواجه أوروبا وحدها، ولكنها تواجه الولايات المتحدة أيضًا، وهو ما يعني أن الرئيس الأمريكي الجديد يبدو محتاجًا لوجود التحالف مثل الأوروبيين تمامًا.
وأضاف الكاتب أن تصريحات "ترامب" لا تختلف في فحواها مع السياسات التي يتبناها الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، والتي تقوم في الأساس على ممارسة الضغوط على الدول أعضاء الحلف التي لا تقوم بتسديد اشتراكاتها المالية في الحلف، خاصة وأن خمسة دول فقط بين 28 دولة يمثلون أعضاء "الناتو"، هي التي تقوم بتسديد الاشتراكات المالية للحلف.
صدمة أوروبية
إلا أن المخاوف الكبيرة من جراء إقدام الرئيس الأمريكي الجديد على خفض أولوية التحالف لدى إدارته تبدو قائمة في ظل احتمالات كبيرة حول قيام روسيا بضم أراضي تابعة لدول أوروبا الشرقية، والتي كانت جزءًا من الاتحاد السوفيتي السابق إلى أراضيها، على غرار ما سبق وأن فعلته في شبه جزيرة القرم الأوكرانية قبل عامين ردًا على سقوط الرئيس الأوكراني السابق الموالي لموسكو.
ويقول الخبير العسكري جوناثان إيال، المدير الدولي للمعهد الملكي للخدمات المتحدة، أن هناك حالة صدمة وذهول في أوروبا من جراء صعود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، والذي يبدو مختلفًا تمامًا في توجهاته تجاه الحلف إذا ما قورن بمختلف الساسة الآخرين في الولايات المتحدة منذ عام 1947.
وأضاف أن توجهات "ترامب" تعني أن الولايات المتحدة ربما لم تعد تهتم بتحالفاتها الاستراتيجية مع شركاءها الأوروبيين، وهو الأمر الذي يعد بمثابة مؤشر خطر، موضحًا أن "ترامب" ينظر إلى الحلف برؤية رجل الأعمال، والذي يفكر فيما سوف يحصل عليه مقابل البقاء فيه، على عكس كل رؤساء أمريكا السابقين، والذين كانت الأولوية بالنسبة لهم دعم القيم المشتركة التي تجمع الولايات المتحدة بحلفائها، والتي تقوم على الديمقراطية والحرية.
حماية الاستثمارات
على جانب آخر، فإن وجود قوات أمريكية في القارة الأوروبية تحت إطار "الناتو"، يبدو أمرًا في غاية الأهمية، حيث أن دورها لا يقتصر بأي حال من الأحوال على حماية الأمن الأوروبي تنفيذًا لميثاق التحالف والالتزامات التي تقع على عاتق أعضاءه، ولكن أيضًا تمثل حماية مهمه للمصالح الأمريكية في القارة خلال المرحلة المقبلة.
ويقول المحلل الأمني بصندوق مارشال الألماني برونوليت، أن استمرار الجنود الأمريكيين في أوروبا يقدم ضمانًا أساسيًا ورئيسيًا لاستمرار الأعمال والاستثمارات الأمريكية في بيئة آمنة في الداخل الأوروبي، وهو ما يمثل مصلحة مهمة للجانب الأمريكي، ينبغي أن يضعها الرئيس الجديد وإدارته في اعتباره في المرحلة المقبلة، مُضيفًا أن "الرئيس ترامب هو في الأساس رجل أعمال، وأعتقد أن يدرك جيدًا أن الاستثمارات تحتاج إلى حماية".