«الموصل».. مقبرة جماعية تشهد على جرائم «داعش» (تقرير)
الثلاثاء، 15 نوفمبر 2016 08:29 ص
قاد مقاتلو «داعش» على مدى أشهر آلاف المدنيين في مسيرات إجبارية في صحراء نينوى إلى بلدة حمام العليل الصغيرة، ومع تراجعهم أمام التقدم العراقي الممنهج في الأطراف الجنوبية للموصل، تجمع مقاتلو التنظيم، وجمعوا الرجال والنساء والأطفال لاستخدامهم دروعا بشرية، وقتلوا عشرات آخرين.
عندما بدأت القوات العراقية تقترب من هذا التجمع من القرى بطول وادي نهر دجلة، فر معظم المسلحين إلى داخل الموصل، وأخذوا آلاف المدنيين معهم. لكن قبل التراجع، قاد مقاتلو «داعش» أيضا المئات إلى مكب قمامة إلى ما وراء معسكر تدريب سابق للتنظيم وأطلقوا الرصاص عليهم وقتلوهم، وتركوا الجثث وسط أكوام القمامة.
بعد أسبوع على استعادة حمام العليل، وأيام من زيارة وفد من الحكومة المركزية في بغداد للمكان، لا تزال نحو عشرة جثث متناثرة فيما بين أكوام القمامة على الطرف الغربي للبلدة. والجثث التي لا تزال هناك هي التي لم يتمكن أفراد العائلات من التعرف عليها: بعضها مقطوعة الرأس، وأخرى مقيدة الأيدي والأرجل. وقال مسؤولون عراقيون في المكان إن الرجال قتلوا بزعم التجسس للمساعدة في عملية استعادة الموصل أو لصلتهم بقوات الأمن التابعة للحكومة العراقية.
لم تكن هناك أي جهود للحفاظ على المكان عند الزيارة التي تمت الجمعة. وأفاد ضباط عراقيون بأن الكلاب البرية كانت تأكل الجثث المتحللة الملقاة على طرف كلية زراعة قديمة والتي قصفتها مؤخرا طائرة تابعة للتحالف بعد أن تجمع تنظيم «داعش» في المجمع مترامي الأطراف داخل قاعدة التدريب، وقال مهند عدنان، الضابط في الشرطة الاتحادية العراقية، «هؤلاء كانوا رجالا يعملون معنا».
وواصل: «هذا أوضح دليل على جرائم داعش (الدولة الإسلامية) ووحشيته، إنها أيضا دليل على ما يجري عندما نبطئ تقدمنا، عندما نتحرك ببطء، فإن ذلك يسمح (لتنظيم الدولة الإسلامية) بالتخطيط بشكل أفضل وقتل المزيد من الناس». وقال عدنان إن سكان البلدة أبلغوا وحدته بأن عشرات الجثث الأخرى دفنت في المكان.
استغرقت القوات العراقية جنوبي الموصل شهرا حتى تتقدم نحو 40 كيلومترا، وطردت بشكل بطيء مقاتلي التنظيم، من عشرات القرى الصغيرة بطول نهر دجلة وأنحاء الصحراء. شرقي الموصل، تقدمت القوات في بادئ الأمر بشكل أسرع، لكنها أبطأت تقدمها مؤخرا مع توغلها في المدينة الحقيقية.
وأوقف الكثير من القوات العراقية تقدمها في الموصل خلال الأيام الأربعة الماضية. ويقول القادة العراقيون إنهم يستغلون الوقت لتعزيز المكاسب على الأرض قبل التقدمات المقبلة.
وقال العميد شاكر علوان الخفاجي، قائد الفرقة الخامسة في الشرطة الاتحادية، «واجبنا فقط أن نحرر الأراضي ثم نواصل التقدم».
وأضاف: «قوات الشرطة المحلية استغرقت أكثر من عام للاستعداد لذلك والآن نكتشف أنها لم تفعل شيئا تقريبا، الكثير منهم لا وجود له، مشيرا إلى مشكلة ما يسمى بالجنود الأشباح - الجنود الذين لا وجود لهم ويتقاضون رواتب تصب في جيوب كبار الضباط أو مجندين الذين لا يظهرون في الخدمة - تلك المشكلة التي ابتليت بها أجهزة الأمن العراقية لسنوات.
ويقود علوان التقدم جنوبي الموصل منذ الإعلان رسميا عن العملية في 17 أكتوبر، ويقول إن زخمه في التقدم للأمام تأخر مرارا بسبب القوات غير الكافية للسيطرة على الأراضي التي تمت استعادتها حديثا.
ومعظم القتلى الذين عثر عليهم على الطرف الغربي للبلدة كانوا سجناء سابقين لدى تنظيم الدولة الإسلامية، بحسب قادة الشرطة الاتحادية، والمبنى الذي استخدمه المتطرفون كسجن يقع في وسط حمام العليل على شارع طليت منازله بألوان زاهية مع أشجار فواكه في حدائقها الأمامية. في الداخل، طليت الجدران باللون الأسود، والنوافذ سدت بالطوب والزنازين الانفرادية الخمسة بنيت على درج بشكل جيد.
وقال عماد علي، ساكن يعيش في شارع السجن، «لم يرغبوا في أن يعرف السجناء إذا كان الوقت نهارا أو ليلا».
معظم الناس الذين تم الإبقاء عليهم من الرجال والنساء اتهموا بارتكاب جرائم صغيرة نسبيا مثل تدخين السجائر أو مخالفة الزي الإسلامي المتشدد الذي حدده التنظيم المسلح، بحسب ضباط الشرطة الاتحادية وسكان. وقال علي إن الناس الذين اتهموا بجرائم أكثر خطورة مثل التجسس قتلوا.
وهناك غرفة أمامية بجوار المطبخ كانت تستخدم للاستجوابات. خلفها كانت هناك غرفة السجينات. قبل فرار الدولة الإسلامية، أضرم المقاتلون النار في المبنى.
وخلال الأيام الأخيرة لحكم الدولة الإسلامية في حمام العليل، ألقى مقاتلو التنظيم القبض على زوجة النقيب في الشرطة الاتحادية العراقية عدي الجبوري وأطفاله وشقيقه.
ولدى عائلة الجبوري علاقات قوية بأجهزة الأمن العراقية وكان شقيقه ضابطا في الشرطة المحلية في السابق قبل أن يستولي تنظيم الدولة الإسلامية على البلدة. وقال الجبوري "ألقوا القبض عليه قبل أن يفروا لأنهم لم يريدوه أن يساعد (القوات الحكومية العراقية)."
وقال إنه سمع من صديق له داخل الموصل أن زوجته وأطفاله نقلوا إلى الموصل على أيدي مقاتلي الدولة الإسلامية لاستخدامهم دروعا بشرية، لكن لا أحد رأى شقيقه منذ ألقاء القبض عليه.
وقال الجبوري "لم نعثر على جثته في المقبرة الجماعية، لذا قد يكون على قيد الحياة. لكن لم ننظر تحت الأرض بعد."