روسيا تراهن على «ترامب» للإفلات من عقوبات «قانون القيصر»

الجمعة، 18 نوفمبر 2016 02:08 م
روسيا تراهن على «ترامب» للإفلات من عقوبات «قانون القيصر»
بيشوي رمزي

على الرغم من أن الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب قد أعلن عن رغبته في التقارب مع روسيا، إلا أن الكونجرس استبق وصول الرئيس الجديد إلى البيت الأبيض بإصدار قانون "القيصر" الخاص بفرض عقوبات على كافة الدول التي تقدم الدعم لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، وهو القانون الذي يستهدف الحكومة الروسية، والتي تعد أكثر الدول دعما للنظام الحاكم في سوريا منذ بداية الصراع السوري قبل أكثر من خمسة سنوات.

ولم تتوقف محاولات الولايات المتحدة، تحت إدارة أوباما في استعداء الجانب الروسي عند هذا الحد، ولكنها امتدت إلى التصريحات الأخيرة التي أدلى بها الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، خلال زيارته أمس إلى ألمانيا، والذي أكد خلالها ضرورة أن تكون هناك إرادة حقيقية لدى إدارة ترامب لمواجهة روسيا في القضايا التي تتعلق بأوكرانيا وسوريا، ناصحا إياه بعدم عقد الصفقات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خاصة وأن مثل هذه الصفقات قد تضر بالأمريكيين.

تفاؤل روسي
ولكن بالرغم من تلك النبرة العدائية، يبقى الروس بالرغم من ذلك على تفاؤلهم بالمستقبل بعد نجاح ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة، حيث أظهر أحدث استطلاع للرأي تم إجراؤه في روسيا من قبل "مركز الرأي العام لعموم روسيا"، أن حوالي 46 بالمائة من الروس يتوقعون تحسن العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة، وهي النسبة التي شهدت تحسنا كبيرا إذا ما قورنت بنتيجة الاستطلاع المماثل في شهر أكتوبر، حيث لم تتجاوز نسبة التوقعات المتفائلة 29 بالمائة فقط.

التفاؤل الروسي لم يقتصر بأي حال من الأحوال على الرأي العام، ولكن امتد أيضا إلى الساسة الروس، حيث أعربت المؤسسات الحاكمة في روسيا، عن تفاؤلها، فبعد الإعلان عن فوز ترامب، التقطت وكالات الأنباء صورا للرئيس الروسي يحتسي كأسا من الشامبانيا، وذلك في أثناء اجتماع عقده مع السفراء الأجانب المتواجدين في موسكو بعد ساعات قليلة من الإعلان عن فوز ترامب، حيث أكد في كلمة له أنه يأمل في إعادة العلاقات بين القوتين العظميتين في عهد الرئيس الجديد بعدما شابه التوتر خلال حقبة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته باراك أوباما.

بينما تحدث رئيس مجلس الدوما الروسي فياتشيسلاف فولودين عن العلاقات الأمريكية الروسية، مؤكدا أنها بشكلها الحالي لا يمكن أن تكون علاقات بين دول صديقة، مضيفا "أننا نتوقع أن تكون العلاقات أكثر إيجابية، وهو الأمر الذي لن يحدث إلا بتولي الرئيس الجديد مهام منصبه."

البديل كان الأسوأ
وهنا ربما يطغى التساؤل حول الأسباب التي تدفع الحكومة الروسية إلى التفاؤل تجاه الرئيس الجديد في الولايات المتحدة، وذلك على الرغم من محاولات الإدارة الحالية الأخيرة والكونجرس لتقييد الرئيس الجديد بإصدار القوانين والتصريحات التي من شأنها تقويض أي مسعى من جانب الإدارة الجديدة لتحسين العلاقة مع الجانب الروسي.

يقول الدكتور أيمن الدسوقي، الباحث بمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أن التصريحات التي أدلى بها ترامب حول رغبته في تحسين العلاقات مع روسيا تبقى أحد العوامل الهامة في الدعم الروسي لترامب، خاصة وأن الرئيس الأمريكي الجديد نسج علاقات واسعة طيبة مع رجال المال والأعمال والسياسة في روسيا منذ عام 1987، إلا أن الأمر الأهم هو أن ترامب كان المرشح المفضل لروسيا إذا ما قورن بمنافسته هيلاري كلينتون.

وأضاف الدسوقي، في ورقة بحثية نشرت بموقع المركز، أن العلاقة بين بوتين وكلينتون تبدو عاملا رئيسيا في الموقف الروسي من ترامب، خاصة وأن الرئيس الروسي لم ينسى انتقادات كلينتون للانتخابات البرلمانية الروسية عام 2011، عندما كانت وزيرة الخارجية، واعتقاده أن هذه الانتقادات أعطت الإشارة لمعارضيه أن ينزلوا إلى الشوارع احتجاجاً. فضلاً عن مواقفها الشديدة تجاه الملفين السوري والأوكراني، وانتقادها لملف الديمقراطية وحقوق الإنسان في روسيا.

برجماتية ترامب
تحذير الرئيس أوباما لخليفته من جراء عقد الصفقات مع بوتين يأتي امتدادا لتصريحه السابق حول برجماتية ترامب، وهو الأمر الذي ربما يكون سببا في حالة التفاؤل الروسي بالرئيس الأمريكي الجديد، خاصة وأنه كرجل أعمال محنك لديه مهارة عقد الصفقات، وهو الأمر الذي ربما يسبب حالة من الذعر لدى أوروبا الغربية، في ضوء ما تستشعر به من تهديد من جراء تصاعد الدور الروسي.

يقول الدبلوماسي الروسي أليكسي بوشكوف أن أهم ما يميز الرئيس الأمريكي الجديد هو أنه لا يطغى عليه الجانب الأيديولوجي، وهو ما يبدو أمر طبيعيا إذا ما نظرنا إليه باعتباره رجل أعمال، وهو الأمر الذي يضفي انطباعا بأن ترامب لن يذهب بعيدا في الصراع مع روسيا، على غرار الإدارة الحالية أو إدارة بوش التي سبقتها.

تفاؤل حذر
ولكن يبقى التفاؤل الروسي بقدوم ترامب حذرا إلى حد بعيد، خاصة وأن الرجل ليست له خلفية كبيرة في القضايا التي تتعلق بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة، هو الأمر يتضح في العديد من التصريحات التي ادلى بها خلال حملته الانتخابية والتي اتسمت بتعارضها إلى حد كبير، وهو الأمر الذي لا يجعل الروس سعداء بالقدر المتوقع.

يقول المحلل الروسي رسلان بوكوف، مدير مركز تحليل الاستراتيجيات والتكنولوجيات في موسكو، في مقال منشور له بصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن دوائر الحكم في روسيا تبقى قلقة من جراء النهج الذي سيتبعه بوتين في سياسته الخارجية منذ اليوم الأول له في البيت الأبيض، موضحا أن الاقتصاد الأمريكي سيكون الأولوية القصوى بالنسبة له، في ضوء خبرته الكبيرة في هذا المجال، وبالتالي فربما يترك ملفات السياسة الخارجية للنخبة من الحزب الجمهوري الذين لديهم مواقف مناوئة لروسيا.

من جانبه، يرى الدكتور الدسوقي أن وصول الجمهوريين إلى الحكم في الولايات المتحدة يبقى أفضل الديمقراطيين، خاصة في ظل إصرار الإدارات الديمقراطية على التركيز على ملفات الديمقراطية وحقوق الإنسان، وهي الأمور التي تؤدي إلى تأليب المعارضة الروسية في الداخل، على عكس الجمهوريين الذين لا يتجهون إلى استخدام تلك الملفات في العلاقة مع روسيا.


 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق